Friday 23rd may,2003 11194العدد الجمعة 22 ,ربيع الاول 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

الأدب والنقد الأدب والنقد

* وجدت ابن بسام في «الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة» القسم الأول المجلد الأول ص43 وما بعدها قد قال هناك: «فصل في ذكر الأديب أبي عمر أحمد بن دراج القسطلي واثبات جملة من نظمه الفائق ونثره المعجز الورد والصدر واجتلاب ما يتعلق به ويتصل بسببه من خبر قال ابن بسام: كان أبو عمر القسطلي وقته لسان الجزيرة شاعراً وأولاً حين عده معاصروه من شعرائها المشهورين، وآخر حاملي لوائها وبهجة أرضها وسمائها الخ ص44/45، ثم أطنب عنه بما نقله مما يدل على أنه ذو باع متقدم في الأدب وتحرير الكلام على نسق عالي القدر واسع البطانة، ونقل عنه ما يلي وفي فصل من أُخرى«ولعل مقلب القلوب قد قلب قلبك الكريم للأطفال المشردين، الذين دعوك مضطرين ان تحل عنهم عُقُل النوى وتكلهم الى جبار السماء الذي أمر عباده أن ينتشروا في أرضه ويبتغوا من فضله».
ونقل عنه كذلك ص48 انه كتب «الى منذر بن يحيى حياك بتحية الملك من أحيا بك دعوة أحق، وردك رداء الاعنام، من أعلى بك لواء الاسلام مجري الأقدار باعلاء قدرك، ومصرف الليل والنهار باعزاز نصرك».
وبدراسة طرح ابن بسام المتوفى سنة 542هـ وما نقله عنه يتبين لي ما يلي بعد دراسة متأنية:
1- ان القسطلي: أديب وشاعر.
2- أنه ذو حبك جيد عالي القيمة.
3- لم ينقل عن غيره أو يستشهد.
4- له جودة في توظيف المفردات اللغوية.
5- عنده سعة نفس في المشاهد المطروحة.
6- لديه كم هائل من التجارب الحية الجزلة.
ولعلي حسب فهمي آخذ عليه ما يلي:
1- يستجدي في كلامه ويكرر.
2- يستجدي في شعره وهذا قليل.
ولولا هذا وذاك من الاستجداء لاعتبرته «موهوباً» حسب فهمي وتصنيفي ودراسة الرجل تنبي عن حدة ذكاء وحدة فهم جيد وسعة نظر وتجارب ولقد كان بامكانه أن يكون واحداً من العظام الذين تنزهوا وتجردوا وهو كذلك رحمه الله تعالى لولا ما ذكرت عنه آنفاً لأن الشعر والكلام الحر الأبي إذا داخله استجداء وتزلف يميل صاحبه الى العنف والسفه وقد يُستغل فيهلك، وإن لم يكن القسطلي كذلك بحكم سلامة دينه وعرضه ونخوته نحو الحرمات وحبه الخير للغير وتمزقه مما رأى من تعد على الدين وأهله فهو شاعر كاتب فذ قدير يُنزل منزلة النزيه السيد الجليل.
نقل عنه ابن بسام قوله من أبيات جليلة سامعة:


«أخو ظمأ يحص حشاه سبع
وأربعة وكلهم ظِماءُ
كأنجم يوسف عدداً ولكن
برؤياء هذه برح الخفاءُ
خطوب طاجتهم من دواةٍ
يموت الحزمُ فيها والدهاءُ
تراءت بالكواكب وهي ظهر
وآذن فيه بالشمس العشاءُ
فهل نظري تخفَّى أو بصدري
وضاق البحر عنها والفضاءُ
وكلهم كيوسف إذ فداه
من القتل التغربُ والجلاءُ
وان سجنٌ حواه فكم خواهم
سجون الفلك والفقر القواءُ
نقائذ فتنة وخلوفُ ذلٍ
ألذ من البقاء به الفناءُ
وان أقوت مغاني العز منهم
فكم عَمرت بهم بئر خلاءُ
وان ضاقت بهم أرض فأرض
فما بكت لمثلهم السماءُ
شموس غالها ذعرٌ وبينٌ
فهن لكل ضاحية هباءُ
فكم لبسوا من النعمى بروداً
جلاها عن جسومهم الجلاءُ
رمت بهم الحوادث نحو مولى
حماها الدين منه والولاءُ
وكم عفوا اليه لبح بحرٍ
تلاقى الماءُ فيه والسماءُ
فما ظفروا بمثلك نجم سعدٍ
به لهُمُ الى الأمل انتهاءُ
ولكن عدلوا منه حساباً
له فيما دعوك له فعناءُ
كما زجروا من اسم أبيك فألاً
فرُدَّت فيه قبل الزاي راءُ

ولا أعلم أنني حسب ذائقتي اللغوية وكوني أنظم الشعر بنوعيه أجل من هذه القصيدة شواهد حية مفردات قوية معان جزلة ترابط متراص حسن قوي بارع.
ونقل عنه كذلك قوله، وقد استجدته فأنا أنقله، قال:


فما تجاوزت قِرن الموت مُعتسفاً
إلا وقرني رخم الذل بارعه
تحيتي منه تقبيل ومعتنق
يشدني غُلُه عنه وجامعه

إلخ الأبيات
ونقل عنه قوله:


ألم تعلمي أن الثواء هو الثوى
وان بيوت العاجزين قبورُ
تخوفني طول السفار وأنه
لتقبيل كف العامري سفير
ذريني أرد ماء المفاوز آجناً
إلى حيث ماء المكرمات غير

إلى آخر ما هناك من أبيات جيدة.
وقصدي أنه جيد كبير القدر ذو موهبة لولا مرض الاستجداء وما ذهب إليه أحيانا من وعورة اللفظ.
رحمه الله تعالى رحمة واسعة، ورحم الفذ ابن بسام على ذخيرته الخيرة الجيدة وكم آمل تجاه «الذخيرة» الى أن ينبري لها لغوي أديب شاعر فيقوم بتحقيقها وتخريجها وضبطها ودراستها فإني رأيت على الغلاف مرقوم هكذا:
الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة، تأليف: أبي الحسن علي بن بسام الشنرتني المتوفى سنة 542هـ. مطبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر وكتب المقدمة د. طه حسين لكنه لم يفعل شيئاً أبداً،
وتبقى «الذخيرة» بحاجة إلى: ذخيرة

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved