ضباب الهود عربد في رباها
فجرَّحَ حقدَه الدامي سناها
ضباب الهود مزق كلَّ خير
فبدد نورَها وسبا صباها
وعاث بأرضها كفرا وظلما
ومن شِرْيانها قهرا سقاها
فينفث سمه الممزوجَ غدرا
بقلب القدس والأقصى بكاها
ففي سوق النخاسة ثم بيع
لترب القدس ويحي من شراها
نعم فالقدس تشرى في نخاس
ومهد القبلة الأولى رثاها
فتبكي القدسُ مسجدها أنيناً
وفي أماقها حزنٌ غزاها
تنادي ثم تصرخُ أي صلاحٌ
فهل من منقذ حقّا أتاها
فصوت القدس مسموعٌ صريحٌ
ولكن لايجيب سوى صداها
خلوع قد توشَّح ثوب ذل
وتحت الذل عار لا يضاها
خنوع مذ تركنا السيف طوعاً
وكرها والوغى ثكلت رحاها
وتجثو الأمّة الغرّاء ذلا
على جمر تحرّقُ ركبتاها
تكبّل بالسلاسل حين تحمى
ويلقى الظهرَ من سخطٍ لظاها
فتُجلد باللظى وتمورُ فيها
وتزفرُ حرقة شدخت رناها
يتامى الجمر أمّهم الثكالى
أيامى عكّر الباغي شذاها
أيامى فرّقت برصاص غدر
فجاس العارُ في صلف حياها
وبات الحق مسجوناً كسيراً
ورأس الكفر حرا قد تباها
شريعةُ غابهم باللؤمِ سادت
وأغرقتِ الشرائعَ في طغاها
فأصلُ الرأس خنزيرٌ وأفعى
ونابُ الفكّ من ضبع أتاها
مخالبها تْجدّدُ من ذئابٍ
وذاك الذيلُ عقربَها حباها
وفيها القلبُ من صخر أصم
يمصُّ دماءنا يسقي دماها
وعين الروح شيطانٌ خبيث
وروحُ العين ابليسٌ غذاها
لتحجب نورنا في كل صقعٍ
وتقتله لكي يحيي دجاها
تكالب كفرهم رغما علينا
فتهنا في غيابات بناها
وصرنا بالهوان نذير شؤمٍ
وأمتنا الجميعُ قد ازدراها
فرمزٌ للهوان غدت حمانا
ونفسُ الحرّ قد سُلبت إياها
تناسوا مجدنا بل أنكروهُ
وجذوة مجدنا الزَّيف اعتراها
أنتركُ رفعة سطرت بنور
ونحن بفجرنا صغنا ضُحاها
أيرضى الذلَّ عملاق البرايا
أيرضى الضيم من رفع الجباها
أيرضى من أطاح بملك كسرى
ودكّ عروش روما بل محاها
ومن ملأ القفار غراس خير
وصار العدلُ حقا ملتقاها
هل اليرموك ترضى أم تبوكٌ
وذي حطينُ فاسأل عن رضاها
فتزار بالجواب صدور أسد
وترعد في يهود ومن تلاها
أكابرُ حقدكم لم تئس عزاً
أصاب عيونكم حتى عماها
هزمناكم بسيف بل بدينٍ
ونهزمُكم بملحمةٍ عراها
شريعةُ ربّنا في كل أمرٍ
نُحكمهُا ولن نرضى سواها
فتسمو راية التوحيد غرا
ويعلو الأرضَ دينٌ قد زكاها
وتشهر أمة المختار سيفا
يدقّ قيودها يمحو كراها
فتنفضُ عارها والذلَّ حتى
سنابكُ عزّها ترقى سماها
لنا العقبى فيا هودُ ارعووها
بملحمةٍ نذيقكمُ سلاها
ففيها نصرُنا والحقُ يزهو
وعينُ الكفر مفضوحٌ بكاها
فتلكَ معادهم مهما تمادوا
فصبراً «قدسنا» صبراً نراها