Wednesday 21st may,2003 11192العدد الاربعاء 20 ,ربيع الاول 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

لما هو آت لما هو آت
اختلطت الأوراق!!
خيرية إبراهيم السقاف

لا أحسب أنَّ وقتاً متاحاً لأعداء الإسلام قد مُنح لهم مبسوطاً كي يجوسوا في تفاصيله ويستفيدوا من ثغراته، ويتسلَّلوا فيه إلى مراميهم، ويحقِّقوا أهدافهم، مثل هذا الوقت...، وفي حدود قراءتي الشخصية لجوانب من الأسباب فإنَّني أعزو هذا الوقت فرصة لهؤلاء لعدة أسباب، لعلَّ أولَّها وأكثرها أهمية أنَّ المسلمين ضعُفت عقيدتهم، وفرَّطوا في كثير من السلوك على مستوى التَّعامل مع الآخر، أو التعامل مع الذات... ولأنَّ علمهم بدينهم أصبح وقفاً على المختصين في مجاله، ووُِسم به أصحابه وبتنا نفرِّق في المجتمع المسلم بين الواحد والآخر بصفات مثل: «رجل دين» وآخر لا أدري ما يمكن أن يكون، إشارة إلى أنَّ رجل الدِّين هو المتفقِّه في أموره، الخبير في تشريعه، المتمكِّن من أحكامه، القادر على الفتوى في شؤونه. أمَّا الآخر فإنَّه «مسلم» لا صفة أخرى له، فقد يكون تخصصه العلمي عند حدود أيِّ مرحلة دراسية بدءاً بالمرحلة الابتدائية، وانتهاءً إلى الدكتوراه. ساعد على توطيد هذه الصفة أنَّ هذه الفئات ليست عليمة بتعاليم دينها حقَّ العلم، فإن عرفت صلاتها وصيامها وحجِّها وزكاتها وشهدت بالوحدانية إلاَّ أنَّها في الغالب تجهل أدقَّ الأمور المرتبطة بأحكام الصلاة التي تؤديها، والصَّوم الذي تقوم به، والحج الذي تؤديه، والزكاة التي تخرجها...، لذلك كثرت برامج الاستشارات «الدِّينية» في شأن الأحكام والتشريعات والحقوق والواجبات والحلال والحرام، بما يذهل المستمع والقارىء لجهل الشريحة الأكبر من المسلمين بالأدق الواجب من المعلومات والمعارف الواجب على المسلم الجاهل معرفتها فما بال المتعلم، وعلى وجه الخصوص البالغ من العلم أعلى درجات «الوثائق» وليس درجات العلم الحقيقي إذ إنَّ فوق كلِّ ذي علم عليم.
من هنا تعطَّل الدَّافع القوي في نفوس وأذهان هذه الجماعات البشرية المسلمة عن إدراك مكامن القوَّة التي تصدُّ التَّدافع منهم نحو تقليد غير المسلمين بوصفهم الأمم الناجحة المتفوِّقة بمقاييس هذه الحياة الدنيا، هذا التقليد جاء في العادة والسلوك، والفكر، وفي الحياة الاعتيادية بنمط الأكل فيها والشرب، والسكن والملبس، وأقبل الناس لا يعون ما عليهم وما لهم، ولا يضعون الحدود بين ما يمكن التجاوز عنه وما لا يمكن في الشأن الدِّيني فحدثت الفجوة بين من يتشَّدد لهذا «التَّساهل» ممَّن يعلمون من أمر دينهم، وبين من لا يعلمون، ومن خلال هذه الفجوة الخطيرة دخل أعداء الإسلام يفرقون بين الجماعات ويؤلِّبون النفوس ويُقيمون الصراعات النَّفسية، والوجدانية، والفكرية بين المسلمين. وشدَّدوا على ذلك بدخولهم في تفاصيل حياة المسلمين عن طرق عديدة أوَّلها وسائل الاتصال «المفتوحة» التي لا يقوى عليها فهيم، فكيف يقوى عليها من لا عِلْم له، ولا قوَّة مستمدة من هذا العلم؟...
إنَّ السلطان الذي كان ولابدَّ أن يكون بين المسلمين وفيهم هو سلطان العلم على وجه التحدِّيد، بل البدء بهذا بالعلم بأمورهم الدِّينية وبأبجديات هذا الدِّين السمح الشامل الذي ارتضاه اللُّه تعالى لأمَّة كانت خيرالأمم أخرج منها الأديان وختم بها رسالاته. فكيف يكون المسلمون بين مَنْ يُوصَف بالدِّين وبين من لا يُوصَف به؟... علماً بأنَّ للدِّين علماءه... الذين يُرجَع لهم في قضائه وفتاويه وهم الركيزة والمرجع، أمَّا عدا ذلك فإنَّ الإسلام فرض وواجب على كلِّ منتمٍ إليه أن يتسلَّح بعلم في أموره العقْدية والعباداتية والسلوكية في التعامل وأوَّل أنواع التعامل مع أركان الإسلام تعامل فهم وإدراك ومعرفة من شأنها أن تقوِّي حصانة المسلم دون أيِّ تيارات تضعف هممه وتقلِّل من عزيمته ولا تمنحه الإحساس بالثِّقة في نفسه فيصبح فريسة لأعداء دينه بمثل ما هو فريسة في هذا الوقت. لذلك نجد خلط الأوراق قد أشتدَّ...
وحان أوان إيقاف عجلة الخلط لفرز الحقائق ومعرفة الحلول. ولعلَّها تحتاج الآن إلى حكمة العلماء المسلمين، وتضافرهم مع عامَّتهم كي يصبح الجميع رجال ونساء دين يعلمون من أموره ما يعزّزهم ويقويهم.

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved