نشهد في الواقع المعايش الدور الفاعل للإعلام في حرب الثوابت التي تعرضنا لها في المقالة السابقة ونسلم بمدى هذه الفاعلية لما لمسنا من نتائج باتت ظاهرة للعيان فلم يعد الإعلام ذلك الذي يعتمد على الأخبار الصحيحة والحقائق الثابتة والأرقام والاحصاءات هو السائد وإنما لنكون واقعيين بنسبة معينة يشوبه ما يشوبه من جوانب الدعاية الهادفة للتغيير في المجتمعات.
وإن من يتابع الرسائل الإعلامية لبعض القنوات الفضائية ليلمس مدى الجهود الكبيرة التي تبذل للتغيير في المجتمعات، ويتوقف على نوعية الرسالة مستوى هذا التغير المطلوب، هل هو للحفاظ على الدين أم لخلع هذا الدين ونبذه جانباً.
إن المتأمل ليلمس مدى خطورة ما تحمله بعض هذه القنوات من مخاطر على المجتمعات وذلك ببث المفهوم العابث المتحلل للحياة بأسلوب محبب للنفس المجهدة ألا وهو الترفيه بعد نصب وتعب اليوم الكامل من العمل على سبيل المثال وتأخذ في ذلك قوالب متنوعة وشيقة توحي للنفس مع كثرة التعرض لها إذا أخذنا بالاعتبار عنصر الزمن الطويل، وضعف جانب التوجيه الأسري توحي للأجيال القادمة بأن هذه الحياة العبثية هي الحياة المثالية وهي الحياة التي ينبغي أن يحياها المسلم وذلك في قولبة جديدة لحياته.
إن هذه القولبة الجديدة في الجوانب الإعلامية لا تدخل في اطار التطوير، ذلك لأن التطوير يحمل مفهوماً مستقلاًً، وهذا المفهوم يتماشى مع الدين الذي يأمرنا بأخذ كل ما يعين على الرقي في جميع المجالات ولكن في اطار لا يمس الدين أو يتعارض معه وهذا يأتي من منطلقات شريعتنا السمحاء.
إن مسؤولية تحقيق هذه الرسالة الإعلامية في ظل ضعف أو غياب التوجيه الأسري يحمل تبعاته المجتمع برمته إذ سوف نرى من هذا الباب ممارسات لا تمت للدين بصلة سوف تظهر على سطح الممارسات المعتادة عند البعض والتي سوف تأخذ حيزاً من استغراب البعض حيناً وحيناً آخر ومع الوقت سوف تلقى من يتبناها فتحظى بالقبول والتطبيق.وإن هذه الممارسات لهي من الخطورة بمكان فمنها دعوة للانحلال وممارسة المنكرات باسم الحرية في ظل انقلاب المعايير وذلك مصداق حديث الرسول صلى الله عليه وسلم الذي قال فيه «تعرض الفتن على القلوب كالحصير عوداً عوداً فأي قلب أشربها نكت فيه نكتة سوداء، وأي قلب أنكرها نكت فيه نكتة بيضاء حتى تصير على قلبين على أبيض مثل الصفا فلا تضره فتنة ما دامت السماوات والأرض والآخر أسود مرباداً كالكوز مجخياً لا يعرف معروفاً ولا ينكر منكراً إلا ما أشرب من هواه».. الحديث.
فهل لنا من أخذ العبرة والحذر ووضع الأطر الشرعية لتكون رائدتنا لتستقيم الحياة فلا إفراط ولا تفريط والله المستعان..
(*) رئيس قسم الإعلام بإدارة العلاقات العامة والإعلام
|