Friday 23rd may,2003 11194العدد الجمعة 22 ,ربيع الاول 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

بعد فشل لقاء أبو مازن وشارون .. خريطة الطريق إلى أين؟ بعد فشل لقاء أبو مازن وشارون .. خريطة الطريق إلى أين؟
المراقبون يطالبون بالضغط على إسرائيل للالتزام بالخريطة
الفلسطينيون يقبلون تنفيذ الخريطة دون شروط إسرائيلية .. هل تنجح أمريكا في الضغط على شارون؟

  * القاهرة - مكتب الجزيرة - عمر شوقي- علي البلهاسي:
الجميع يسيرون في طريق آخر غير طريق الخريطة ربما كان هذا هو التفسير الوحيد لمواقف الأطراف الثلاثة المعنية بخطة السلام العربية الإسرائيلية المعروفة بخريطة الطريق وهي الولايات المتحدة واسرائيل والفلسطينيون ولعل التطورات السياسية الاخيرة التي شهدتها الساحه الفلسطينية الاسرائيلية تشير بالفعل الى صحة هذا التفسير فحكومة شارون ما زالت تمارس كل انواع العنف ضد الشعب الفلسطيني دون ان تقدم ولو بادرة واحدة ايجابية تدل على صدق نيتها في تحقيق السلام ومنظمات المقاومة الفلسطينية تواصل الرد على صدق نيتها في تحقيق السلام ومنظمات المقاومة الفلسطينية تواصل الرد على الانتهاكات الاسرائيلية بعمليات فدائية بلغت ذروتها في الايام الاخيرة (5 عمليات في 48 ساعة) دون ان تلقي بالاً للآثار السلبية التي يمكن ان تنتج عن هذه العمليات والراعي الامريكي يكتفي بادانة العمليات الفلسطينية دون ان يمارس ضغوطا حقيقية على الجانب الاسرائيلي حتى لمجرد قبول خريطة الطريق ووقف اعمال العنف تمهيدا للبدء في المفاوضات.
وربما كانت الاحداث الاخيرة مؤشرا على بداية فشل خريطة الطريق قبل ان تبدأ فالانتهاكات الاسرائيلية مازالت مستمرة ومرشحة للتصاعد ردا على العلميات الفدائية ومنظمات المقاومة ستواصل الرد على هذه الممارسات بالعمليات الفدائية ومنظمات المقاومة ستواصل الرد بعنف على هذه الممارسات بعمليات جديدة تكون حجة اسرائيل لرفض السلام وممارسة المزيد من الانتهاكات وتدور خريطة الطريق في حلقة مفرغة من العنف تنذر بفشلها.
تنازلات فلسطينية
الجانب الفلسطيني اظهر حرصه منذ البداية على إنجاح عملية السلام وقدَّم خطوات ايجابية في هذا الاتجاه بدأت بقبوله لخريطة الطريق دون شروط رغم ما تتضمنه من مساس بحقوق فلسطينية ثابتة مرورا بتشكيل حكومة فلسطينية جديدة برئاسة أبو مازن الذي يحظى بتأييد وقبول أمريكي وغربي وإسرائيلي لتتولى عملية المفاوضات بعد رفض الجانبين الامريكي والاسرائيلي التعامل مع عرفات وبالرغم من ذلك يبدو الطرف الفلسطيني في موقف تفاوض ضعيف رغم كل ما قدمه من تنازلات اظهرته كشريك في السلام في مقابل التعنت والرفض الاسرائيلي ولعل ذلك هو ما دفع الكثير من المراقبين الى ابو مازن لموافقته على لقاء شارون في حين تستمر آلته العسكرية في ممارسة البطش ضد الفلسطينيين وتستمر محاصرة الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات ورأى بعضهم ان ابو مازن كان عليه رفض مقابلة شارون احتجاجا على الممارسات الاسرائيلية وعلى عدم تقديم الجانب الاسرائيلي لأي خطوات تثبت حسن نيته في تحقيق السلام رغم كل ما قدمه الجانب الفلسطيني ويقول المراقبون ان هذه التنازلات الفلسطينية المستمرة وظهور الطرف الفلسطيني في موقف تفاوضي ضعيف يغري الطرف الاسرائيلي بالاستمرار في ممارساته العدوانية طمعا في المزيد من التنازلات وهو ما سيؤدي في النهاية الى نجاح شارون في مهمة افشال الخريطة او على الاقل تحقيق التعديلات التي يرغبها فيها وافراغها من مضمونها.
جانب آخر من المراقبين يرى ان الفلسطينيين على العكس مطالبون باتخاذ المزيد من الاجراءات الايجابية حتى لا يتهموا بافشال عملية السلام كما حدث من قبل مؤكدين ان لقاء ابو مازن وشارون كان خطوة مهمة حتى وان لم يحقق نتائج فهو أول لقاء فلسطيني اسرائيلي رفيع المستوى منذ ان تولى شارون رئاسة الحكومة الاسرائيلية ورفضه كان سيعتبر رفضا للسلام. ويقول المراقبون ان الفلسلطينيين ايقنوا بضرورة التروي والعقلانية والتعامل مع خريطة الطريق كمحاولة تلمس حل دولي ربما يشكل الفرصة الاخيرة في ظل التعنت الاسرائيلي وسيطرة اليمين واللوبي الصهيوني على الادارة الامريكية التي يفترض انها ترعى عملية السلام ويؤكدون انه ما دامت خريطة الطريق هي المشروع الوحيد المتاح للتسوية فان من المنطقي ان يتعامل معه الفلسطينيون بايجابية لمعرفة مدى جدية طرحه والتزام اللجنة والولايات المتحدة بالذات بتنفيذ بنوده ومراحله ورعاية خطواته وازالة العوائق والالغام من طريقه ولن يخسر الشعب الفلسطيني شيئا اذا قدم تسهيلات لانجاح هذه المحاولة لاحراج الجانب الاسرائيلي المتعنت ومنح الشعب الفلسطيني فسحة من الوقت لتضميد جراحه وتأمين وسائل معيشه وصموده بعد أكثر من عامين من الحصار والقهر خاصة وأن الظروف الدولية الاقليمية بعد حرب العراق غير مشجعة كما ان المعلن من المواقف الامريكية والاوروبية ايجابي ومشجع ويشير الى اصرار على تنفيذ خريطة الطريق مهما كانت العقبات.
وفي هذا الاطار تجد حكومة أبو مازن نفسها مطالبة بالمضي قدما في هذا الاتجاه وان كان هذا يتطلب سياسة متوازنة لتحاشي اي مواجهة مع فصائل المقاومة الفلسطينية والعمل على تحقيق اتفاق مع هذه الفصائل على هدنة على الاقل تتوقف فيها العمليات الفدائية وتوحيد الصف الفلسطيني في هذه الفترة الحرجة بالذات لنزع أوراق الحجج والاعذار من يد اسرائيل لممارسة المزيد من الانتهاكات.
ويؤكد المراقبون انه اذا كان نجاح حكومة ابو مازن في تحقيق هذه المهام سوف يتوقف على قدرتها على كسب اغلبية الشارع الفلسطيني في السلام بسبب سياساتها ومواقفها يصبح من الضروري انعاش آمال الشارع الفلسطيني في السلام بسحب قوات الاحتلال من المدن والقرى الفلسطينية ورفع القيود التي تحول دون حرية تنقل المواطنين ووقف عمل الجرافات الاسرائيلية في هدم منازل الفلسطينيين او الاستيلاء على مزارعهم ووقف كل الانتهاكات ضد الشعب الفلسطيني.
تعنت إسرائيلي
على الجانب الاخر كشفت اجراءات وممارسات الحكومة الاسرائيلية عن مزيد من التعنت والعنف تجاه أي محاولة لتحقيق السلام فقد رفض شارون الموافقة على خطة الطريق واعتبر انها غير موجودة وأعاد تأكيد رفضه وقف حركة الاستيطان واطلقت العمليات الفدائية الاخيرة له العنان للبحث عن مزيد من العنف للرد عليها ومزيد من الاجراءات لعرقلة خريطة الطريق وعملية السلام.
ولعل التساؤل الذي يطرح نفسه الان هل سينجح شارون في افشال عملية السلام ؟ آراء المحللين حتى على الساحة الاسرائيلية تقول إن شارون يسعى الى ذلك بالفعل ومنها ما ذكره الكاتب الوف بن في صحيفة هاارتس حيث اشار الى ان شارون وكبار معاونيه أعلنوا منذ البداية بأن هذه الخطة تنطلق من على أرضية صراع دعاة السلام مع دعاة ومنفذي الإرهاب، وكرروا اكثر من مرة وصفهم للرئيس عرفات بانه شخص كاره للسلام، وهم يعتقدون الآن بأنه وأمام الوقائع التي أوجدها احتلالهم للعراق، فإن الطرف الفلسطيني سيكون أكثر قابلية للتكيف والتلاؤم مع الضغوط والإملاءات الإسرائيلية، وأنه لن يستطيع إخراج الكرة التي رميت في ملعبه لأسباب عدة أهمها: هنالك جدولة حسب خارطة الطريق تتضمن قائمة طلبات طويلة ومرهقة للجانب الفلسطيني وكلها تتعلق في المرحلة الأولى بالقضايا الأمنية، يبدو جلياً ومنذ البداية عدم مقدرته على الوفاء بها، وفي ظل غياب أي دعم رسمي عربي جدلي، عملي وملموس، وليس فقط دبلوماسي، وتراجع الدور الأوروبي بعد غزو العراق، والانقسام في الصف الفلسطيني تتقلص حدود المناورة الفلسطينية الرسمية إلى حدود الصفر، وبالتالي فأبو مازن الذي يتحدث عنه الأمريكيون كأمل جديد للسلام قد يتحول في وقت قادم ليس بالبعيد إلى عقبة في وجه السلام حسب المفهوم والمنطق الإسرائيلي الأميركي، وبالتالي لن يكون بأحسن حال من أبي عمار الذي تحول إلى سجين في مكتب المقاطعة (رام الله)، ولن يشفع له بذلك عندهم حسن نواياه المعلنة، فالمهم هو نجاحه بالاختبار على الأرض ونيله رضا القوى الدولية على ما سيتم تنفيذه، وتكليفه مهمة محاربة (الجماعات الإرهابية وجمع الأسلحة غير المشروعة حسب التعريف الإسرائيلي) لا يعني هدنة من قبل الإسرائيليين تمكنه من أخذ الوقت الكافي. الإسرائيليون يعتبرون أنه من واجبهم مساعدة حكومة أبو مازن في ذلك وعلى الأخير أن يتفهم ويدعم ذلك، وبالتالي هم سيضربون وبقوة في المناطق التي لا يستطيع أن يدخلها ويروضها وأعطوا مثلاً على ذلك منطقة جنين، وتحت عنوان المصلحة المشتركة مع الحكومة الفلسطينية (مكافحة الإرهاب كشرط لتنفيذ خارطة الطريق) سيوسع الإسرائيليون من نطاق عملياتهم وسيكون على الحكومة الفلسطينية الأخذ بعين الاعتبار بأن الاندفاع الأمريكي نحو التسوية سيحكمه اقتراب موعد الانتخابات التمهيدية الأمريكية، التي ستحد من إمكانية ممارسة ضغط جدي على إسرائيل وإن كان بالحدود الدنيا المطلوبة، حيث ان سيطرة المحافظين الجدد على موقع القرار في الولايات المتحدة لا تمكن من ذلك أصلاً.
من جانبة يقول عوزي لنداو الوزير بلا حقيبة في حكومة شارون في مقالة نشرتها صحيفة معاريف اخيرا (ان السلطة الفلسطينية ستكون جديدة ومغايرة فقط إذا اعترفت بحق وجود إسرائيل، بالحاجة إلى السلام معها، وإذا حَلّتْ منظمات الإرهاب وتنازلتْ عن حق اللاجئين، وأكسبت قيمة السلام للأجيال من خلال تغيير المنهاج التعليمي، وإزالة كل كتب التاريخ التي تبني الجيل القادم من المخربين الانتحاريين). إذاً فالمطلوب من الفلسطيني أن يلغي ذاكرته، ويدين نضاله، حتى يكون متكيفاً مع خطة الطريق.
وحتى ان نفذ الفلسطينيون ذلك فان القبول الاسرائيلي بالخطة ما زال حتى الان غير اكيد و يكفي الاعتراف الذي ادلى به افي ايتام وزير الاسكان الاسرائيلي و الذي اشار، إلى أن ذروة ما أسماه ب«الحرب الارهابية» لا تزال أمامنا، وذلك في تعليقه على العمليات التفجيرية التي تقع في اسرائيل. وأضاف أن العملية الاخيرة، مثلها مثل العمليات السابقة تدل على فشل استخباري واسع، حيث يجري الحديث فيها عن عمليات يتداخل فيها عدد كبير من الناس، بدءاً من تجنيد المنتحرين وتدريبهم ونقلهم الى مناطق العمليات وإنتهاء بتركيز المواد المتفجرة والسيارات وجمع المعلومات الاستخبارية، وكل هذه الأمور لم تنكشف لأجهزة استخبارات مختلفة».
وأشار ايتام إلى أن افضل عقاب يجب ان يأخذه الفلسطينيون من كل ذلك هو عدم الاعتراف بهم او تطبيق خطة خارطة الطريق او حتى اجراء اي مفاوضات سياسية معهم مؤكدا ان شارون لن يستطيع المصادقة على تلك الخطة في ظل معارضته هو وبقية الوزراء في الحكومة عليها !! الامر الذي يؤكد ان سياسة شارون لن تفيد على الاطلاق لابرام السلام المنشود بين الفلسطينيين و الاسرائيليين
تراخٍ أمريكي
انفجار الموقف على هذا النحو بين الفلسطينيين والاسرائيليين قبل البدء في عملية السلام زاد من أهمية الدور الامريكي للضغط على الطرفين لتحقيق أرضية مشتركة يمكن من خلالها البدء في المفاوضات وتنفيذ خريطة الطريق وربما ساهمت التحركات الامريكية الجادة في هذا الاتجاه خاصة في الضغط على الجانب الاسرائيلي المتعنت في اعطاء بارقه أمل وبناء الثقة لدى الجانب الفلسطيني في جدية التحركات ولكن الموقف الامريكي الذي اعلن منذ البداية اصراره على تنفيذ خريطة الطريق وتحقيق السلام كما جاء على لسان الرئيس بوش يبدو متراخيا ازاء تطرف الجانب الاسرائيلي الذي لم يقبل حتى بالموافقة على الخريطة وتمضي التأكيدات الأمريكية على رغبة بوش الحقيقية في تحقيق السلام دون ضغوط حقيقية على الجانب الاسرائيلي لوقف العنف واتخاذ اجراءات وتدابير من شأنها تأكيد جديته في تحقيق السلام. واثار هذا التراخي جدلا حول مدى جدية الادارة الأمريكية في الالتزام بوعودها فيما يتعلق بتطبيق خريطة الطريق على شكلها الحالي دون اي تعديلات وما اذا كانت ستخضع في النهاية للتعديلات التي يطلبها شارون وتبدو زيارة شارون المرتقبة لواشنطن هي الحاسمة في تحديد التعاطي الامريكي مع المطالب الاسرائيلية لتعديل الخريطة ويقول المحللون ان اسرائيل تعرف جيدا ان انصارها الذين تعززت مواقعهم في واشنطن لهم نفوذهم القادر على تحقيق الاستجابة الامريكية المستمرة للتطلعات الاسرائيلية وتعلم ان لها نفوذها القوي في الكونجرس الذي يمكنها من الاطمئنان الى ان مصالحها لن تمس وان مطالبها ستحظى بالموافقه كما أنها تدرك أن الرئيس بوش يتطلع للفوز بفترة رئاسة ثانية في الانتخابات التي ستجري في اواخر العام القادم وان ذلك سوف يدفعه لمجاملة الاسرائيليين واليهود الذين يتطلع لكسب دعمهم المالي واصواتهم ولذلك كله يدرك شارون ان الموقف في صالحه في النهاية ولعل هذا يفسر التراخي الامريكي في مواجهة التعنت الاسرائيلي.
ويشير المحللون الى العديد من المؤشرات التي تدل على تراجع الموقف الامريكي وليس تراخيه فقط ومن ذلك ان الرئيس بوش في خطابه الذي القاه في التاسع من مايو تجاهل تماما خريطة الطريق وركز فقط على عودة الاسرائيليين والفلسطينيين الى طاولة المفاوضات كما يشير المراقبون الى تصريحات عديدة لمسئولين أمريكيين ومنها قول السفير الامريكي في اسرائيل بأن خريطة الطريق لم تعد مناسبة وينبغي عدم المبالغة في اعطائها اهمية زائدة كما صرح ريتشارد بيرل عضو مجلس سياسات الدفاع التابع للبنتاجون بان الولايات المتحدة لا ينبغي ان تتسرع في مكافأة العرب بسبب موضوع العراق ومن ثم عليها ان تتروى في موضوع خريطة الطريق كما دعا مارتن انديك السفير الامريكي السابق لدى اسرائيل الى صرف النظر عن خريطة الطريق واستبدالها بمشروع اخر يضع فلسطين تحت الوصاية.
ويؤكد المحللون أن الراعي الامريكي أصبح مطالب الان أكثر من الفلسطينيين والامريكيين بتحديد موقفه من خريطة الطريق وعملية السلام ومدى التزامه بها والبدء في اتخاذ اجراءات ويؤكدون صعوبة الانتقال فورا من مرحلة انعدام الثقه الحالية بين الطرفين والتفاوض مباشرة حول حل نهائي.
ويشير المراقبون الى ان التداعيات الاخيرة تعطي دلالات بان خريطة الطريق الحالية ستخضع لتعديلات في جداولها الزمنية مما سيتطلب مفاوضات وجهود وساطة مكثفة تقوم بها الادارة الامريكية مع كل طرف على حدة ومن غير الواضح حتى الان ان ادارة بوش لديها الرغبة في بذل هذه الجهود المكثفة وهو ما يزيد من الشكوك حول فرص نجاح خريطة الطريق ويزيد من فرص فشلها.

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved