* الجزيرة- خاص:
استنكر عدد من رؤساء الهيئات والمراكز الإسلامية في عدد من دول العالم الأعمال الإجرامية والتفجيرات الآثمة التي وقعت في مدينة الرياض مؤخراً، وأدت إلى وفاة الكثير من الأبرياء من المواطنين على أرض هذه البلاد المباركة، وترويع الآمنين، وإتلاف للممتلكات، وتخريب للمنشآت.
واتفقوا- في تصريحات ل «الجزيرة» على أن هذه الأعمال من الإفساد في الأرض الذي نهى الله عنه في كتابه الكريم، كما نهى عنه النبي- صلى الله عليه وسلم- في سنته المطهرة، وعبروا عن وقوفهم إلى جانب المملكة قيادة وحكومة وشعباً في مواجهة تلك الأعمال التي استهدفت نفوساً بريئة آمنة مطمئنة تعيش في هذه البلاد التي شرفها الله بأنها مهبط الوحي وخادمة للحرمين الشريفين، وهي الدولة الوحيدة التي أنعم الله عليها بتطبيق شرع الله في جميع شؤونها.
مكافحة الاعمال الباطلة
ففي البداية، أعرب الأمين العام للمنظمة الإسلامية لأمريكا اللاتينية المهندس محمد يوسف هاجر باسمه وباسم المراكز والجمعيات الإسلامية الأعضاء في المنظمة الإسلامية لأمريكا اللاتينية عن شديد إدانته واستنكاره لهذا الاعتداء الإجرامي الذي تعرضت له ثلاثة مجمعات سكنية في مدينة الرياض، وراح ضحيته أرواح وأزهقت نفوس بريئة.
وقال: إنه في الوقت الذي ندين ونشجب فيه بكل قوة هذا العمل الوحشي، نحذر المسلمين من مغبة عواقبه الوخيمة، ونسأل الله تعالى أن يحفظ بلاد الحرمين الشريفين من كل شر، مطالباً المسلمين في جميع أنحاء العالم بمكافحة هذه الأعمال الباطلة التي لا تمت للإسلام بصلة.
خدمة لأعداء الأمة
ومن ناحيتهما، دان كل من رئيس الرابطة الإسلامية في السويد أحمد غانم، ورئيس المجلس الإسلامي السويدي محمود الدبعي بشدة الجريمة الشنعاء التي ارتكبها مجرمون آثمون في مدينة الرياض وراح ضحيتها العديد من المسلمين، وغير المسلمين الأبرياء من رجال ونساء وأطفال، وأعربا عن تضامنهما الكامل مع المملكة حكومة وشعباً في مواجهة مثل هذه الأعمال الإرهابية، وقالا: «إن الله تعالى قد حرم دماء المعصومين، وتوعد الذين يحلونها بغير وجه حق بالعذاب الشديد، ونهى تعالى عن الإفساد في الأرض وترويع الآمنين، وإثارة الفتن، مؤكداً أن ما جرى في الرياض لهو عمل إجرامي جمع بين القتل والترويع والإفساد».
وشددا على أن الذين يمارسون تلك الأعمال المنكرة يسيئون للإسلام ولا يصلحون، وتأتي أعمالهم هذه في زمن يحارب فيه الإسلام، ويتعرض إلى أشد حملة تشويه عرفتها البشرية، وبذلك يكون هؤلاء قد ساهموا وقدموا لأعداء الأمة خدمة جليلة.
وأبانا أن عمل أولئك المجرمين ذلك ستكون له عواقب وخيمة، منها اشتعال الحملة المعادية للإسلام بعد أن هدأت قليلاً، وتعطيل الكثير من الأعمال الخيرية خوفاً من تهمة الإرهاب، إلى جانب تأزم العلاقة بين الإسلام والغرب، والعودة إلى مربع العداوة والصدام، وتعرض الكثير من الأبرياء إلى ممارسات ظالمة وعقوبات قاسية لمجرد الظن، مضيفاً أن من تلك العواقب أيضاً النظرة بريبة وسيطرة هواجس الخوف تجاه المؤسسات الإسلامية، والإساءة البالغة للمملكة العربية السعودية، وتعطيل دورها الريادي في دعم الأقليات المسلمة، وإثارة الشكوك حول أي تعاون قائم بين مؤسسات المملكة والمؤسسات الإسلامية في الغرب.
ظاهرة غريبة
ومن جهته، عبر رئيس المركز الإسلامي الثقافي في أمستردام بهولندا الدكتور سفيان ثوري سريجار باسمه واسم الأئمة والتابعين للمركز والمتعاونين معه في ميدان الدعوة الى الله وسط الجالية الاسلامية في هولندا عن عميق ألمه وحزنه على التفجيرات الإجرامية التي صارت في مدينة الرياض بفعلة مجموعة منكرة.
ورفع الدكتور سريجار تعازيه الحارة لحكومة المملكة العربية السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود في هذا المصاب الجلل، مستنكراً هذه الظاهرة الغريبة على بلاد الحرمين الشريفين، ظاهرة التطرف والانحراف عن طريق الحق والصواب، مؤكداً أنها ظاهرة غريبة على أرض التوحيد، والإيمان، أرض الأنبياء والمرسلين أرض الوحي، والرسالة السماوية، أرض الصحابة والتابعين، أرض العلم والعلماء، إنها الأرض الوحيدة التي يطبق فيها شرع الله والدولة الوحيدة التي تحكم بما أنزل الله.
ومضى رئيس المركز الإسلامي الثقافي في أمستردام بهولندا قائلاً: إن المملكة العربية السعودية من أجل ذلك محسودة من طرف أعداء الله، أعداء الأمة الإسلامية في كل مكان، وإن ظاهرة التطرف والانحراف لا يقرها دين ولا قانون ولا شرع، وهي تعطي الفرصة لأعداء الإسلام ليشوهوا سمعة الإسلام والمسلمين، ويفتحوا لهم الباب ليتدخلوا في شؤون الأمة باسم محاربة الإرهاب والتطرف، وهم يركزون دائماً على المملكة العربية السعودية لأنهم يعلمون أنها قلب الأمة الإسلامي النابض، لهذا نرى الإعلام الغربي يركز دائماً على المملكة في دعايته المغرضة، لكن بإذن الله القوى العزيز لا خوف على المملكة ما دامت معتصمة بحبل الله المتين، متمسكة بالكتاب والسنة.
ودعا الله تعالى أن يحفظ المملكة وولاة الأمر فيها بخاصة، وبلاد المسلمين بعامة من كل شيطان رجيم إنس وجان، ويحفظ الله القائمين عليها، ويثبتهم على الحق حتى يواجهوا المحنة بالصبر والثبات، سائلاً المولى جل وعلا أن يجعل شبابنا شباب بناء لا شباب دمار وخراب.
أمن المملكة أمن للمسلمين
أما الشيخ الدكتور محمد علي الجوزو مفتي جبل لبنان، فقال: كل مسلم يشعر بالحزن والألم، وتثور في نفسه مشاعر الغضب لما تعرضت له الرياض من اعتداء إجرامي آثم أصاب المئات من الأبرياء، المسلمين، والآمنين دون ذنب ارتكبوه، ولا يبرر ذلك وجود بعض الأمريكيين بين القتلى..
وتساءل مفتي جبل لبنان عمن يقف وراء هذه الأحداث؟، ومن هم أعداء المملكة الحقيقيون؟، ولماذا هذه التفجيرات وفي هذا الوقت بالذات؟، فأجاب بقوله: إن أمن المملكة العربية السعودية هو أمن المسلمين جميعاً، وأمن الحجاج وأمن المعتمرين وأمن المقيمين على أرض المملكة جميعاً.
وأكد مفتي جبل لبنان على أن أي مسلم يستبيح لنفسه أن يضر بأمن المملكة، فقد أضر بالمسلمين جميعاً، خاصة في هذا الوقت، لافتاً النظر إلى أن المملكة مستهدفة من أعداء الإسلام أكثر من غيرها، والصهيونية ما فتئت هي وأبواقها تنشر الأقاويل والأكاذيب والإشاعات ضد المملكة.
وأوضح الدكتور الجوزو أن الذي حدث في الرياض، يأخذ حكم الخروج على الدولة المسلمة التي تضم أعظم المقدسات الإسلامية: الكعبة المشرفة والبيت الحرام، والمسجد النبوي الشريف، وهذا العمل حكمه حكم «الحرابة»، التي يقول فيها المولى عز وجل {)إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَاداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ) (المائدة:33)
وحذر فضيلته شباب المسلمين من أن يستضلهم أعداء الإسلام ضد أمن أهلهم وبلادهم، منبهاً إياهم من أن العمليات الإجرامية تسيء إلى أمتهم قبل أن تسيء إلى أعدائهم، داعياً إياهم إلى تقوى الله في أهلهم وبلادهم ومستقبل أمتهم، مؤكداً أن وضع اليد على الفاعل الحقيقي الذي يقف وراء هذه الأعمال الإجرامية، أمر يوضح الكثير من الحقائق التي يجب علينا أن نعرفها، لنتأكد من هو المستفيد من ضرب أمن المملكة في هذا الوقت بالذات.
فعلة محرمة
كما استنكر رئيس مجلس إدارة جمعية إحياء التراث الإسلامي في الكويت الشيخ طارق العيسى حادثة التفجيرات المروعة في الرياض، معتبراً إياها جريمة آثمة وفعلاً مشيناً ضد الإسلام والمسلمين، وأنها فعلة محرمة تخالف شريعة الإسلام السمحة، وتصادم قيمه وآدابه ومعاملته للمسلمين والمعاهدين الذميين، مؤكداً أن فعل هؤلاء المجرمين أدى إلى فساد عظيم من قتل النفوس التي حرم الله وترويع الآمنين، وتخريب المنشآت، وإتلاف الممتلكات، وإشعال الحرائق في بلاد المسلمين.
وقال الشيخ طارق العيسى: لقد حرم ديننا العظيم قتل النفس المعصومة التي هي كل مسلم، وأيضاً كل من بينه وبين المسلمين أمان لقول الرسول- صلى الله عليه وسلم-:« لا يحل دم امرىء مسلم إلا بإحدى ثلاث: الثيب الزاني، والنفس بالنفس، والتارك لدينه المفارق للجماعة»، مضيفاً أنه لا يجوز قتل المستأمن الذي يعمل في بلاد المسلمين، وقد حصل على إذن من ولي الأمر عهد وميثاق، فالذمي الذي له أمان إذا قتل خطأ فيه الدية والكفارة، فكيف إذا قتل عمداً؟ فلا شك في أن الإثم أعظم، ويؤيد ذلك حديث الرسول صلى الله عليه وسلم:«من قتل معاهداً لم يرح رائحة الجنة، وأن ريحها يوجد من مسيرة أربعين عاماً»، أما من يقتل نفسه في هذه الحوادث التي أدانها علماء الأمة، فلا شك أن أمره في خطر عظيم، فقد اطلق عليها أهل العلم بأنها عمليات انتحارية وليست استشهادية.
واستطرد قائلاً: وحكم الإسلام فيمن يقتل نفسه أنه ارتكب في حق نفسه كبيرة من الكبائر لحديث الرسول- صلى الله عليه وسلم-:«الذي يخنق نفسه يخنقها في النار، والذي يطعن نفسه يطعن نفسه في النار، والذي يقتحم يقتحم في النار» رواه البخاري في صحيحه، وهو بذلك ارتكب جرمين، ذلك أنه تسبب في قتل نفسه وقتل الآخرين، وبذلك حصلت مفاسد عظيمة.
العمليات الاجرامية
أما الأمين العام لرابطة الجامعات الإسلامية الدكتور جعفر عبدالسلام، فقال: إن الجرائم التي حدثت بالرياض جاءت نتيجة عدد من الأسباب منها أن مجموعة من المجرمين غير معروف عددهم حتى الآن قتلوا أناساً من غير ذنب جنوه قتلاً جماعياً، أي قتلوا أكثر من ثلاثين شخصاً، وجرحوا المئات غيرهم، كما أن هذا القتل اقترن بترويع الآمنين في منطقة كاملة من مدينة الرياض، اذ استخدموا وسائل غير عادية في القتل فقرنوا القتل بالترويع والتخويف، كذلك طال هذا الجرم مدينة آمنة ولاة الأمر فيها يطبقون الشريعة الإسلامية، وهي بعقوبتها الرادعة تنشر جواً آمناً في كل مكان، إذ يخشى المجرم أن يقترب من الجرم، أو يقوم باقترافه، فيلقى الجزاء الرادع وهو القصاص في هذه الحالة، لأن القاتل قتل نفساً بغير نفس وافسد في الأرض.
وأكد الدكتور جعفر عبدالسلام أن جريمة«الحرابة» التي ارتكبها هؤلاء المجرمون تقتضي القصاص العادل منهم لأن أيديهم ملوثة، ودوافعهم الإجرامية متنوعة، فهم لا يكتفون بالقتل وإزهاق الأرواح البريئة، وإنما يقرنون ذلك بزعزعة الاستقرار والنيل من النظام والإساءة الى الشريعة الإسلامية الغراء التي تحكم هذا المجتمع، مستنكراً باسم رابطة الجامعات الإسلامية هذه الجريمة البشعة، ويدعو المجتمع الدولي إلى التعاون لنزع الشر من الأرض والقضاء على الإرهاب، وتطبيق شرع الله فيمن يعتدون على حدوده ويفسدون في الأرض ويسفكون الدماء.
وأشار الأمين العام لرابطة الجامعات الإسلامية إلى أن مائة جامعة إسلامية هي أعضاء الرابطة يعلنون تأييدهم لما تتخذه المملكة العربية السعودية من تدابير وإجراءات لمعاقبة المجرمين وللكشف عن المخطوطات التي تقف وراءهم، ويعلنون إدانتهم للإرهاب في كل مكان ويتقدمون بخالص التعزية، لحكومة خادم الحرمين الشريفين على فقد هذه الأرواح.
الجرائم المتعددة
أما المشرف على كرسي الملك فهد بجامعة لندن الدكتور محمد عبدالحليم، فيقول - من جانبه-: إن التفجيرات التي وقعت في الرياض مؤخراً لم تكن جريمة واحدة، بل هي في الشريعة الإسلامية جرائم متعددة، فيها قتل بغير حق، وتشويه لمسلمين وغير مسلمين مدنيين، وإرهاب وترويع للآمنين، وهدم وتحريق لبيوت وأموال حرمها الله.
وأضاف الدكتور محمد عبدالحليم أن في التفجيرات الآثمة اعتداء مسعوراً على حقوق الله، وحقوق العباد، ومناقضة للمقاصد الأساسية في الشريعة، وأولها حفظ الأنفس والأموال، مشيراً إلى أن الذين يقومون بمثل هذه الجرائم لا يدرون على التحقيق من الذي يسوقهم، ولأي هدف يدفعهم.
وأكد أن تلك التفجيرات لم تكن إساءة لأهل المملكة العربية السعودية وحدهم، بل إساءة للمسلمين جميعاً، هم الذين يحبون دوام الأمن والكرامة والازدهار لبلاد شرفها الله بالحرمين الشريفين، وبالكعبة المشرفة قبلة المسلمين جميعاً، مشدداً على أن أهل المملكة يرفضون تلك الجرائم أولاً وقبل كل شيء بسبب تمسكهم العميق بالدين الإسلامي الحنيف، والتزامهم بالقرآن الكريم، والسنة المطهرة، وتعاليم الشريعة التي يتعلمونها منذ نعومة أظفارهم، ويعيشونها في مجتمعهم وبلادهم التي هي مركز الإسلام.
واستطرد المشرف على كرسي الملك فهد بجامعة لندن قائلاً:
إن تمسكهم بتعاليم الدين الإسلامي- قبل كل اعتبار آخر- هو الذي يجعلهم يرفضون الجرائم ومرتكبيها، والعنف وترويع الآمنين، ويلتزمون بطاعة الله ورسوله، وأولي الأمر منهم، ويحافظون على حقوق الله وحقوق العباد، ويتمثلون سماحة الإسلام وأريحيته تجاه الناس جميعاً، وكذلك فإن أهل المملكة بطبعهم الأصيل وشهامتهم العربية وأنفتهم الشامخة يأبون الغدر والغيلة والتلصص للطعن من الخلف وقتل الأبرياء وهم نائمون.
وأكد الدكتور محمد عبدالحليم أن المملكة العربية السعودية قادرة بعون الله ثم بجهود أبنائها ومواهبهم الموفورة على ردع المجرمين، وإدامة الأمن والرخاء والازدهار في بلدهم الطيب المعطاء.
|