Thursday 22nd may,2003 11193العدد الخميس 21 ,ربيع الاول 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

شبح الديون والمصالح يعرقلان إعادة تعمير العراق شبح الديون والمصالح يعرقلان إعادة تعمير العراق

* القاهرة طارق عبدالغفار أ.ش.أ:
باتت خطط اعادة اعمار العراق مهددة نتيجة الديون المتراكمة التي تثقل كاهل العراق اضافة الى زيادة معدل الفقرفي تلك الدولة التي تمتلك أكبر احتياطي نفطي في العالم والمحاولات الروسية والفرنسية الرامية الى ضمان مصالحها بالعراق في مواجهة سعي الشركات الامريكية إلى ابتلاع جميع عقود اعادة بناء تلك الدولة التي مزقتها الحروب طيلة السنوات العشرين الاخيرة.
ويرى محللون استراتيجيون مثل ادوين ترومان انه من الظلم سياسيا واقتصادياتحميل الحكومة التي ستتولى شؤون العراق في مرحلة ما بعد الحرب مسؤولية دفع الديون المتراكمة منذ نظام الرئيس العراقي السابق صدام حسين الا انه في الوقت نفسه لا يمكن مطالبة الدول الدائنة بالغاء ديون العراق.
وتشير تقديرات سابقة إلى أن الديون العراقية المستحقة لحساب روسيا وفرنسا تبلغ نحو ثمانية مليارات دولار لكل منهما أغلبها من أجل عقود أُبرمت في الثمانينيات الا أن بعض المحللين يقولون ان الديون العراقية المستحقة لموسكو ربما تصل الى 12 مليار دولار.
وذكرت وزارة المالية الألمانية أن العراق مدين لبرلين بمبلغ يقل قليلا عن أربعة مليارات يورو.
وقبيل انعقاد قمة الدول الصناعية السبع التي عقدت في واشنطن يوم 12 أبريل الماضي اقترح نائب وزير الدفاع الأميركي بول وولفويتز على الدول الصناعية التي كانت تعتبر أشد المعارضين للحرب على العراق كفرنسا وألمانيا وروسيا أن تبادر باسقاط دينها كليا أو جزئيا مساهمة منها في اعادة اعمار العراق.
وقال ادوين ترومان المحلل الاستراتيجي ان المشكلة تكمن في أن الحكومة العراقية لم تبادر بدفع أي جزء من ديونها منذ أكثر من عشر سنوات مشيرا الى أن تلك الديون يمكن تأجيلها لفترة زمنية معينة.
وأضاف ان الحكومة التي ستتولى زمام الامور بالعراق ينبغي عليها المبادرة بتسديد التزامات العراق المؤجلة لمؤسسات التمويل الدولية كصندوق النقد والبنك الدوليين والتي تبلغ حوالي 200 مليون دولار حتى يتسنى للحكومة العراقية الاعتماد على موارد المؤسستين في مرحلة الاعمار.
وقال متحدث باسم وزارة المالية الألمانية ان مسألة إلغاء ديون العراق أمر يعود إلى نادي باريس ويمكن أن يتم اتخاذ قرار ثنائي بشأنه.
وفي السياق نفسه أكد وزراء مالية الدول الصناعية السبع في بيان صدر مؤخراً على أهمية التغلب على مشاكل الديون العراقية، وفي المقابل دعت الولايات المتحدة روسيا وفرنسا وألمانيا للاسهام في إعادة بناء العراق بالغاء جزء أو كل القروض التي قدمت في عهد الرئيس صدام حسين وقالت ألمانيا وفرنسا وهما عضوان في نادي باريس الى جانب روسيا ان مناقشة ديون العراق أمر سابق لأوانه.
وأكد وزير التعاون والفرنكفونية الفرنسي بيير أندريه ويلتزر ان الدول الدائنة ستلاحظ أن ديون العراق أكبر من أن يتمكن من تسديدها موضحاً أن الموقف الفرنسي في مسألة الديون العراقية سيتحدد في اطار مشاورات مع الدول الدائنة الأخرى وليس هناك موقف محدد مسبقاً في هذا الشأن.
وأضاف سنلاحظ على الأرجح أن حجم مجمل الديون بما فيها تعويضات الحرب أصبح كبيرا الى درجة أن العراق لا يستطيع تسديدها أو أنه يجب جدولتها على عشرات السنين.
وقال ربما سيكون علينا أن نرى الى أي حد نستطيع خفض أو الغاء هذه الديون، وأكد الوزير الفرنسي أنه من السابق لأوانه الحديث عن أي اجراء موضحا أنه لا شيء يسمح حالياً بالحديث عن أمور محددة في هذا الشأن.
وكان وزير الاقتصاد والمالية الفرنسي فرانسيس مير قد أعلن في تصريحات سابقة أنه اذا كنا نريد مساعدة العراق على الانطلاق فمن الواضح أنه سيكون علينا على الأرجح عدم تحميله عبء الديون القديمة فورا.
ويرى خبراء اقتصاديون أوروبيون أنه لن يكون بمقدور أية حكومة مستقبلية في العراق الوفاء بهذه الديون المتراكمة وهو ما ينذر بوقوع معركة أخرى من جانب الدول الدائنة.
ويتوقع هؤلاء الخبراء أن هذه الدول ستخسر الكثير من هذه الديون وسيكون من الضروري القيام بعملية واسعة لإعادة جدولة ديون العراق.
ويرى خبراء أميركيون أن من الممكن التخلي عن قسم كبير من التعويضات المرتبطة بحرب الخليج عبر اقناع دول مثل الكويت والسعودية بأن سقوط صدام حسين يشكل أفضل تعويض.
كما يرى خبراء بصندوق النقد الدولي أن الدين العراقي يجب خفضه الى حد كبير، ولتحقيق ذلك يجب تشكيل حكومة جديدة تكون قادرة على التفاوض وهذالا يمكن أن يحصل عبر إدارة عسكرية انتقالية أو حتى إدارة انتقالية مدعومة من الأمم المتحدة.
ورغم حرص القوات الامريكية على حماية آبار النفط العراقية فور بدءالعمليات العسكرية على العراق ما تزال صادرات النفط العراقية متوقفة منذ 2 مارس الماضي.
واكد جون شوين المحلل الاستراتيجي ان غياب آليات بيع النفط كخطوط المواصلات الآمنة والبنية النفطية والإستراتيجية السياسية والقانونية بالعراق تعرقل عمليات اعادة اعمار العراق وتوفير المتطلبات الضرورية للشعب العراقي ولاسيما الغذاء مؤكدا على أن استئناف صادرات النفط سوف تعتبر ضرورة لاعادة الاستقراربتلك الدولة العربية التي انهكتها الحروب والنزاعات طيلة السنوات العشرين الماضية.
وطالب شوين باستئناف العمل ببرنامج النفط مقابل الغذاء الذي تبنته الامم المتحدة عام 1995 لتوفير الغذاء والادوية للشعب العراقي مشيرا الى أن الاوضاع المعيشية والصحية للشعب العراقي سوف تتفاقم في ظل الخلافات بين الدول الكبرى بشأن كيفية ادارة حقول النفط العراقية.
ويؤكد بيل أوجرادي خبير النفط بمؤسسة ايه جي ادواردز أن المؤسسات المالية العراقية اللازمة لاتمام صفقات بيع النفط العراقي انهارت نتيجة للحرب الانجلوأمريكية على العراق.
ويضيف ان اعادة بناء النظام المصرفي العراقي يعتبر خطوة أساسية في طريق عودة العراق كلاعب أساسي في سوق النفط العالمية.
وفي السياق نفسه تؤكد الادارة الامريكية حرصها على اعادة بناء النظام المصرفي العراقي الذي انهار خلال الحرب على العراق حيث كلفت ادارة بوش رئيس جامعة ميتشجان ستيت بيتر ماكفرسين/ الذي كان يعتبر الرجل الثاني بوزارةالخزانة الامريكية في ادارة الرئيس الأمريكي الاسبق رونالد ريجان بتولي ملف القضايا المالية المتعلقة باعادة اعمار العراق.
ومن جهة أخرى تتزايد الخلافات في أوساط المؤسسات السياسية والاقتصاديةالامريكية والأوروبية بشأن الجهات المناط بها ادارة شئون النفط العراقية بعد انهيار وزارة النفط العراقية.
ففي عهد نظام حسين تولت شركتان عراقيتان انتاج النفط احداهما في شمال العراق والثانية في جنوب العراق في الوقت الذي انيطت فيه عملية بيع النفط لمؤسسة تسويق النفط الحكومية المعروفة باسم سومو تحت اشراف الامم المتحدة.
وتمثل التعويضات المفروضة والتي سوف تفرض على العراق/ العائق الثاني أمام تطوير البنية النفطية العراقية وتصدير النفط للاسواق الخارجية، فالعراق وفق برنامج النفط مقابل الغذاء كان يخصص ربع عائدات النفط المباع لدفع تعويضات للاطراف التي تضررت من حرب الخليج الاولى عام 1991م.
ويعتبر غياب الحكومة العراقية العائق الثالث الذي يعوق تصدير النفط العراقي حيث لا توجد جهة حاليا لديها صلاحية ابرام عقود أو اتفاقيات نفطيةمع شركات أو دول اخرى.
وأكد انطوني كوردسمان المحلل الاستراتيجي الأمريكي ان التحديات التي تواجه العراق حاليا في مرحلة ما بعد الحرب والالتزامات المفروضة عليه بعد الاطاحة بالرئيس صدام حسين يمكن ان تعوق عملية اعادة بناء الاقتصاد العراقي.
وفي السياق نفسه اظهرت دراسة اعدها مركز الدراسات الدولية والاستراتيجية بواشنطن ان التعويضات التي فرضت على العراق في اعقاب حرب تحرير الكويت عام1991 بلغت 320 مليار دولار/ حوالي 25 في المائة من عائدات النفط العراقية.
وتمثل العقود التي ابرمها العراق مع العديد من الشركات الروسية والصينيةوالفرنسية قبل اندلاع الحرب الامريكية الحالية مع العراق مشكلة للشركات الامريكيةالتي تسعى الى ابتلاع البنية التحتية النفطية.
وتشير الاحصائيات الى ان اجمالي حجم العقود التي ابرمتها بغداد قبل الاطاحة بصدام حسين مع الشركات الروسية بلغ 57 مليار دولار.
والشيء المؤكد أن مشكلة الديون العراقية سوف تقف حجر عثرة أمام خطط اعادةاعمار العراق في ظل رغبة فرنسا وروسيا في ضمان مصالحها في تلك الدولة ولاسيما في ظل سعي الادارة الامريكية إلى ارساء كافة عقود اعادة الاعمار على الشركات الامريكية.

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved