ومن الأمور المهمة التي ينبغي للمسلم أن يتحلى بها في أوقات الفتن:
* وكما في حديث سمرة بن جندب قال:« كان يأمرنا اذا فزعنا بالصبر والجماعة والسكينة».
وبالصبر يظهر الفرق بين ذوي العزائم والهمم وبين ذوي الجبن والضعف، ولذلك وعى السلف الصالح أهمية الصبر عند وقوع الفتن فعن الزبير بن عدي قال: «دخلنا على أنس بن مالك فشكونا اليه ما نلقى من الحجاج، فقال: اصبروا، لا يأتي عليكم زمان إلا والذي بعده شر منه حتى تلقوا ربكم، سمعت هذا من نبيكم».
ثامناً: النظر في عواقب الامور: ففي زمن الفتن ليس كل مقال يبدو لك حسناً تظهره، ولا كل فعل يبدو لك حسناً تفعله، فالقول والفعل زمن الفتنة يترتب عليه امور، وقد يبنى عليه اعتقادات واعمال واقوال لا تكون عاقبتها حميدة، وسلفنا الصالح احبوا السلامة في الفتن فسكتوا عن بعض الامور طلباً للسلامة في دينهم، ولا يعني هذا السكوت عما ظهر الحق فيه وبان وإنما ينصرف الكلام الى ما أشكل فهمه ولم يتضح امره وعاقبته فلا يصح الخوض فيه.
ويقول عليه الصلاة والسلام: «كفى بالمرء إثماً ان يحدث بكل ما سمع، ولذلك حرص سلفنا الصالح على التثبت والحذر من الإشاعة، قال عمر رضي الله عنه: إياكم والفتن فإن وقع اللسان فيها مثل وقع السيف».
ويقول سبحانه {وّلا يّجًرٌمّنَّكٍمً شّنّآنٍ قّوًمُ عّلّى" أّلاَّ تّعًدٌلٍوا اعًدٌلٍوا هٍوّ أّقًرّبٍ لٌلتَّقًوّى"} *المائدة: 8* فلا بد من العدل في الاقوال والاعمال على مستوى الفرد والجماعة، وكم هزم اقوام وسقطت دول بسبب الظلم والجور وقلة العدل والإنصاف.
الحادي عشر/ عدم تطبيق ما جاء من احاديث الفتن على الواقع: فمراجعة احاديث الفتن تكثر في مجالس الناس ومنتدياتهم وقت المحن، فيذكرون هذه الاحاديث وان هذا وقت حصولها ووقوعها، وكم سمعنا عن اناس انزلوا النصوص الواردة في الفتن على احداث عظيمة ونوازل معاصرة فلما انكشفت هذه الامور اتضح عدم صحة هذا الاستدلال مما أورث استهانة بهذه النصوص عند بعض الناس وذلك نتيجة لهذا المنهج الخاطىء.
والواجب كما هو منهج اهل السنة والجماعة ذكر احاديث الفتن على سبيل التحذير منها، ومباعدة المسلمين عن الوقوع فيها، مع اعتقاد صحة ما اخبر به النبي صلى الله عليه وسلم وألا تنزل النصوص على الوقائع المعاصرة والحادثة الا حين تحققها واتضاح امرها.
الثالث عشر/ التعوذ بالله من الفتن: فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يتعوذ بالله كثيراً من الفتن كما في حديث زيد بن ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:« تعوذوا بالله من الفتن ما ظهر منها وما بطن»، وما كان النبي يتعوذ من الفتن الا لأنها اذا اتت لا تصيب الظالم وحده وانما تصيب الجميع.
هذا ونسأل الله تعالى ان يجنبنا الفتن ما ظهر منها وما بطن، وأن يرينا الحق حقاً ويرزقنا اتباعه ويرينا الباطل باطلاً ويرزقناه اجتنابه.
(*) ا لمعيد بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
|