لقد تفاجأنا مساء الاثنين 11/3/1424هـ بوقوع أعمال ارهابية انتحارية في مدينة الرياض استهدفت ثلاثة مجمعات سكنية في غرناطة وأشبيلية والحمراء والتي يقيم بها الكثير من الأسر المختلفة. ثم تابعنا البيانات الاخبارية المتتالية وشاهدنا مواقع الأحداث على شاشات التلفزيون واستمعنا بكل الحزن والأسى والألم لتصريحات المسؤولين ورجال الأمن وشهود العيان والتي شرحت لنا تصورا واقعيا كاملا عن أوصاف ومجريات هذه الأحداث الدامية والأساليب الشيطانية التي نفذها هؤلاء الجبناء والتي سقط على أثرها عشرات القتلى وعدد كبير من الجرحى وما حدث من دمار وخراب في المباني السكنية والمنشآت والمرافق المختلفة بالمجمعات السكنية.
ومن المؤسف ان تحدث هذه الأعمال التخريبية في بلاد الحرمين الشريفين دولة التوحيد وقلعة الاسلام وحصنه المنيع ومضرب الأمثال في الأمن والسلام والطمأنينة والاستقرار وواحة الايمان والأمان والتي تنعم بالاستقرار الاجتماعي والتلاحم القوي بين كافة شرائح المجتمع كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا.. فهي الدولة الوحيدة في العالم التي تطبق الشريعة الاسلامية المستمدة من القرآن الكريم ومن السنة النبوية المطهرة، وهي الأرض الطاهرة المقدسة التي اختصها الله عز وجل وشرفها بمهبط الوحي ونزول القرآن الكريم ومولد الدين الاسلامي الحنيف وبها الأماكن المقدسة.. ولقد سخر الله هذه البلاد المباركة لخدمة حجاج بيت الله الحرام والمعتمرين والزوار الى أن يرث الله الأرض ومن عليها، فأهل هذا الوطن المبارك والمقيمون على أرضه ينعمون بالراحة والسكينة والطمأنينة وهم آمنون على أرواحهم وحرياتهم وأعراضهم وأموالهم وممتلكاتهم في ظل ولاة الأمر تحت قيادة خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين وسمو النائب الثاني حفظهم الله وحكومتنا الرشيدة.
ومن المؤسف أيضا أن يكون هؤلاء الارهابيون السفاحون القتلة المجرمون من الذين انحرفوا وخرجوا عن طاعة الله وعن طاعة ولاة الأمر وأضلهم الشيطان وغرر بهم وأعمى أبصارهم وبصائرهم.. وهم قلة والحمد لله.. لقد تأثروا بالتيارات الفكرية والدينية المنحرفة الشاذة الدخيلة على الاسلام والتي اجتاحت كثيراً من الدول العربية والاسلامية في السنوات الأخيرة.. ومن المؤكد ان هؤلاء قد وقعوا فريسة سهلة لسذاجتهم في يد أعداء الاسلام في الخارج.. وبذلك استطاع أعداء المملكة والحاقدون عليها ان يستغلوا سذاجة هؤلاء وضعف ايمانهم وان يوجهوهم ضد بلادهم ومجتمعهم وأهلهم وذويهم وهم يحسبون ان أفعالهم الاجرامية وعدوانهم وأحقادهم يمكن ان تؤدي الى زعزعة أمن واستقرار المملكة.
كما ان اعتداء هؤلاء الأشرار على أرواح الناس من مواطنين وأجانب المتواجدين بالمملكة يعد من البغي والافساد في الأرض وهي من الأفعال التي حرمها الاسلام.
كما ان هؤلاء الارهابيين الانتحاريين الذين قتلوا وأصابوا كل من أوقعه حظه العاثر في طريقهم من الأبرياء، ثم فجروا السيارات المفخخة المحملة بالمتفجرات كانوا هم أول من قضت عليهم الانفجارات فقتلوا أنفسهم وهم يحسبون أنهم مجاهدون في سبيل الله في حين ان أفعالهم المشينة كما قال علماء الدين لا تعد جهادا ولا تمت الى الاسلام بصلة فقد حرم الله اهدار الدماء أو التعدي على الأبرياء كما حرم ترويع الناس ومن ثم فإنه لا يجوز الربط بين الارهابيين وبين الدين الاسلامي الذي هو براء منهم ومن أفعالهم التي لا يقرها عقل ولا دين..
وكما جاء في تصريح هيئة كبار العلماء بأن المسلمين لا يختلفون في تحريم الاعتداء على الأنفس المعصومة.. كما أدانوا تلك التفجيرات والتي تعتبر كبيرة من كبائر الذنوب العظام لأن ما حدث من قتل وتدمير وترويع واصابات لكثير من سكان المجمعات من المسلمين وغيرهم تأباه شريعة الاسلام التي تحرم الاعتداء على الدين والنفس والمال والعرض والعقل وتحرم الاعتداء على الأنفس المعصومة في دين الله.. وهكذا فقد خسر هؤلاء الأغبياء الدنيا والآخرة وظلموا أنفسهم وماتوا وقد خرجوا من عداد المسلمين ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
ونحن جميعا نعرف ان الارهاب ظاهرة عالمية نشأت أولا في الدول الغربية، ثم ازداد الارهاب وانتشر حتى أصبح يشكل أخطر الظواهر التي يواجهها العالم بأجمعه، فالارهاب ليس له وطن ولا دولة ولا دين.. وكان من الطبيعي ان تنصب أحقادهم ضد المملكة العربية السعودية لأنها قلعة الاسلام وقبلة المسلمين، ولم يكن ذلك خفياً على ولاة الأمر في المملكة.
فقد صرح سمو وزير الخارجية بأن ظاهرة الارهاب الدولية أصبحت تهدد أمننا واستقرارنا ومحاربتها مسؤولية مشتركة بين المواطنين والمسؤولين.
لقد كانت القيم والمبادئ التي تنفرد بها المملكة وتميزها عن غيرها من الدول الاسلامية الأخرى تجعلها بعيدة عن التيارات الدينية المتطرفة والأفكار المنحرفة المنتشرة في الخارج.
إن الكلمة التي وجهها سمو ولي العهد حفظه الله الى المواطنين قد عبرت بكل صدق ووضوح عما يدور في أذهان المواطنين، بل وعبرت أيضا عن الاجماع العربي والدولي من نبذ الارهاب والعنف بكل صوره، وقد شملت كلمة سموه أن الدولة ساهرة على حماية أمن الجميع والقضاء على الطغمة الفاسدة بتكاتف المواطنين وان المجرمين لن يهزوا شعرة واحدة من جسد أمتنا ولن يحلموا بزعزعة أمننا، وان الشعب السعودي لن يسمح لقلة من المفسدين بسفك دماء الأبرياء وترويع الأطفال والنساء، فجميع أبناء الوطن شيوخا وأطفالا ونساء ورجالاً يقفون صفا واحدا متماسكا لادانة هذا العمل، ونحذر كل من يحاول ايجاد تبرير لهذه الجرائم الشنعاء ومن يفعل ذلك يصبح شريكاً حقيقياً للقتلة.
هذه الكلمة الجامعة المانعة قد حددت ورسمت الخطوط العريضة لمنهاج العمل الوطني في الفترة المقبلة للقضاء على هذه الأعمال الشاذة والمرفوضة والدخيلة على وطننا والتي سوف نتخطاها بإذن الله بتكاتفنا جميعاً كمواطنين مع ولاة أمرنا «حفظهم الله».
نسأل الله عزوجل أن يحمي بلادنا الغالية وان يحفظ عليها أمنها وعزها واستقرارها، وأن يحمي شباب هذا الوطن وجميع من يستظل بظلة.. وخير الدعاء ما جاء على لسان أبي الأنبياء سيدنا ابراهيم عليه السلام {رّبٌَ اجًعّلً هّذّا بّلّدْا آمٌنْا وّارًزٍقً أّهًلّهٍ مٌنّ الثَّمّرّاتٌ}.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
* مدير عام المؤسسة العامة لصوامع الغلال ومطاحن الدقيق
|