* الرياض - الجزيرة:
قال ل «الجزيرة الدكتور» عبدالله بن عبدالرحمن الشثري عميد كلية اصول الدين بجامعة الامام محمد بن سعود الاسلامية انه لا يختلف احد أن حوادث التفجير الآثم الذي وقع في مدينة الرياض انها من الإفساد في الارض الذي حرمه الله ورسوله، واضاف الدكتور الشثري : لقد أجمع الناس واتفقت آراؤهم عامة وخاصة علماء وحكماء على بشاعة الجرم وشناعة الفعل وجاء بيان هيئة كبار العلماء في المملكة موضحا بشاعة هذا الفعل وفظاعة ذلك الجرم وانه هتك لحرمات الدين في الانفس والاموال والامن والاستقرار مدعما بالنصوص الشرعية القاطعة بتحريمه والمحذرة من فعله ومصاحبة اهله بما لا مزيد عليه.
غير اني اذكر في هذه الوقفة بما يجب علينا إزاء هذا الحادث المؤلم تجاه هذا الوطن الغالي في النقاط التالية:
1- نعمة الامن في البلاد:
الامن من النعم التي يمنحها الله لعباده وهو مطلب ضروري لكل البشر لان به استقرار الحياة، وبه يعيش الناس في امان واطمئنان ويقوم كل منهم بالعمل المناط به خير قيام، وبه تتحقق خصال السعادة في الحياة واعمارها بالعدل والرخاء والاقبال على الانتاج وينبغي للحفاظ على الامن تضافر الجهود وتلاقي الافكار في حمايته لان كل مواطن ومقيم هو المنتفع من استتباب الامن، واذا اختل الامن اختلت معه الحياة، حياة العبادة، وحياة المعاملة، وحياة المعيشة والاستقرار.
وإذا كان الامن بهذه المثابة فانه لا يقوم سلطانه ولا تثبت اركانه الا بمحافظة كل فرد عليه، ولئن كان الامن وحمايته واجباً من واجبات الدولة فهو كذلك واجب من واجبات المواطنين والمقيمين لانهم هم الذين ينعمون به.
* .
ومن خلال المحافظة على الامن تكون اليقظة والحيطة لمثل هذه الخطط الماكرة والاعمال الاجرامية التي تسعى للنيل من امن البلاد واستقرارها وحرمان الناس من هذه النعمة العظيمة وواجب علينا ان نضع ايدينا في ايدي ولاة الامر تعاوناً معهم في استتباب الامن، وكشف خطط المفسدين، ومكر الماكرين.
وكل من علم شيئاً عن هؤلاء المخربين ان يبلغ عنهم الجهات المختصة لا هذا من التعاون على البر والتقوى، ولا يسوغ السكوت على فعلهم او تبرير عملهم لان ذلك داخل في التعاون على الإثم والعدوان.
2- حماية عقول الشباب:
ولا ريب ان من اسباب شيوع الافكار المنحرفة والانشطة المحرمة والممارسات السيئة الجهل بحقائق الاسلام ومقاصد الشريعة، والجهل بمناهج السلف الصالح في الحكم والتصور، والجهل بحقوق الآخرين وحرمة ايذائهم والاساءة اليهم بالقول او الفعل.
3- التدين وحده لا يكفي:
لابد من مصاحبة التدين العلم الشرعي، اما التدين وحده بلا علم فقد يتحول الى سلاح يفتك بصاحبه وبغيره.
ولهذا فإن من تتبع تاريخ الاسلام في وقوع الاحداث الكبرى وجد انها، غالبا، وقعت باسم التدين المجرد من العلم الشرعي، وهذا ظاهر في التآمر على قتل عثمان بن عفان رضي الله عنه، وقتل علي بن ابي طالب رضي الله عنه.
فينبغي التأكيد على ان العلم الشرعي الصحيح المبني على نصوص الكتاب والسنة، وفهم السلف الصالح لهما هو الذي يوجد التدين الصحيح وهو الكفيل.
بعد توفيق الله.. ببناء مجتمع متكامل قوامه المحبة والرحمة والإحسان والتعاون على البر والتقوى، فإنه لا سبيل الى التدين الصحيح والى معرفة حقيقة الاسلام والانقياد لأحكامه واوامره إلا بالعلم الشرعي.
فإن العلم الشرعي المتلقي عن كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم يقي الناس من الزيغ والفتنة ويرد عنهم الظلم والاعتداء، وبه يعبد الله وحده، ويؤدي حقه وينشر دينه، وتصان حرماته وتحفظ حدوده، وتحارب الافكار الهدامة، والدعوات المضللة والانشطة المحرمة، فمن اقبل عليه وحصن نفسه به فهو ابعد الناس عن اي عمل اجرامي او اعتداء آثم، وهو ابعد الناس عن انتهاك محارم الله وتعدي حدوده لان عنده من العقل والرشد والفهم والحكمة بهذا العلم ما يردعه عن مخالفة ما تعلمه.
فإن الذي دعا تلك الفئة من الناس الى القيام والاقدام بأعمال التفجير بعدهم عن معطيات العلم وآدابه واخلاقه، وبعدهم عن مجالس اهل العلم الراسخين فيه الذين هم اعرف الناس بالاحوال واقدر الناس على استصدار الاحكام، واقرب الى الصواب واحرى للسلامة من الخطأ.
4- دور رجال التربية والتعليم:
واجب على اولياء الامور ورجال التربية والتعليم واهل العلم والقائمين على وسائل الإعلام والصحافة وكل من ولاه الله امانة ورعاية ومسئولية ان يسعى في تحصين الشباب وبناء عقولهم وتأسيس افكارهم على منهج السلف الصالح الذي هو منهج الوسط والاعتدال والتوازن في بناء العقيدة ورسوخ الإيمان والتحلي بالحلم والاناة والرفق والاخلاق الفاضلة، وصدق التعلق بالله وحده والاعتماد عليه وحفظ حقوق الله وحدوده والقيام بحقوق عباد الله ورعاية مصالح المسلمين، والسعي في كل ما يثبت الشباب ويقوي ايمانهم ويدفعهم الى التعقل والرشد في حياتهم، فشبابنا ان لم ينشغل في الخير والعمل والانتاج نهبته الافكار الطائشة وسيرته العقول المغرضة وحينئذ، سيتخبط في دوامة من الترهات والمهازل والاخطار.
إنه لحقيق بالقائمين على التربية والتعليم ان يولوا هذا الجانب مكانة من العناية والتفكير العميق والنظر الدقيق والبحث عن اسباب كل انحراف فكري او شذوذ اخلاقي وتكون معالجته في ضوء تعاليم الاسلام، لنحمي شبابنا من علل البطالة ولوثات الفراغ ونمكنهم من تحقيق آمالهم ورغباتهم في الحياة، لتتخلص الامة من مفاسد كثيرة وشرور عريضة واخطار عظيمة.
5- الصحافة وحماية الفكر:
تتحمل الصحف اليومية جزءا كبير من المشاركة في التوعية وحماية الفكر من لوثة الانحراف ومطلوب منها المبادرة السريعة لفتح بوابة التوجيه لتقوم بدورها الفاعل، لان واقع صحفنا - والحق اقول - لم يقم بالدور المرضي في هذا المجال. واتمنى من رؤساء التحرير اعادة النظر بجد في المواد المطروحة للقراء لئلا يطغى جانب على آخر، ومن امعن النظر بواقعية وموضوعية في تضاعيف كل صحيفة، فسيجد ان محيط المساحة في هذه الصحف لمن اراد المشاركة من اقلام العلماء والمثقفين والمفكرين من رجالات التعليم ضئيل جداً بالقياس مع المساحات الاخرى، ولقد سمعت كثيراً من الغيورين على هذا الوطن وشبابه يشكون من قلة التجاوب معهم من وسائل الصحافة، وتأخير نشر المواد التي يشاركون بها ونحن بحاجة ملحة الى نشر فتاوى اهل العلم ذات المساس بواقع الامة والى عقد الندوات التي تعالج قضايا التكفير والانحراف الفكري والشذوذ الاخلاقي، وعلى رؤساء التحرير احياء هذه القضايا المهمة ومنحها قدراً كبيراً من العناية والتعاون مع الجامعات والمؤسسات التعليمية في اثراء الصحف بما لديهم من كنوز علمية في توعية الناس وبخاصة الشاب منهم فليس دور الصحف في اعلانات تجارية او تحليلات سياسية او مقطوعات ادبية فحسب بل يشمل هذا وغيره من الاطروحات الهادفة التي تلامس شعور كل القراء، كما ان الكتابة فيها لا يصح ان تكون حكراً او وقفاً على اقلام معينة نرى صورهم وافكارهم واسماءهم كل يوم وكأنه لا يوجد لدينا من الكتاب غيرهم!!! انني انادي بالاعتدال والانصاف والوسطية وفسح المجال لمن يرغب المشاركة بقلمه وفكره ورأيه في خدمة دينه ووطنه وامته!!
6- كبار العلماء والشباب:
يواجه كثير من الشباب اليوم ازمة في التوجيه وتتعدد لديهم مصادر التلقي في التوعية ومن يفتح صدره وبابه لهم فهم يقبلون عليه، ونحن نطلب من علمائنا ومشايخنا الفضلاء من كبار العلماء ان يمنحوا هؤلاء الشباب جزءاًَ من أوقاتهم ليجيبوا على تساؤلاتهم ويسمعوا ما يدور في آذانهم فرب شبهة او شبهات انطلت على احدهم لكنه لم يجد من يفندها له او يوضح له بطلانها، فضرورة التقاء العلماء بالشباب مهمة لابد منها لانها هي التي تزيل اللبس وترفع الشبهة وتضمد الجراحات.
فان العلماء هم الذين ينيرون السبيل للشباب وهم الانوار المضيئة والمصابيح المنيرة للناس.
7- الافتراء على مناهج التعليم:
شبهة ظهرت وفرية اشتهرت من اعداء الاسلام تدعو الى محاصرة نشر الدين وتجفيف منابع التدين باسم خطر المناهج الدراسية ودور العلم ومؤسسات التعليم وهي دعوى خطيرة جداً لها ابعاد استهدافية حين وصفوا مناهج التعليم والدعوة الى الدين المستقيم بأنها مصادر الارهاب وانها علامة التطرف.
والعجب ان يتولى هذه الفرية ويحولها الى واقع قوم افتتنوا بالحضارة الغربية الحديثة ممن ينتمون للاسلام ويتكلمون باسم الإسلام.
* .
ومن تأمل في حال الذين يمارسون اعمال العنف والارهاب والاعتداء على الارواح والممتلكات وجد انهم ابعد الناس عن مناهج العلم الشرعي واحكامه واوامره ونواهيه.
* ؟ ان مناهج التعليم وآدابه واخلاقه تبنى عقولاً راشدة وتؤسس الرفق والرحمة والعدل والاحسان وتنبذ الارهاب والتطرف والجور والعنف، واذ وجدت طائفة من الناس توصف بالارهاب فهي خارجة عن آداب تلك المناهج ولا يسوغ ان تنسب الى الاسلام في شيء.
المتأمل في أحوال منفذي الأعمال الإرهابية يجد أنهم أبعد الناس عن مناهج العلم الشرعي وأحكامه وأوامره ونواهيه
ولا تفسدوا في الأرض
عبدالرحمن بن عبدالله بن زيد الخرعان
لقد كانت الجزيرة العربية قبل قرن من الزمان.. مسرحاً للفوضى والاعتداء والسلب والنهب حتى هيأ الله لها. المؤسس المخلص الإمام عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود رحمه الله الذي جمع الله على يديه شمل هذه البلاد المباركة بلاد الحرمين الشريفين فوحد الله به قبائلها وديارها. ومنذ أن توحدت هذه البلاد باسم المملكة العربية السعودية. وقادتها يسعون في خدمة الإسلام والذود عن العقيدة والدفاع عن قضايا الأمة إلى يومنا. هذا العصر الميمون عهد خادم الحرمين الشريفين وفقه الله وليس هذا بغريب. فإن هذه المملكة تتميز بوجود المقدسات الإسلامية فيها. ولها دور كبير ريادي في نشر الخير والعدل والسلام. لدى كافة شعوب المسلمين في شتى أقطار الأرض. بل إن جهودها شملت معظم عواصم العالم من شرقه إلى غربه. وهذا الدور أغاظ أعداء الإسلام في كل مكان.
إن ما حدث من تفجيرات في مدينة الرياض يوم الاثنين الماضي الموافق 12/3/1424هـ. يعد جريمةً شنيعةً ومنكراً عظيماً تألم لوقوعه العقلاء حيث أنه من الإفساد في الأرض وترويع للآمنين واعتداء على نفوس معصومة الدم والمال. والله تعالى يقول {وّلا تٍفًسٌدٍوا فٌي الأّرًضٌ بّعًدّ إصًلاحٌهّا} ويقول جل شأنه {وّلا تّعًتّدٍوا إنَّ اللّهّ لا يٍحٌبٍَ المٍعًتّدٌينّ}.
فالاعتداء على مسلمين وغير مسلمين يعتبر خيانة وغدراً وإثماً وجرماً شنيعاً وهتكاً لحرمات الدين. ولا يفعله إلا نفوس فاجرة شريرة مليئة بالحقد والبغي والعدوان ذلك لأنه عمل إجرامي مخالف لشريعة الإسلام لا يقره عقل ولا دين.
إن هؤلاء الخونة الآثمين المارقين المعتدين. قد خانوا الأمانة وخانوا العهد وشقوا عصا الطاعة لولاة الأمر الذين لهم الفضل بعد الله في تحقيق الأمن والسلام لكل مواطن ومقيم.
ونحن نتساءل كيف حصل هذا الأمر من هذه الفئة الباغية الضالة وهم يعيشون تحت ظل هذا الوطن الذي أعطاهم الخير الكثير. أبعد هذه النعمة يحصل منهم هذا الفعل الشنيع. إن هذا الفعل يعتبر انحرافاً في العقيدة والسلوك وميلاً عن السراط المستقيم. ولكن أملنا في الله كبير أن يبقى بلدنا شامخاً بإيمانه عزيزاً بحكامه ثابتاً لا تضره ولا توثر عليه هذه الأفعال الإجرامية من فئة شاذة على مجتمعنا ودخيلة على قيمنا وعاداتنا.
إننا نحن المواطنين نجدد الولاء والسمع والطاعة لولاة أمرنا أيدهم الله بنصره ونستنكره بشدة هذا العدوان الآثم ولا نرضاه لبلادنا ولا لغيرها ونرفض الإرهاب بكل صوره وأشكاله.
يجب علينا أن نكون جميعاً يداً واحدة وعيناً ساهرة وجنوداً أوفياء متعاونين مع رجال الأمن في كل ما من شأنه حفظ أمن الوطن واستقراره وملاحقة المجرمين الذين يحاولون العبث في أمن الوطن وراحة المواطن.
في نهاية هذه الكلمة المتواضعة أتقدم بالشكر لله ثم لحكومتنا الرشيدة ولسمو سيدي وزير الداخلية «الأمير نايف بن عبدالعزيز وسمو نائبه وسمو أمير منطقة الرياض الأمير سلمان بن عبدالعزيز وسمو نائبه ورجال الأمن المخلصين على اهتمام الجميع المتواصل لحفظ أمن الوطن وراحة المواطن.
هذا وأسأل الله تعالى أن يحفظ بلادنا من كل سوء ومكروه وأن يحفظ قائدنا ومليكنا «خادم الحرمين الشريفين» وأن يلبسه ثوب الصحة والعافية وأن يوفق ولي عهده الأمين وسمو النائب الثاني وجميع ولاة أمرنا إلى ما فيه الخير. كما نسأله سبحانه وتعالى أن يحمي شبابنا وأن يعيذنا جميعاً من مضلات الفتن ما ظهر منها وما بطن إنه ولي ذلك والقادر عليه.
|