* الرياض عبدالكريم الدريبي:
لم يكن عبدالله بن عبدالرحمن النفيسة المولود في بحرة القابعة بين مكة وجدة عام 67م يتوقع أنه سيصبح رئيساً لأكبر شركة قابضة مهتمة بالتراث النجدي يندرج تحتها «14» شركة متخصصة ينتظر ان تكون على مستوى العالم.
فقد بدأ فناناً تشكيلياً منذ نعومة أظافره في المراحل الدراسية الأولية عندما حاز على جائزة تصميم قصر المصمك وجائزة حفر جبل ابو مخروق على الصخر في المرحلة المتوسطة. وبحسب تأكيده فإن الحرفة التراثية تغلغلت داخله بحبه للاشخاص الذين سكنوا بيوت الطين معتبراً جده «محمد» انموذجاً في الدين، الاخلاق، الشهامة، الاصالة، العراقة والكرم. ويشدد: مارست العمل وانا طالب جامعي لزيادة دخلي الشهري بعد ان كنت ارسم لوحات وانحت مجسمات وابيعها حتى قابلت رجل مقاولات اشترى مني مجسم بيت طين وبيت شعر وقال لي يوجد رجل يبحث عمن يعمل له نافورة تراثية وسط قصره فكانت مدخلاً لتوسع أعمال مؤسسة فشركة فشركات قابضة كان وراءها رجل الاعمال حمد بن سعيدان الذي تبنى الفكرة ودعمه مادياً ومعنوياً وقتها كان عمره لا يتجاوز ال 18 خريفاً.
البداية
بدأ أول الأعمال فعلياً بالرسم والنحت وبيع الأعمال الفنية ثم بناء نافورة تراثية في أحد القصور فكانت هي المنطلق الحقيقي في التوسع في مجال بناء الطراز المعماري النجدي، بعدها انخرط في هذا المجال بتعمق ولاسيما انه بدأ يبحث ويقرأ ويقوم بزيارات مكثفة للدرعية لفهم مفردات الطراز المعماري فخلص الى أن أي طراز معماري في أي بلد هو نابع من ثقافة المجتمع وهي تنعكس بلا شك على أمور كثيرة في الحياة.. وخلال قراءته وبحثه عرف «بطن الحوي» و«الطرمية» والاشياء الاخرى المتعلقة ومنها العادات والتقاليد اضافة الى البساطة لان العرب بطبعهم يحبذون البساطة حتى بعد تحضر مدنهم فإن بناء الطراز المعماري النجدي غير مكلف من الناحية الاقتصادية فتستخدم المواد البيئية الموجودة مثل «الطين، الرمل، الحجر، سعف النخل، الخشب، والاثل».
خصوصية
تتميز مباني الطراز المعماري النجدي بخصوصية المجتمع، حيث يمثل بطن الحوي متنفس البيت ومدخل الهواء وهو فناء داخل البناء وتطل عليه جميع الغرف ويدخل الهواء والشمس وهذا موجود في البيوت العربية على سبيل المثال في سوريا الشقيقة وغيرها من الدول وهو طراز إسلامي وهذا نابع من الخصوصية العربية والإسلامية بالمقابل فإن أي دولة تمر بحالة الطفرة تفقد هويتها بعكس المملكة العربية السعودية التي دخلت عصر التطور وظل المجتمع السعودي محافظاً على ثقافته واصالته.
بيوت الرياض!!
استغرب من التخلي عن الطراز المعماري في البيوت الحديثة خاصة الفلل بعد ان وضع لها مقدمة كمتنفس للبيت والتقليد الاعمى وضع «بلكونة» فهذا جعل المجتمع السعودي يتعرض لصدمة كبيرة لان ثقافته لم تتغير حتى انه لم يتلاءم الآن وهو واضح في بيوت الرياض، على سبيل المثال هناك الحديقة في البيت لا يستفاد منها إلا في حالة وضعها مثل بطن الحوي وتسويرها وجعلها خصوصية حتى لا تكشف كذلك البلكونة ستغطي ب«الألمونيوم» وهذا ما جعل المجتمع لا يتلاءم مع الطراز الدخيل وجعهلم يشعرون بحنين ورغبة للعودة للطراز النجدي العربي.
تأسيس
«الطرمة» كانت أول مؤسسة تراثية أسسها عبدالله النفيسة بعد مقابلة حمد بن سعيدان وابنه هشام فقد كان له تاريخ مع التراث هو ووالده من المهتمين والمحبين للاصالة فكان اول مشروع كبير أوكل للمؤسسة هو بناء استراحة «المونسية» لرجل الاعمال حمد وبعد ان اثبتت المؤسسة جدارتها وبراعتها في تصميم الاستراحة على الطراز المعماري النجدي بدأ الاقبال على هذا النوع من التراث وانتشر بين الناس.
ديار نجد
بعد ان ذاع صيت المؤسسة كثرت الأعمال وزادت الاشغال طرحت فكرة تحويل المؤسسة الصغيرة المتواضعة الى شركة فكان اسمها «ديار نجد» وهي شراكة مع رجل الاعمال حمد بن سعيدان الذي دعم «النفيسة» معنوياً ومادياً وكان له دور في حياته وتعلم على حسب قوله «البزنس» والتجارة وهذا النجاح هو خليط بين فن وخبرة ودراية للتجارة والمقاولات.
المشاريع
نفذت شركة ديار نجد عدداً من المشاريع وكان «النفيسة» يسوق لدى الإدارة العامة للاثار والمتاحف والهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض وكان هناك ترميم لقصر المربع بالتعاون مع شركة سعودي اوجيه، وكان الابرز أيضاً هو القيام ببناء كامل من الطين يعود للشيخ صالح البازعي بعد ان اصر على ان تكون جميع مواد البناء «طينية» لاحياء التراث الأصيل.
العاذرية
لعل المشاريع التي نفذت اعطت شركة ديار نجد الثقة في تنفيذ قرية العاذرية العائدة لصاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن فهد بن عبدالعزيز وهذا شرف كبير بعد ان استطاعت الشركة وباقتدار ان تبدع في وضع اللمسات والزخارف التي جعلت من العاذرية مضرباً للمثل ويؤكد «النفيسة» ان هذه القرية اراد الأمير عبدالعزيز بن فهد حفظه الله ان تكون على الطراز المعماري النجدي لان سموه محب للتراث والاصالة والعراقة فكانت العاذرية نموذجاً مصغراً لمدينة الرياض لما دخلها الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود - طيب الله ثراه - فكان التركيز على جميع الأمور بدقة مثل الاسوار والأبراج والدروازات والبيت الرئيسي المأخوذ من طراز قصر الحكم ايضا وجود الجامع في القرية وهو نفس تصميم جامع الإمام تركي بن عبدالله وكل شيء بالعاذرية مبني من الطين كذلك فهناك متحف طبق الأصل للمتحف الموجود في المصمك وبه عدة تحف، ويشدد «النفيسة» على أن العاذرية هي واجهة مشرفة للمملكة العربية السعودية وكل زائر من الرؤساء انبهروا وابدوا اعجابهم لما شاهدوه في العروض والبساطة والشجاعة مستشهداً بزيارة الرئيس الصيني حيث ابدى اعجابه الشديد بجميع ما شاهده ويكفي ما قاله وزراء السياحة في الدول العربية والإسلامية الذين زاروا العاذرية وكان عددهم 70 اثر حضورهم اجتماعات هنا في العاصمة الرياض اجمعوا على انهم اذا ارادوا ان تكون هناك سياحة حقيقية في العالم العربي والإسلامي يجب ان يوجدوا بناء متكاملاً مثل العاذرية.
عمر أطول
يؤكد «النفيسة» ان المباني الطينية بناؤها سهل وقليلة تكاليفها وتعيش المباني المعمولة على الطراز النجدي عمراً أطول وهو يطالب أن يكون هذا الطراز في المساكن والبيوت قبل المزارع والاستراحات وهاتان الأخيرتان تكونان بالطين لانه افضل عازل حراري ويصنف «جيد جداً» وهو في عز الصيف بارد والشتاء دافئ.
شركات متخصصة
أوضح النفيسة ان شركة ديار نجد تحولت الى شركة قابضة و14 شركة متخصصة في التراث «بناء، أثاث، أقمشة» وهذا الاثاث والفرش الخاص مطرز بنقشة التراث بشكل راقٍ جداً ولا ادل من ذلك على زيارته لأكبر معارض الفرش في العالم وعرضه الكتالوجات والصور على الغربيين الذين أبدوا اعجابهم وقدموا عروضاً بمئات الملايين وسيكون هناك معرض آخر سيكون لديار نجد المشاركة بعد ان جاء الطلب من عدة دول «أمريكا، المكسيك، الصين واليابان».
| 
