* المدينة المنورة - مروان عمر قصاص:
يعيش المجتمع السعودي في هذه الفترة قلقا كبيرا بسبب جنوح بعض الشباب وتطرفهم وانسياقهم وراء آراء موتورة يروجها عدد من الناس الذين تجردوا من المسؤولية وتخلوا عن الوطنية ووجهوا قدراتهم نحو الشباب لترويج أفكارهم المسمومة التي نتج عنها بعض الأعمال الشاذة التي شهدتها بلادنا وكان آخرها والأخير بمشيئة الله ما حدث مؤخراً من تفجيرات ارهابية قذرة شهدتها عاصمتنا الحبيبة الرياض وراح ضحيتها عدد من الأبرياء.
وقد ارتفعت أصوات العقلاء في بلادنا وهم كثر تطالب بضرورة تكثيف مراقبة الشباب واعتبار هذه القضية مسؤولية جماعية تشارك بها كافة فئات المجتمع بدءاً من البيت ومروراً بالمدرسة والمجتمع ومراقبة سلوكيات الشباب والحد من سفر الشباب الصغار الى خارج المملكة حيث ان الكثير من الارهابيين تلقوا دروس الارهاب القذر في معسكرات الشر التي تقام تحت شعارات الاسلام وهو منها بريء، وهنا سوف نناقش هذه القضية مع عدد من المهتمين بهذا الشأن خاصة في ظل الظروف الحالية.
وجاء في الحديث الشريف «كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته» وهو حديث يبرز دور الأسرة وخاصة الأب في متابعة سلوكيات أولاده كما ان بعض أهل العلم يقولون «إن الله عزوجل يسأل الوالد عن ولده يوم القيامة قبل ان يسأل الولد عن والده» وهذه مؤشرات واضحة الدلالة على أهمية دور الوالد في مراقبة أفراد أسرته باعتبار ان البيت هو المكان الأول الذي يتم فيه اعداد رجال الغد وبناء شخصيتهم وتأهيلهم لمواجهة الحياة المستقبلية بعقلية مرنة وتولي القيام بالمسؤوليات والواجبات التي سوف يتحملها على عاتقه في المستقبل كما ان البيت هو القادر على منح تأشيرة الدخول للمجتمع وعلينا كأولياء أمور ان نعي هذه المسؤولية الهامة وان نكون قادرين على ادراك الأبعاد المهمة لهذه المسؤولية حتى نجنب أبناءنا مغبة الوقوع في انحرافات خطيرة تضر بهم وبمستقبلهم ويكون لها سلبيات كبيرة على المجتمع والوطن.
وللتعرف على وجهات النظر لعدد من المهتمين بهذه القضية تحدثنا بداية الى مدير عام فرع وزارة الشؤون الاسلامية والأوقاف والدعوة والارشاد بمنطقة المدينة المنورة الشيخ عبدالرحمن بن علي المويلحي الذي قال ان مما يسعدنا كثيرا ان الغالبية في هذه البلاد ترفض الارهاب رفضا قاطعا وتستنكر الأعمال الارهابية التي تعرض لها الوطن وهو ما ساهم في ميلاد وعي كبير بأهمية دور الأسر في تربية الأبناء ومراقبة سلوكياتهم وذلك بالعمل على غرس القيم السليمة في نفوسهم ومتابعة توجهاتهم بالحديث معهم في قضايا هامة للتعرف على توجهاتهم وتصحيح بعض المفاهيم الخاطئة التي قد يكتسبونها من بعض مرضى النفوس الذين يستغلون اندفاع الشباب ويحاولون توجيه سلوكياتهم نحو هوة الانحراف الفكري الذي يقودهم نحو الهاوية لا قدر الله.
وقال المويلحي انه يجب علينا حتى لا نرى أحداً من أبنائنا يقع في المحذور ان نراقب سلوكياتهم ونبلغ عن أي انحراف نلمسه لدى أحد منهم حتى يتم علاجه قبل ان تكتمل حلقة الانحراف ونحن بهذا نحمي فلذات أكبادنا ونحمي مكتسبات وطننا ونسجل موقفا وطنيا أصبح ضروريا في ظل ما نعيشه من انحرافات فكرية خطيرة.
يقول عبدالله بن عبدالاله خطيري عضو مجلس منطقة المدينة المنورة وأحد التربويين المعروفين بمنطقة المدينة المنورة ان قضية مراقبة سلوكيات الأبناء في ظل هذه الظروف قضية هامة وملحة خاصة بعدما شهدناه من عنف خطير ارتكبه بعض المغرر بهم من أبناء هذه البلاد وعلينا ان نبدأ بدعم جهود الدولة أعزها الله في محاربتها للارهاب اللعين واجتثاث هذا المرض من بلادنا بتجفيف منابع هذا الشر واجتثاث المروجين لها بالرأي مؤكدا على دور البيت والأسرة في هذا الجانب حيث تقع المسؤولية الأساسية على الآباء والأمهات والأقارب الذين عليهم مراقبة سلوكيات الأبناء وحمايتهم من الوقوع في هوة الانحراف الفكري الذي يقودهم نحو الهاوية.
وأكد الخطيري ان الوطن يعيش في هذه الفترة مرحلة انتقالية هامة بعد تفجيرات الرياض الأخيرة تحتاج منا جميعا الى وقفة جماعية وراء قيادتنا للتصدي لخطر هذه الممارسات المريضة التي لن تنال من صلابة الوطن ولن تؤثر على مسيرته.
وقال مدير شرطة منطقة المدينة المنورة اللواء يوسف بن نصير البنيان اننا نعيش في منعطف هام على خلفية العمل الاجرامي الخبيث الذي قامت به مجموعة منحرفة أرادت واهمة التأثير على أمن الوطن الذي هو بعون الله في مأمن من تأثير مثل هذه الأعمال المنحرفة وقال انه وفي ظل ما نعيشه من ظروف يجب علينا مواجهة هذا الحدث الكبير الذي شهده الوطن بصلابة وقوة ومراجعة مكثفة لكافة أمورنا الحياتية لتفويت الفرصة على من يريد الوطن وأمنه بسوء وقال: إن الجميع مطالبون بتوخي الحذر ومتابعة الأوضاع وأن يكون كل مواطن منا رجل أمن حتى نحمي أمننا من عبث العابثين وعلى أولياء الأمور ان يعوا دورهم ويتابعوا سلوكيات أبنائهم وخاصة المراهقين منهم حيث ان مرحلة المراهقة من أخطر المراحل التي تمر بالشاب وتعتبر نقطة تحول بارزة وأساسية في حياة الانسان وهي البداية الهامة في تكوين الشخصية السوية ولهذا فإن هذه المرحلة تحتاج منا جميعا لتكثيف المتابعة والمراقبة غير المباشرة مؤكدا على أهمية تعاون المواطن مع رجال الأمن والابلاغ فورا عن أي مشتبه به حتى تتمكن القطاعات الأمنية من متابعة الحالات الشاذة وابطال أية محاولات للعبث بأمن الوطن.
ويرى عبدالرحمن بن مهل الرحيلي عضو مجلس منطقة المدينة المنورة رئيس مجلس غرفة المدينة المنورة سابقا ان الجميع وبصوت واحد في هذه البلاد يرفضون مثل هذه الأعمال المنحرفة والشاذة ولهذا فإن هؤلاء جميعاً مطالبون بممارسة أدوار أكثر تفاعلا مع هذه الأحداث للحد من أنشطة عصابات الشر التي تخفي شرورها وقذارتها خلف شعارات دينية يوهمون بها الشباب الذين يقعون في حبائل الأشرار ويصبحون قنابل موقوتة في ظل غياب الرقابة عليهم وقال: إن متابعة الأبناء خلال هذه الفترة مسؤولية الوالدين والمدرسة وأكد على أهمية دور البيت والمدرسة في تنمية الوازع الديني السليم البعيد عن التطرف والأفكار المنحرفة وإبعاد الأبناء عن مروجي الأفكار وتوعيتهم بأهمية وضرورة الابلاغ عن المشبوهين، ويقول الرحيلي: انه مما لا شك فيه ان فترة المراهقة من الفترات الحرجة في شخصية الانسان والتي تستحق أكثر من وقفة، ويجب على أولياء الأمور خلال هذه الفترة ان يكونوا حذرين في التعامل مع الأبناء ومتابعتهم ومراقبة رفاقهم مشيرا الى ان الدراسات الاجتماعية تؤكد ان وقوع الشباب ضحية الانحرافات راجع الى أصدقاء السوء مطالبا بضرورة العمل على متابعة أصدقاء أبنائهم ومراجعة سلوكياتهم، واختتم الرحيلي حديثه معربا عن ثقته بأن الجميع يعي مسؤولياته في هذه الفترة.
من جانبه يرى مدير عام التعليم بمنطقة المدينة المنورة الأستاذ بهجت بن محمود جنيد ان التربية جزء لا يتجزأ من العملية التعليمية بل انها أساس هام من أسسها مشيرا الى ان تغيير مسمى وزارة المعارف الى وزارة التربية والتعليم يجسد هذا الترابط بين التربية والتعليم وقال ان معالي وزير التربية والتعليم كثيرا ما يوجه بالاهتمام المكثف بكل ما يتعلق بالتربية من خلال الاهتمام بمدرسي المرحلة الابتدائية التي تعتبر المحطة الأولى للطفل بعد خروجه من بيته وقال جنيد ان ادارة التعليم تهتم كثيرا بتطوير هذه المرحلة وكافة المراحل وتركز على اتباع أفضل الأساليب التربوية في التعامل مع الطلاب ويبذل المشرفون التربويون جهودا كبيرة لمتابعة أوضاع وسلوكيات الطلاب خلال اليوم الدراسي للحد من أسباب الانحرافات والسلوكيات الخاطئة، وطالب جنيد بتعاون أكبر بين البيت والمدرسة لتحمل المسؤولية المشتركة بين الطرفين حول التربية وأساليبها ومجالاتها وخاصة في هذه الفترة التي يمتحن فيها الوطن في أمنه وهو ما يشعرنا بالمزيد من المسؤولية والوعي وأعتقد ان الأسرة التعليمية تعي هذه المسؤوليات والمخاطر ويجب على كل فرد في هذه الأسرة ان يراقب سلوكيات الطلاب ويعمل على تقويمها نحو الأفضل والبعد عن الآراء المنحرفة والضالة والمضلة حتى يبتعدوا عن الوقوع في حبائل الأشرار.
وأبدى خالد بن حامد معلا نائب رئيس مجلس ادارة الغرفة التجارية الصناعية بالمدينة المنورة رغبته بضرورة تكثيف أولياء الأمور مراقبتهم الفاعلة لسلوكيات الأبناء والتفاعل مع الأجهزة الأمنية في الابلاغ الفوري عن أية شكوك حول أية شبهات قد تقود الى تفويت الفرصة على بعض المنحرفين من حملة الأفكار المنحرفة للنيل من أمن الوطن كما حدث مؤخرا في مدينة الرياض وقال ان هذه الحوادث يجب ان تكون مفصلية وان تشعرنا بمسؤولية أكبر نحو المستقبل وان نشارك جميعا في جهود الدولة أعزها الله في محاربة الارهاب والحد من أخطاره المحدقة بالجميع لأننا بتنا مستهدفين من فئة مارقة أكدت كافة الآراء أنها فئة تحارب الدين.
وأبدى وكيل امارة منطقة المدينة المنورة المساعد الأستاذ عبدالرحمن بن محمد آل منير أسفه الشديد لوجود بعض الآراء المنحرفة حتى بعدما حدث من تفجيرات راح ضحيتها عدد من الأبرياء وأهدرت دماء معصومة وقال: إن هذه القلة يجب ان تقف عن هذه الأفكار ويجب علينا جميعا العمل على محاربة الارهاب الشائن باعادة صياغة ثقافة الشباب والعمل على ابعادهم عن الأفكار المنحرفة مطالبا بالبدء بثقافة الطفل التي هي مسؤولية يتحمل تبعاتها البيت والمدرسة ووسائل الاعلام عبر قنواته المتعددة وطالب أولياء الأمور بالتركيز على تثقيف الطفل بمناهج وأساليب تواكب ثقافتنا مع الأخذ بالاعتبار امكانيات الطفل ومواكبة محدودية ادراكه وفهمه.
ويقول الأستاذ بدر الفهيدي مدير ثانوية الملك فهد بالمدينة المنورة: ان ما حدث في الرياض مؤخرا أمر خطير وانقلاب يجب ان نواجهه بقوة وصلابة متضامنين مع جهود الدولة في محاربة آفة الارهاب القذر الذي أصبح شبحا يهدد استقرار الأمم والشعوب في كافة اقطار العالم وقال الفهيدي: إن لأولياء الأمور دوراً كبيراً في متابعة سلوكيات الأبناء مؤكدا ان تربية الأبناء من أهم وأخطر المراحل في الحياة ونجاحها يساهم في بناء جيل جيد واع بعيد عن الانحرافات الفكرية التي تقود الى أعمال منحرفة يذهب ضحيتها أبرياء بسبب أفكار مريضة يروجها بعض الجهلة تحت ستار الدين الاسلامي الذي يرفض التعدي على حقوق الغير.
نهاية المطاف
وبعد هذه الجولة مع عدد من المهتمين بهذا الشأن الوطني الهام ومن خلال طرحهم الفاعل نستطيع ان نحدد محاور القضية فيما يلي:
1- أمن الوطن واستقراره مسؤولية جماعية تحتاج لوقفة وطنية من الجميع.
2- ضرورة الاهتمام بتربية الشباب في البيت والمدرسة وابعادهم عن الأفكار المنحرفة.
3- ضرورة الابلاغ عن المشبوهين وتكثيف تعاون المواطنين مع الأجهزة الأمنية.
4- استنكار شديد لعملية التفجيرات الأخيرة واستنكار لبعض الأفكار المساندة للفكر المنحرف.
5- اجماع على ضرورة اعادة صياغة الثقافة العامة والبعد عن التطرف للحد من انتشار الأفكار المنحرفة والشاذة.
|