إن المملكة العربية السعودية أحرص ما يكون على محاربة العنف والتطرف وما يسمى بالارهاب، ولطالما حرصت على مكافحة ذلك بشتى السبل والوسائل، ولا يستطيع أحد ان ينكر الجهود الجبارة، المكثفة والمتواصلة التي تقوم بها المملكة في محاربة ومحاصرة ذلك والتي تجلت بوضوح في وضع استراتيجية أمنية موحدة لمحاربة التطرف داخل مجلس التعاون الخليجي والتي تبلورت صيغها النهائية عام 1998م، وهي أحرص ما يكون على تفعيلها وعلى تفعيل التعاون مع المجتمع الدولي في محاربة ما يسمى بالارهاب في اطار الأمم المتحدة.
والاسلام عمره أكثر من أربعة عشر قرنا من الزمن أي أكثر من ألف وأربعمائة عام، ومناهج التعليم الدينية في المملكة عمرها عشرات السنين، فما يحدث في العالم من عنف، وما حدث مؤخراً في الرياض يعد شيئاً دخيلاً ومستغرباً في مجتمعنا ولم يعرفه مجتمعنا من قبل، بل نحن آخر دولة في العالم ظهر فيها ذلك الارهاب، وهو ليس من الجهاد في شيء، الجهاد في ساحات القتال والمعارك مع العدو لا يكون جهادا في ساحات المدنيين الآمنين العزل الأبرياء فيروعهم ويحصد أرواحهم، إن قتل النفس البريئة التي حرم الله تعد من الكبائر، ولم يكن ليحدث ذلك في الكثير من دول العالم وفي المملكة مؤخراً، إلا نتيجة تراكم أحداث وتغيرات متتالية حدثت في العالم، وتلك الأحداث والمتغيرات هي الأجدى بتناولها لمعرفة ومواجهة الأسباب الحقيقية التي أدت الى انتشار تلك الظاهرة، أما إذا أردنا تضليل أنفسنا وتحقيق مآرب أعداء الاسلام والمسلمين فلنسير نردد ما يرددونه تماما مثل اعلامنا العربي الفاقد للهوية والانتماء والذي يؤدي سياسة الببغاء باتقان وراء كل مزاعم الاعلام الغربي والذي يعد من أكبر مآسي هذه الأمة لأنه بات علينا.. لا عونا لنا..
إن تجاهل المجتمع الدولي بجميع هيئاته ومؤسساته، لما يحدث في العالم ضد الاسلام والمسلمين وعلانية هو ما أصبح يسهل بكثير مهمة من يريد التغرير بالشباب المسلم أو من يريد أن يغسل عقولهم ويسيطر على أفكارهم وما يحدث ضد الاسلام والمسلمين علانية هو ما صنع التطرف والعنف وما يسمى الارهاب، وتجاهل تلك الحقائق سيكون له انعكاسات وخيمة ومرعبة على مجتمعاتنا لأن تجاهل ذلك سيغزي العنف والتطرف ويغذي ما يسمى بالارهاب، لأن أي جهود تبذل في العالم دون مواجهة الحقائق الفعلية التي فجرت ذلك في العالم ستهدر وتبوء بالفشل، لأن في المقابل الممارسات الاسرائيلية الأمريكية في تصعيد مستمر ضد المسلمين فتؤجج المشاعر بمزيد من الحقد والغضب، وتجاهل الحقائق التي نراها بأم أعيننا كل يوم في حق الاسلام والمسلمين في الأراضي المحتلة وفي أفغانستان وفي العراق واتباع سياسة التهديد والوعيد دائما في التعامل مع الأمة العربية والاسلامية وعدم استخدام لغة الحوار أو الحلول الدبلوماسية معها، واظهارها بأنها أدنى بكثير من ذلك هو ما يسهل مهمة السيطرة على عقول الشباب ويسهل من تنامي العنف والتطرف، فلقد قالها نيوتن منذ قرون لكل فعل رد فعل مساو له، وذلك للجماد.. فماذا عن البشر؟
ماذا يظن العالم ماذا يظن المجتمع الدولي، سيجني العالم أجمع اعتى ألوان وصور الارهاب مستقبلا لتجاهل مسبباته الحقيقية والهروب من مواجهتها والقاء اللوم ظلما وبهتانا على الاسلام تارة وعلى تعاليمه ومناهجه تارة أخرى.
إن في اليوم الثاني من التفجيرات في الرياض أعلنت اسرائيل بأن اليهود سيصلون بالأقصى حتى لو لم تقبل الهيئة الاسلامية المسؤولة عن القدس والأقصى، ولم نر من القوى العظمى تصد لذلك التحدي السافر للمسلمين ولمشاعرهم وخاصة ان الشباب المسلم في الأراضي الفلسطينية المحتلة حرمت عليهم الصلاة في الأقصى منذ سنوات وسمح للعجائز فقط...
وماذا ننتظر غداً؟ أن يمنع المسلمين من دخوله وماذا بعد غد؟ يتم هدمه وبناء هيكل سليمان عليه؟.
أموركثيرة لا تحصى ولا تعد وتجاوزات كثيرة لا تحصى ولا تعد في حق المسلمين في العالم ومجازر في حقهم يتم التغاضي عنها لأن مرتكبيها صهاينة وحروب غير شرعية تشن علينا وثروات تنهب علانية وتدخل في شؤون الدول والتعدي على سيادتها والتحكم في مقدرات الشعوب واغتيال حضاراتنا وثقافاتنا واجبارنا على التراجع والتخلف ومحاسبة العلماء والخبراء الفذة في الأمة كأنهم مجرمو حرب فتهمتهم الشنعاء والفادحة أنهم ينجزون انجازات علمية وتكنولوجية أسوة بالغرب المتحضر وذلك محذور وغير مسموح للمسلمين فعليهم ان يبقوا دائما في وضع متخلف.
إن الساحات العربية والاسلامية تحولت لحقل تجارب.. لأسلحتهم الذكية الغبية المحرمة دوليا التي حصدت أرواح الآلاف من الأبرياء المدنيين وشوهت آلافاً آخرين.
إن لم نواجه جميعا تلك الحقائق فنحن كالنعام الذي يخبئ رأسه في التراب، فبريء الاسلام كل البراءة من أي عنف أو تطرف أو ارهاب وبريئة مناهجنا الدينية العظيمة التي هي من صميم الشريعة الاسلامية السمحاء ومن صميم السنة النبوية المطهرة وبريء دستورنا الذي بتبني الشريعة الاسلامية الوسطية البعيدة كل البعد عن العنف والتي تنبذ بشدة الغلو والتطرف في الدين والدنيا وتكفل لنا حقوقنا وتصون كرامتنا، وبريء فكرنا من أي شوائب تشوبه نتيجة ذلك الدين الحنيف أو تلك المناهج المترفعة عن الشبهات، فنحن أكثر شعوب الأرض سماحة ولقد عشنا عقودا طويلة في مجتمعاتنا مع الوافدين من الغرب على مختلف دياناتهم ومذاهبهم ولم يسجل لنا التاريخ أي اعتداء أو عنف يمارس عليهم على مر أكثر من ستة عقود منذ توحيد هذه البلاد ومنذ ظهور البترول فتوافدت الشركات الغربية على هذه البلاد.. بل عاشوا في هذه البلاد عقودا طويلة آمنين على أرواحهم وأموالهم وأعراضهم أكثر مما يتمتعون به من أمن وأمان في أوطانهم، أين ذاكرة التاريخ وذاكرة العالم؟ هل يستطيع أحد ان يتنكر لتلك الحقائق المدونة الآن؟.
وعلى المجتمع الدولي بكافة هيئاته ومؤسساته، مساعدتنا الآن لمواجهة الحقيقة التي فجرت ذلك العنف والتطرف بحجة ضمان أمن اسرائيل، فهل ضمان أمن اسرائيل يتحقق على حساب فقدان أمن باقي شعوب العالم وبممارسة سياسة ارهاب القوى على الحكومات والشعوب العربية والاسلامية؟ على العالم مواجهة تلك الحقائق وإلا لن يسلم العالم أجمع من تبعات ذلك لأن هناك من يؤجج تلك الظاهرة ويغذيها وهم ليسوا منا ولا ينتمون للاسلام ولا للمسلمين بل هم ألد أعداء الاسلام والمسلمين، وبات الاسلام والمسلمون من ضحاياهم اليوم، وسيصبح العالم أجمع من ضحاياهم غداً...
ص.ب 4584 جدة 21421 فاكس: 6066701-02
|