الالتزام بشرعنا الإسلامي يعني في جانب منه عدم الانقياد للعواطف وعدم إطلاق العنان لروح الانتقام من الذين يعتدون على المجتمع إلى جانب الالتزام بإخضاع الجرائم والمجرمين لأحكام الشرع.
وهذا هو الوضع الأمثل لبلاد تلتزم بحكم الشريعة الإسلامية وهو ما قصد إليه سمو ولي العهد في حديثه لصحيفة «السياسة» عندما أشار إلى أن «الشعب السعودي تعامل مع ما حدث بروح العقيدة والوطنية والمسؤولية العالية» وقال سموه أيضا: «من ناحيتنا وخلافاً لما توقع البعض فإننا لن نلجأ للبطش إذ لا تزر وازرة وزر أخرى فنحن كبار بعقيدتنا وبشعبنا».
إن روح الانتقام لا مجال لها هنا لأنها تناقض مسلك الدولة المسلمة التي تزن الأمور وتحتكم الى المرجع الشرعي ولا تتسرع في اصدار الأحكام لأن التسرع المصحوب بالانتقام إنما يسيء إلى الدولة الإسلامية وإلى الشريعة التي تلتزم بها.
إن فداحة ما حدث لن يؤدي مهما كان بالمملكة الى المسلك الذي يتنافى مع عقيدتها فهذه البلاد وفي كل شأنها تستصحب معها أحكام الدين القويم التي تهدي مسيرتها وتنير طريقها.
ويعني الالتزام بالشرع أيضا حسم مثل هذه الأمور التي تستهدف ترويع الآمنين بعد أن أوقعت القتلى والجرحى ودمَّرت المنشآت، فموقف المشرِّع تجاه كل شأن واضح ومعروف ويتعامل مع الأمور حسماً وشدة بقدر خطورتها وما تشكله من تهديد.
إن انفلات المشاعر ومظاهر الانتقام يعني تقديم خدمة لا تقدَّر بثمن لهؤلاء الذين يتربصون بالاسلام والمسلمين والذين يطيب لهم وصم الاسلام بمختلف النعوت في محاولة للنيل منه.. وفي ذات الوقت فإن اخضاع الأمر للتعامل الهادئ الرزين والحسم اللازم سيخلِّص البلادَ من شرور كثيرة ويعطي الآخرين فرصة للتأمل في الأحكام الاسلامية ومواءمتها لكل حالة وهدي وسماحة الاسلام.
تحرص المملكة كثيرا استشعاراً منها لمسؤولياتها الإسلامية والعربية ان تقدم الأنموذج الأمثل في كل شأن لأن ذلك يتواءم مع صدق التزامها الاسلامي كما ان في هذا الالتزام ما يدرأ عنها وعن المسلمين بصفة عامة الاتهامات التي تشمل طائفة كبيرة من الأكاذيب من بينها الارهاب ورعايته.
|