لو لم يكن لنا امير من الحكام فسمعناه، لكان من ندرة المفكرين الذين يملكون ناصية القول ولاقتدينا به فكرا وعملا.. وعندما ملأ منصبه كوزير مسؤول عن اقصى واعند مجال للمسؤولية، عُرف بحنكته وذكائه. وتلك الفطنة فيه هبة من الله.
إن علمه ظاهر في كل عمل يقوم به صاحبه هو الامير نايف بن عبد العزيز، هذا الرجل يتصدر في كل يوم اكثر مما قبله بتجربته وفكره النير، ولقد ذهبت التجربة تضيف الى ما عنده وتجلّى عن كفاءته فبدا كتاب علم مكشوفاً متفرداً يقرأ فيه كل ما يفيد المجتمع البشري، ويقرأ فيه المرء مما فيه كيف يكون انسانا ترقى به انسانيته الى حسن المقام ويقرأ فيه مما فيه كيف يحترم نفسه بعمله اذا اتبع مختارا العمل والنهج الذي تنشده الانسانية باخلاقها ومبادئها في هذا الامير، كذلك يعلمه مبادىء القول والفعل مستهله ومنتهاه.
بارع هو في احوال النفس وحالها موجهاً للنفيس من الفضل للاجيال، عالم هو بما في تلك الاوقات وهذه، من حلول للصدمات غير المحسوبة وكيف نتقيها او على الاقل نتقي مضارها، هو كتاب شعرت انني هذبت نفسي باستعراضي لجمله واستماعي لمن قرأه وبما فيه من قيم للانسانية بناسها كهولاً وشبابا ذكورا وإناثا، على حد تعبير ابسط مثالية القيم الفردية، وبما انه كبير في عقله لا يغضب كما يغضب المتسرعون، بل كما يغضب القارىء للعقول الذي يستنبط إفرازاتها بعلمه وتجربته لا بتخمينه، فهو يدرك ويستدرك كل تصرف فيه منافع لغيره وينسى نفسه، فهو لكل من يستفيد مما يعمل، اذ هو قمة العطاء فهو الفارس الذي يمتطي صهوة جواده ولم يترجل عنها. صهوة من حديد تارة تسخن به فيستقبل حرها بشجاعة الفرسان الحكماء وقدراتهم وتارة يستشعره فيسخر عقله حرصاً ليجد نافذة من حصافة الرجال يتجاوز بها لفحات السموم، يمر منتصراً بالرأي والعلم والتجربة فيطفىء تمرد القائلة ويمسك جيداً بلجام الانقاذ فكرا وعملا واقعا، وتارة تبرد به صهوة جواده فلا يدع بذكائه وفطنته حلاوة البرودة تخدعه ببعد نظره.
نِعمَ العقل الذي اتخذ من حياته مدرسة يتزود منها كل فارس شهم او عابر قائم على نفسه، وبعقله لا يهمل ساعة إلا أحصى ما فيها من جديد فهو المار بنا الى امان الحال والنفس وطمأنينة المجتمع، متأكداً ان ربه من اضفى عليه بنوره نور قلبه وعقله ومشيه في الناس.
|