هل من قام بهذا العمل المشين في تفجيرات الرياض يمت إلى المنهج الشرعي أو أخلاق الإسلام ومثله بصلة؟
* هل من شارك في الحادث الأليم بكامل قواه العقلية؟
* هل من يفرح بمثل هذه الأعمال التخريبية صحيح الفكر والمنهج؟
* هل مسؤولية المحافظة على الممتلكات والمكتسبات في هذا الوطن تخص رجال الأمن وحدهم؟
* هل أدى العلماء والدعاة والوعاظ والمربون والكتَّاب بل والأسرة والمدرسة والمجتمع بأسره دورهم تجاه الناشئة والشباب؟
أسئلة كثيرة وتساؤلات متلاحقة تفرض نفسها عقب الحادث الاجرامي الذي حدث مساء يوم الاثنين الحادي عشر من شهر ربيع الأول لما تسببت فيه هذه الجريمة النكراء من اعتداء على حرمات الناس في نفوسهم وممتلكاتهم وأموالهم، وما أحدثته تلك الأعمال التخريبية من الإخلال بالأمن العام في البلاد وما تضمنه هذا العمل الاجرامي من مجموعة من المحرمات في الاسلام من غدر وخيانة وبغي وعدوان واجرام آثم وترويع للمسلمين وغيرهم.
فالأمن في الاسلام واجب شرعي، ومطلب من المطالب والمقاصد التي كفل الاسلام حفظها، وما يتعلق بها من حفظ الضرورات الخمس، وهي من مقاصد الشريعة العظام، حفظ الدين، وحفظ النفس، وحفظ العقل، وحفظ العرض، وحفظ المال، ولذلك أوجب الاسلام رعايتها والحفاظ عليها، ونهى عن الإفساد في الأرض وانتهاك حرمة الأمن، يقول تعالى: {)إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَاداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ) (المائدة:33)
ولذا فإن أي عمل إفسادي يلحق الضرر بالمسلمين وغيرهم من الذميين الآمنين الاسلام منه براء، ولا يمت للاسلام بصلة، بل هو مخالف لدين الاسلام دين الأمن والسلام والمحبة والوئام.
ولا ريب ان كل عاقل يرى ان هذا الفعل الاجرامي عمل غير مقبول لا عقلاً ولا شرعاً، لما يترتب عليه من قطع للحرث والنسل، وهدر للأموال والأنفس، وترويع للآمنين، فهو من الافساد الذي نهى الله عنه، ومن يقر بهذا العمل أو يتعاطف معه فهو مخالف لما أمر الله به من الاحسان، وكف الأذى، ومن يرى هذا الافساد عملاً مشروعاً فهو يشارك من نفذه في اختلال قواه العقلية، وهو بحاجة لمراجعة لما هو عليه، ذلك أن ما يقره هو مخالف لأحكام شريعة رب العالمين.
والى من يسعد وينتشي لمثل هذا العمل الاجرامي، نذكره بقول رب العالمين: )وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً) (النساء:93)
}، وقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «ولزوال الدنيا أهون عند الله من قتل رجل مسلم»، وقول الرسول صلى الله عليه وسلم: «ولا يزال المسلم في فسحة من دينه مالم يصب دماً حراماً»، وما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه البخاري: «من قتل معاهداً لم يرح رائحة الجنة وإن ريحها ليوجد من مسيرة أربعين عاماً».
فمن يستمع لهذه الآيات البينات والأحاديث الشريفة، ثم يخالفهما بعمل أهوج، لاشك أن في عقله خللا، وفي فكره زللا.
والمحافظة على الممتلكات والمكتسبات في هذا الوطن الغالي لا تخص رجال الأمن وحدهم، بل هي مسؤولية الجميع بل هو من الواجبات، فالمجتمع المسلم مجتمع متماسك مترابط، يقول الحق تبارك وتعالى: {وّتّعّاوّنٍوا عّلّى البرٌَ وّالتَّقًوّى" وّلا تّعّاوّنٍوا عّلّى الإثًمٌ والًعٍدًوّانٌ}، فمن التعاون على البر والتقوى، التناصح في الخير، ودفع الصائل، وردع كل من يريد الإضرار بالناس.
وليست المحافظة على الممتلكات والمكتسبات بأهم من المحافظة على الأنفس البشرية التي لها من الحرمة الشيء الكبير نظر ابن عمر يوماً الى الكعبة، فقال:«ما أعظمك وأعظم حرمتك، والمؤمن أعظم حرمة عند الله منك» ومن عظمة هذا الدين أن حفظ لغير المسلمين حقوقهم أيضاً.
إن الحفاظ على الأمن والاستقرار واستئصال بذور الفتنة وجذورها، ليست مسؤولية خاصة بأفراد وجماعات ومؤسسات دون غيرها، بل هي مسؤولية وطنية مشتركة من الجميع في البيت، والمدرسة، والمسجد، ومؤسسات الدولة كافة، لكن على العلماء والمربين وأولياء الأمور مسؤوليات خاصة في تبيان الحق، والمنهج السليم، وصرف الشباب عن الطريق المعوج، فالواجب فتح القلوب للشباب قبل فتح الأبواب، ولابد من بسط النفوس وبذلها مع الوقت والجهد، لحماية الشباب، من الأفكار المعوجة والآراء الفاسدة، ولا نشكك في الدور الذي قام به العلماء والمربون وأولياء الأمور، وما نراه عند فئة قليلة ظواهر قرأنا عنها في عصور سابقة، حينما قام الخوارج في عهد الصحابة والتابعين، وخرجوا على الأخيار، ولكن الجهود يجب أن تكون مضاعفة كي لا تزيد، ولئلا تتفاقم فيضطرب الأمن ويشيع الفساد.
نسأل الله أن يحمي وطننا وأهله من كل سوء، وأن يديم علينا نعمة الأمن والأمان، والإسلام والسلام، إنه ولي ذلك، والقادر عليه.
|