Thursday 22nd may,2003 11193العدد الخميس 21 ,ربيع الاول 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

(الإضرار بأمن الوطن جريمة) (الإضرار بأمن الوطن جريمة)
د. خالد بن عبدالله بن دهيش ( * )

اندهش الجميع من جراء العمليات الإرهابية التي وقعت في شرق الرياض ليلة الإثنين 12/3/1424هـ والتي نتج عنها القتل الظالم لعدد من المواطنين والمقيمين من العرب والأجانب، ومع عدم جزم صاحب السمو الملكي الامير نايف بن عبدالعزيز وزير الداخلية بالربط بين هذا الحادث الإجرامي وعملية الكشف عن مركز العصابة الإرهابية التي أعلن عنها قبل أيام من الحادث حتى تظهر التحقيقات الأولية. إلا أن هذا الربط غير مستبعد لما يلي:
1 أن العصابة الإجرامية التي كشفت مؤخرا كان لديها العدة والعتاد من الأسلحة المختلفة الأنواع والتي لا يمكن ان تضبط إلا ولها أهداف إجرامية بلا شك.
2 أن الشباب الذين أعلن عنهم عليهم سمات التدين مما يعني ارتباطهم بجهات مشبوهة كالقاعدة غررت بهم وسممت افكارهم.
3 أن هذا الاتجاه أعلن مرات عديدة تبنيه لمثل هذه التوجهات الإجرامية كتبنيه الإضرار بالأجانب بدعاوى غير صحيحة.
ولذلك أحسب أن هذه العصابة وما قامت به من اعمال تفجيرية ناتج مما تؤمن به من اتجاهات اجرامية لا تمت للدين الصحيح بصلة، والجميع من أبناء هذا الوطن وبخاصة الشباب الذين درسوا وتخرجوا في مدارسنا وكلياتنا وجامعاتنا يعلمون حق العلم ويتيقنون حق اليقين ان ما تم من أعمال اجرامية لا يمت للاسلام بصلة وذلك لما يلي:
أولا: ان الاسلام دين السلام والمحبة والتآخي وينبذ العنف حينما يكون اعتداء وظلما بدون وجه حق.
ثانيا: الإسلام حرم ترويع الآمنين وحذر منه.
ثالثا: ان الاسلام قد احترم الاديان السماوية، وانه لا اكراه في الدين ولا يصح بحال أن تثار عداوات بين الأديان لصالح طرف على آخر.
رابعا: الإسلام كان حكيما حينما اعلن احترام غير المسلمين من الذميين والمستأمنين وهذه سمة عرفت عن ديننا الحنيف، واشاد بها المنكرون غير المسلمين.
خامسا: التحذير الشديد من ايذاء الذميين والمستأمنين بقول الله تعالى: {لا يّنًهّاكٍمٍ اللهٍ عّنٌ الذٌينّ لّمً يٍقّاتٌلٍوكٍمً فٌي الدَينٌ وّلّمً يٍخًرٌجٍوكٍم مٌَن دٌيّارٌكٍمً أّن تّبّرٍَوهٍمً وّتٍقًسٌطٍوا إلّيًهٌمً} من هذه المعالم الاسلامية والانسانية في الموقف من المسلمين ومن غيرهم نعلم مدى جرم ما اقترف بحق الوطن واهله والمقيمين فيه.
وان دل هذا الجرم على شيء فإنما يدل على ان هؤلاء الفاعلين لتلك الجريمة لا يخرجون عن حالتين:
اما جهلهم بأصول ديننا الحنيف، وأنهم لا تعنيهم هذه القيم النبيلة وانما يقصدون الافساد واشاعة الخوف بين المواطنين والمقيمين، واما ان يكونوا يقصدون ايذاء فئات بعينها، فإن ذلك مع ما سبق الاشارة إليه من تحذيرات شرعية لا مبرر له ألبتة وحصوله انحراف عن الصراط المستقيم ويزيد الطين بلة انهم القوا بأنفسهم الى المهالك وقتلوا انفسهم بدون وجه حق.
ان الجهاد في الاسلام عبادة لها اصولها ولها ضوابطها ولا يصح بحال من الاحوال ان تكون محل اجتهاد من قبل اناس لا يملكون حق الاجتهاد، ولذلك اساءوا لانفسهم قبل ان يسيئوا لغيرهم، وحسبهم انهم ارتكبوا ظلما وإثما عظيما بقتل انفس بريئة من اخوانهم المسلمين ومن المعاهدين، ولا يفوتني بهذه المناسبة الاشارة الى ناحية مهمة قد يثيرها بعضهم وهي ان هؤلاء هم ثمرة الاتجاه الاسلامي السائد في بلادنا وهذا بلاشك افتراء وذلك لما يلي:
1 ان ديننا الحنيف كما اسلفت الإشارة اليه يرفض هذه الاتجاهات المتطرفة.
2 ان مناهجنا ولله الحمد والمنة كانت وما زالت وستبقى من احسن المناهج التي تعلم وتربي الاجيال بروح اسلامية، فما هي نسبة هؤلاء الى الآلاف المؤلفة بل والتي تزيد على المليونين من الطلبة والدارسين في مدارس المملكة من البنين ومثلهم من البنات وهم ولله الحمد انموذج طيب للاجيال المسلمة (وان كانت المناهج بشكل عام تحتاج للمراجعة من فترة الى اخرى وفقا للتقييم التربوي وبما يناسب العمر والحال).
ولا نظن هؤلاء الا فئة شاذة والشاذ لا حكم له وبخاصة ان العلماء والهيئات الاسلامية قالوا رأيهم في هذه الفئة وحذروا من السقوط في توجهاتها حاضرا ومستقبلا.
وهذا هو الحق الذي لا يماري فيه احد ونعتقد ان مدارسنا ولله الحمد قد نجحت في تخريج اجيال صالحة ما زالت تعمل في خدمة الدين ثم المليك والوطن. والمناهج السعودية بشكل عام قد اعدت بواسطة خبراء تربويين وتعليميين، ولم نسمع طوال العقود الماضية وجود أي شذوذ او انحراف فكري ينسب إلى مناهجنا الدراسية، ومع هذا فإن المناهج والمقررات الدراسية تراجع من حين لآخر للبحث عن افضل ما يقدم لفلذات الأكباد.
ونحسب ان هذا ما اوضحه كثير من العلماء والباحثين والمحللين حيث اوضحوا ان اولئك الشباب المنحرفين قد نقلوا اتجاهاتهم العنيفة من خارج الوطن ومن هنا يلزم المزيد من التوعية الاسلامية والفكرية لشبابنا والحوار معهم وإزالة الشبهات من عقولهم والتوعية بسماحة الدين الاسلامي دين المحبة والسلام وبإذن الله ستتلاشى هذه الافكار الشاذة لان البقاء للاصلح فيجب ان يبقى الوطن في اذهاننا وفي عقولنا محل التقدير والاحترام فإن التفريط في امن الوطن جريمة يجب ان يحاسب عليها كل منحرف عن الجادة حتى يكون عبرة لمن يعتبر.

( * ) وكيل وزارة التربية والتعليم للشؤون التنفيذية لتعليم البنات

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved