* القاهرة - مكتب الجزيرة طه محمد:
أطلقت عليه المنظمة العربية لحرية الصحافة مصور الانتفاضة وقامت بتكريمه أخيراً في نقابة الصحفيين المصريين تكريماً لأسماء شهداء الصحافة العربية الذين سقطوا في بغداد وفلسطين وهو المصور الفلسطيني حسام أبو علان الذي أصيب 11 مرة وهو يواجه ترسانة الاحتلال بعدسة لا تحمل سوى فيلم لا يمت إلى السلاح بصلة سوى أنه أشد فتكاً من ترسانة إسرائيل العسكرية.
وحول أسباب تكريمه تحدث أبو علان ل «الجزيرة مؤكداً أنه يقاوم آلة الاحتلال العسكرية بالكاميرا والتي كثيراً ما كانت تزعج جيش الاحتلال إضافة إلى حديثه عن جوانب أخرى ذات صلة بالمقاومة الفلسطينية جاءت على النحو التالي:
* كيف تمارس عملك الصحفي في ظل تصاعد الأوضاع الإسرائيلية ضد الصحفيين عموماً والفلسطينيين منهم خصوصاً؟
بالفعل نحن نعمل في ظل أجواء صعبة للغاية ومع ذلك فأنا أؤدي رسالة مهمة هذه الرسالة تكشف بالصورة جرائم الاحتلال في حق الشعب الفلسطيني الأعزل وأحاول دائما أن ألتزم بوصف الصورة التي التقطها عند كتابة التعليق عليها وأقوم ببثها إلى وكالة الأنباء الفرنسية التي أعمل مراسلاً لها في الخليل.
وحقيقة أنا لا أستطيع أن أحقق المعادلة على المستوى النفسي على الأقل بين الصور التي ألتقطها وبين ما قد تبثه وكالة الأنباء الفرنسية من أنباء تصف المقاومة الفلسطينية بأنها إرهاب أو انتحار.
وعادة ما أرسل الصورة التي التقطها بتعليق وصفي لها حتى لا أعطي فرصة لآخرين يمكن أن يتلاعبوا فيها وأدرك أن الصحف العربية صاحبة قضية فتعمل على فرز ما تستقبله من أنباء وصور بالشكل الذي يخدم القضية الفلسطينية ويبرز في الوقت نفسه عنصرية جيش الاحتلال الإسرائيلي.
* ربما يدفعنا ذلك إلى الحديث عن موقف الوكالة الفرنسية من بعض الصور التي تنقلها وتبرز عنصرية جيش الاحتلال؟
طوال عملي في الوكالة وحقيقة صحفية أؤكدها أن الوكالة الفرنسية لم تعترض ذات مرة على ما ألتقطه من صور بشكل يسيء إلى الاحتلال وهذا ليس وارداً بالمرة في آليات عمل الوكالة الذي يقوم في الأساس على موضوعية الخبر ومصداقية الصورة التي تنطق وتعبر عما التقطته.
ولكن من قبيل الموضوعية في هذا السياق فإن اعتراض الوكالة الفرنسية على بعض الصور يعود أحياناً لأن هذه الصور بها مناظر صعبة للغاية على النفس فيمكن مثلاً أن تضم جثثاً لشهداء فلسطينيين يبدو عليها بشاعة مناظرها فتخشى الوكالة من بثها من شدة تأثيرها على نفوس القراء.
* وما هي أبرز المشاهد التي قمت بتصويرها في الخليل؟
قمت بتصوير طفل استشهد في قصف لطائرة الأباتشي وتسببت في كسر رأس الطفل إلى نصفين واحتراق حافضته وكانت بمثابة جريمة تنم عن بشاعة الاحتلال حتى ضد الأطفال ومن شدة هذا المشهد الذي وقع في العام الماضي ما زلت أتذكره يومياً وأن الصور دائماً ما تعبر للمشاهد وهي لا تعطي للآخرين فرصة للتلاعب فيها وبالتالي فإنها تكون أكثر تأثيراً من الوصف بالكلمات عما يحدث لأهلنا في فلسطين المحتلة.
عنصرية الاحتلال
* وفي ظل اعتداء جيش الاحتلال على الصحفيين ومنهم المصورون كيف تمارس عملك في ظل هذه الأجواء؟
هي ظروف صعبة للغاية ولكنها لن تمنعنا من مواصلة عملنا لكشف جرائم الاحتلال ولا مفر لنا من مواجهة الرصاص بالكاميرا أو الكلمة وكما ذكرت فقد تعرضت لنحو 11 إصابة منذ اندلاع الانتفاضة الثانية.
وحقيقة أننا نعمل في ظل أجواء صعبة للغاية حيث يتعامل جيش الاحتلال بعنصرية شديدة مع الصحفيين الفلسطينيين بشكل أكثر اختلافاً عن الصحفيين الأجانب حيث يتم توقيفنا كثيراً ونتعرض للضرب والإهانة بالشكل الذي يدحض أية دعاوى للاحتلال بأن سياسته تقوم على الحرية والديمقراطية وهو كلام لا أساس له من الصحة وبعيداً تماماً عن الواقع وان كان يمكن أنهم يمارسون حريتهم بطريقة خاصة في قمع الصحفيين واستهدافهم، في مقابل ذلك فإن إعلامنا الفلسطيني استطاع أن يعبِّر عن حريته في مواجهة جرائم الاحتلال وأثبت أنه إعلام حر لا يقاس بإعلام إسرائيل الذي يمارس أبشع الجرائم ضد الشعب الفلسطيني من أطفال وشيوخ غير عابث بالقرارات الدولية أو النداءات العالمية بوقف تلك المجازر.
عسكرة الانتفاضة
* وكيف تتعاملون كصحفيين مع بعض مطالب السلطة الفلسطينية بعسكرة الانتفاضة؟
جميعنا يرفض عسكرة الانتفاضة ونحن كصحفيين نؤيد دائماً وندعو إلى استمرار خيار النضال حتى يتم التحرير الكامل لكافة ترابنا الفلسطيني وإقامة دولة ذات سيادة كاملة ورفع الحصار عن شعبنا المحتل.
واعتبر أن الدعوة لعسكرة الانتفاضة خطأ كبير وغير مبرر وسيظل شعبنا يقاوم بكافة الأساليب كما يقاوم الصحفيون بالقلم والكاميرا حتى إزالة هذا السرطان الاستيطاني من الأراضي الفلسطينية.
* وبرأيك هل ترى أن الإعلام العربي استطاع أن يكون على مستوى المتابعة للقضية الفلسطينية؟
في ظل الظروف الأخيرة ربما كان ذلك يرجع إلى الحرب ضد العراق ولكن ذلك ليس مبرراً لأن أحد أهداف الحرب التعتيم على القضية الفلسطينية.
ومن المهم ألا تكون نظرة صحافتنا العربية إلى الأوضاع في الأراضي المحتلة قاصرة على الوضع الآني بل لابد أن يكون لها بعد استراتيجي وألا تكون متابعتها مرتبطة بالنواحي العاطفية تتفاعل مع تطور الجرائم الإسرائيلية ثم تهدأ بهدوء الأوضاع لأن القضية لا تخص الفلسطينيين وحدهم ولكنها ترتبط بوجود العرب والفلسطينيين على السواء.
* عودة إلى عملك في الوكالة الفرنسية هل تعتقد أن الوكالة تتسم مفرداتها بالموضوعية تجاه القضايا العربية عموماً والفلسطينية خصوصاً؟
كما أشرت من قبل لا أرى في الوكالة تحيزاً ضد القضايا الفلسطينية أو العربية فهي تنقل ما ينقله مراسلوها وتبث ما يلتقطه مصوروها في جميع أنحاء العالم واعلم أن الصحف العربية تستفيد من معلومات الوكالة وتقوم لاحقاً بتغيير بعض المفردات بما يخدم قضاياهم سواء الفلسطينية العربية وهنا يظهر دور الصحف العربية في أن تبرز الدور البطولي والصامد للشعب الفلسطيني في مواجهة جيش الاحتلال.
* وما هي طبيعة عملك في الوكالة؟
أنا أعمل مصوراً في الوكالة الفرنسية منذ عدة سنوات وأقوم بتغطية الأحداث بالصورة على مدار الساعة في مدينة الخليل بالضفة الغربية وكثيراً ما تعرضت للإصابة بسبب وجودي في أماكن المصادمات والمواجهات بين الشعب الفلسطيني ومقاومته وبين جيش الاحتلال الإسرائيلي وأدى ذلك إلى إصابتي بنحو 11 إصابة ربما كان أخطرها تلك التي تعرضت لها في العام 1998م وظننت وقتها أنني نلت الشهادة.
إضافة إلى ما سبق فقد تعرضت في العام الماضي إلى الاعتقال الإداري في سجون الاحتلال الإسرائيلي وتعرضت كغيري من الفلسطينيين إلى الإهانة والإيذاء وأذكر أن ضابطا إسرائيلياً سألني أثناء التحقيق معي عن أسباب انحياز الوكالة الفرنسية للقضية الفلسطينية إلا أنني ذكرت أن الوكالة هي طرف محايد وليست متحيزة لطرف على حساب آخر.
* ما هو السبب وراء إطلاق لقب مصور الانتفاضة عليك والأسباب التي جعلت المنظمة العربية لحرية الصحافة اللندنية تقوم بتكريمك ضمن تكريمها لأسماء شهداء الصحافة العربية في بغداد وفلسطين؟
هو لقب أعتز به يأتي من منظمة لها تقديرها في العالم العربي والعالم وتحظى باهتمام وتقدير المنظمات المهنية الصحفية العربية وأؤكد أن هذه الصفة التي أعتز بها كثيرا فهي ليست حكراً على شخصي وهناك زملاء يقومون بدور أكثر مني في كشف عنصرية الاحتلال ومنهم من استشهد مثل المصور الفلسطيني نزيه دروزة الذي استشهد على أيدي قوات الاحتلال في أواخر شهر أبريل الماضي وهو يقوم بتغطية عمله في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
واعتبر التكريم وساماً على صدري ومهمة ثقيلة على كاهلي يدفعني إلى مزيد من التفاني في رسالتي وإبرازها إلى العالم كله وهذا شرف أعتز به فما أفضل أن يكون العمل خدمة لقضية سامية وجليلة مثل القضية الفلسطينية.
|