Thursday 22nd may,2003 11193العدد الخميس 21 ,ربيع الاول 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

شدو شدو
في ظاهرة الخارق للظواهر (1-2)
د. فارس محمد الغزي

في مقالة سابقة ناقشت شدو فرضية فحواها أن المجتمعات نادراً ما تستفيد من أفكار أفرادها الذين يسبقون بالنبوغ الأطر الزمنية لنضوج عقليات هذه المجتمعات، هذا وتعليقاً على هذه المقالة وجه إليَّ أحد الأقرباء - في مجلس عائلي - السؤال التالي نصه: إذا كان الفرد السابق لزمنه لا يفيد مجتمعه فأين اذن نضع التجارب التاريخية لعظماء التاريخ الذين قادوا مجتمعاتهم إلى تسنم مراتب العظمة الحضارية كتجربة المؤسس الملك عبد العزيز طيب الله ثراه.. فأين نضع تجربة التأسيس العظيمة هذه في ضوء معطيات فرضية ان السابق لزمنه لا يفيد مجتمعه؟
لأقول إن تجربة توحيد بلادنا الغالية على يد المؤسس الملك عبد العزيز لا يمكن في الحقيقة استيعابها تحليلاً من خلال معطيات الفرضية المذكورة، فكما أن للخارق للعادة مكاناً وزماناً من ذاته فله كذلك منهجية تختص بهذه الذات، عليه لا أعتقد أنه من العدل - منهجياً - تحليل تجربة التأسيس بمعيات فرضية من الفرضيات، فالتحليل الأمثل لمثل هذه التجربة من المفترض أن يتم بنظريات ومنهجيات مخبورة مسبورة أقربها إلى الذهن ما يعرف بنظرية «الرجل العظيم في التاريخ: The Great Man Theory of History»، حيث ترى هذه النظرية - باختصار شديد - أن التاريخ قد يصنعه فرد واحد.. فرد يمتلك من القدرات الشاملة ما يؤهله لتحقيق التغيير الشامل وليس هناك من هو أنسب لذلك من فرد خرق المعتاد وفند المألوف كالملك المؤسس رحمه الله حيث إن مجرد استعراض مسيرة التأسيس يضعنا أمام قدرات من الندرة بمكان وعن المألوف أبعد ما يكون بل إلى الدهشة أقرب وأقرب. فهي تجربة لم تسبق الزمن وحسب بل أيضاً صاغته وتحكمت بإذن الله بمساراته واتجاهاته. وبهذا يكون المؤسس قد أبطل ليس فقط معطيات الفرضية المشار إليها آنفاً بل ألقى بظلال الشك أيضاً على قطعية المنهجية العلمية القائلة بهامشية الاستثنائي النادر وغير المكرور من الظواهر الإنسانية.
ختامها سؤال: ما مدى دقة المعطيات المنهجية لمنطقية «السبب والنتيجة» والقائلة ان النادر من وقائع الحياة لا حكم له نظرياً أو منهجياً، وانه من الواجب بدلاً من ذلك التركيز على الظواهر السائدة / المكرورة / منتظمة الحدوث زماناً ومكاناً وبشراً..؟ أما الاجابة عن هذا السؤال ففي مقالة قادمة إن شاء الله.

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved