* لم تمر بالمملكة وبالعالم أجمع حروب وأحداث وأعمال إرهابية مثلما حدثت في العقدين الأخيرين.. وقد تباينت هذه الأحداث التي لم تسلم دولة منها في آثارها وتأثيرها.
وكان «لحسن المعالجة العميقة والمتزنة» أثر كبير في التقليل من تأثيرات الأحداث وعدم تصاعدها في بلادنا بحمد الله.
إن المملكة العربية السعودية عاشت وعانت من هذه الأحداث الارهابية ربما قبل غيرها بدءاً من أحداث الحرم المكي الشريف ومروراً بحادث تفجيرات العليا بالرياض، ثم حادث الخبر ثم جاءت الانفجارات الأخيرة بالرياض.
ولا بد من كلمة حق هنا تلك هي: إن تمسك هذه البلاد قيادة وشعباً بوحدتها الوطنية المبنية على ثوابتها الدينية الصحيحة كانت - ولا عبرة بالشاذ أو النشاز - هي صمام أمانها ومن هنا فقد كانت الأحداث متفرقة بينها سنوات وليست بشكل مستمر حتى متقارب وقد تم ذلك بعد عون الله لسلامة معالجة القيادة، وبالأعمال والتضحيات الكبيرة التي سهر من أجلها قادة الأمن ورجاله في مختلف الأجهزة في وطننا الغالي، لقد كانت هذه العوامل هي الدعائم التي جعلت هذا الوطن قوياً بايمانه راسخاً بأمانه مستمراً في انجاز مشروعاته التنموية والحضارية والثقافية ولن تنال منه مثل هذه الأحداث، بل كما قال خادم الحرمين الشريفين في خطابه في بداية السنة الثالثة للدورة الثالثة لمجلس الشورى: «ولن نسمح لفئة من الارهابيين المنحرفين ان يمسوا الوطن وسلامة أبنائه والمقيمين فيه».
سيبقى هذا الوطن عزيزاً آمناً ولن تمس مثل هذه الأعمال الاجرامية بحول الله شعرة من وحدة وأمن هذا الوطن، كما قال ولي العهد الأمين وكما أكد سمو وزير الداخلية في مؤتمره الصحفي.
وبحول الله
لن يضرّ البحر أمسى زاخراً
إن رمى فيه غلامٌ بحجر
وهذا الوطن هو البحر الزاخر، وهذه الأعمال وهؤلاء المجرمون هم الأحجار الجبانة التي تغرق وتتلاشى في لجة هذا البحر.
***
نحن وغيرنا وأمننا:
* هنا أتوقف - في قراءة مستبصرة - عند حديث رجل الأمن القوي بحلم والحكيم بحزم «نايف بن عبدالعزيز» والذي كان من توفيق الله لنا ولقيادتنا ووطننا طوال هذه السنين وخلال كافة الأحداث على رأس جهاز الأمن في بلادنا ساهراً على استتباب الأمن ومتعاملاً مع هذه الأحداث الملتهبة داخلياً وخارجياً بحكمة وحزم، ومن هنا فقد استطاعت أجهزة وزارة الداخلية الأمنية وبتوجيه ودعم القيادة، وتعاون أبناء هذا الوطن، ان تسير بمركبة الأمن في هذا الخضم المتلاطم، وأن تخرج بلادنا من كافة الأحداث داخلياً وخارجياً بأقل الخسائر، وبخاصة إذا ما قارناها - حقائق وأرقام الضحايا - بأحداث الدول المماثلة التي وقعت وتقع فيها الأعمال الارهابية.
وقد شهد بكفاءة أمننا وقدرته وتعاونه غيرنا وفي مقدمتهم الرئيس الأمريكي ووزير خارجيته عقب الأحداث الأخيرة.
***
رجال الأمن وكلمة حق:
* لا بد من لفتة امتنان «للرجال البواسل» كما نعتهم سمو ولي العهد في خطابه عن الأحداث.. أجل لا بد من لفتة امتنان لرجال الأمن من مدنيين وعسكريين وعلى رأسهم قادتهم الذين يسهرون - حقيقة لا ادعاء - الى ساعات الفجر بدءاً بنايف بن عبدالعزيز ونائبه، ومساعده الى آخر جندي على آخر حدود على هذا الثرى الطاهر:
إن أصعب المهمات هي التي يقوم بها رجال الأمن في مواجهة الحوادث، فهم بين واجب الحرص على مواجهة الأحداث، والقبض على المجرمين وفي الوقت ذاته الحرص على عدم الإضرار بالآخرين من بشر وممتلكات وكلاهما مهمتان صعبتان.. إنهم يحاولون جمع الماء والنار في يد واحدة دون أضرار أو آثار سلبية عليهم أو على غيرهم، وكم نالهم من أضرار، وكم راح ضحايا منهم وهم يقومون بواجبهم.. فتحية عرفان لهم من كل مواطن ومقيم على هذا الوطن، وكم كان الكاتب الصديق د/ عبدالله ناصرالفوزان منصفاً وصادقاً عندما كتب في صحيفة «الوطن» قبل أيام هذه السطور التي تشي بالحق والانصاف:«لابد أن نشعر رجال الأمن بثقتنا الكبيرة فيهم، ونبلغهم شكرنا وامتناننا لهم، وإدراكنا أنهم هم المجاهدون الحقيقيون الذين يحملون أرواحهم على كفوفهم لتوفير الأمن لوطنهم وأمتهم، فهم يواجهون الأخطار الكبيرة كي يدفعوها عنا وهذا منتهى الإيثار».
إن هذه هي الحقيقة التي يقدرها وثمِّنها كل منصف، فإذا كنا في منازلنا ننام ونأكل ونلهو، فهؤلاء لا يعملون ويسهرون فقط، بل يضحُّون ويدعون أسرهم ويعيشون القلق، ويواجهون الخطر من أجل ان تظلل الطمأنينة نفوسنا ويعم الأمان دورنا، حفظهم وحماهم الله.
***
* وأتوقف عند بعض الإجابات السديدة والموفقة في المؤتمر الذي عقده الأمير نايف عن الأحداث الاجرامية الأخيرة والتي رشَّ فيها كعادته الأمن في قلوبنا مواطنين ومقيمين، مجسداً بالحقائق استتباب الأمان، بحمد الله على هذه الربوع المباركة رغم كثرة الاشاعات والطروحات الاعلامية المضللة والجاهلة.
***
الوقفة الأولى:
التأكيد على التمسك بالثوابت:
* لقد كان الأمير نايف حازماً ومطمئناً عندما أكد على ثوابت هذا الوطن الدينية والوطنية، وعدم التعامل مع مثل هذه الأعمال الاجرامية بردة فعل ليس لها علاقة بها وليست سبباً فيها، بل أكد سموه ان ديننا الحق جاء لحماية الأمن والحفاظ على الأخلاق، وأن بلادنا سوف تظل متمسكة بعقيدة وتطبيق شرع ربَّها، وقد جاء ذلك عندما تحدث سموه عن هيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وتأكيده على رسالتها وصيانتها للأخلاق.إن بقاء مثل هذه الهيئات وكافة المؤسسات الدينية الرسمية هي أحد ثوابت هذا الوطن القائم على الشريعة الاسلامية المبنية على الخير والتسامح والدعوة الى الله بالحسنى، وقد استدل سمو الأمير نايف على هذه الحقائق بشواهد حية من نص القرآن الكريم.
***
الوقفة الثانية:
حديث الطمأنينة:
* لقد أدخل سمو وزير الداخلية الطمأنينة الى أبناء هذا الوطن والمقيمين على أرضه حول استتباب الأمن الذي نعيشه فعلاً، وقد ردَّ سموه رداً شافياً وحازماً على ذلك الزميل الإعلامي من دولة شقيقة الذي قدم الى المملكة ليلة المؤتمر الذي عقده سمو الأمير نايف وقد أشار في سؤاله إلى وجود «انفلات أمني» وكان رد سمو الأمير نايف قوياً ومطمئناً، وإنني - بصفتي مواطناً أعيش وأرى الأمن بنفسي - أتساءل كيف حكم هذا الزميل على «انفلات الأمن» وهو الذي قدم لتوه ونحن الذين نعيش في العاصمة التي وقعت فيها هذه الأعمال الاجرامية لم نرَ ولم نسمع شيئاً من هذا.. بل - بحمد الله - لم يحسّ ولم يعلم الكثيرون الذين لم يستمعوا الى الأخبار عن تلك الأعمال الاجرامية إلا عندما استيقظوا من نومهم صباح الغد وسمعوا الأخبار وقرأوا الصحف؟.
***
الوقفة الثالثة:
* شفافية الأمير نايف عندما قال:«إننا لا نستبعد وقوع أي أحداث»، وكان سموه يرد على الزميل الذي سأل عن عمل إجراءات وقائية قبل وقوع الأحداث وكم نتمنى جميعاً لو ان مثل هذه الأعمال الإرهابية تتم الوقاية منها قبل وقوعها مثل الأمراض.. ولكن الأعمال الاجرامية أعمال «مباغتة وسريعة وسريّة» - مع كل أسى وأسف - وأكبر أجهزة الأمن في العالم لا تستطيع أن تمنع الكثير منها. لو كان ذلك ممكنا لما وقعت أكبر أحداث ارهابية في أقوى دولة في العالم، إن أجهزة الأمن تستطيع - فقط - أن تمنع مثل هذه الأعمال عندما تمسك بأي خيط منها قبل وقوعها لكن عندما لا تعلم عنها فلا يمنع حدوثها إلا قدرة الله.. ما تستطيع أن تعمله «أجهزة الأمن» القادرة والفاعلة - في كل الدنيا - هو التخفيف من آثار هذه الأحداث وتداعياتها، والقبض على مرتكبيها.. وهذا هو علامة «النجاح» الكبرى لكل جهاز أمن.. وهذا ما حصل من أجهزة الأمن في بلادنا فقد تم معرفة كل من كان وراء الأحداث الإرهابية الماضية - وتم التحقيق فيها ومعاقبة أصحابها - فلم تسجل حوادث إرهابية أو إجرامية في بلادنا ضد مجهول.. ولو لم يتم ذلك - بحمد الله - لاستمر نهر دم هذه الأحداث طوال الأيام بشكل دائم - كما هو في الكثير من الدول التي عانت ولا تزال تعاني من هذه الأحداث.
***
الواقعة الرابعة والأخيرة:
هي تلك اللغة الحازمة - في آخر المؤتمر - نحو كل من يساند أو يتعاطف عملاً أو فكراً مع هؤلاء المجرمين، لأن من يعمل ذلك هو خائن لدينه ولوطنه، ومحرض على الأعمال الإرهابية، وهذا تأكيد لما جاء في خطاب قيادة هذا الوطن خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده.
***
وبعد:
لقد طمأننا سمو الأميرنايف الحازم في موقف الحزم، والحليم في موقف الحلم، في حديثه الواضح والواقعي، كم هو «العمل الأمني» في أي بلد موعود بالنجاح والتوفيق عندما يكون القائم عليه رجلاً يمتلك مقومات الحزم والحلم وبُعد النظر.
إن من توفيق الله أننا نرى - في بلادنا - أن مسؤول الأمن الأول في بلادنا سواء عبر إجراءاته أو أحاديثه يتعامل بتعقل، وبدون ردة فعل.. بل إن نظرته - وفقه الله - عميقة شاملة تنظر من جميع الجوانب والأمور، وتدرك أن التسرع في اتخاذ الاجراء لا ينفع بقدر ما يضر.
وكم سوف نسعد جميعاً ويزداد اطمئنان قلوبنا عندما يأتي «صوت الخير والأمن» نايف ليعلن لنا قريباً إن شاء الله تفاصيل هذه الأحداث والقبض على المخططين لها، وبقية منفذيها، وهل كانوا ينوون عمل غيرها ومن ثم تقديمهم للقضاء العادل وللحكم عليهم كما حكم على مجرمين سبقوهم - بحكم الله الرادع ليكون الحكم عقاباً لهم وموعظة لكل من تسوِّل له نفسه المساس بأمن هذا الوطن، وبالتالي ترسيخاً لمنظومة الأمن في هذا الوطن.
***
وأخيراً:
لقد زادت هذه الأحداث من حبنا لوطننا ورسخت في يقيننا أنه لا حياة ولا نماء بلا أمن ومن هنا فحفاظنا على أمننا ومشاركتنا في ذلك هو حفاظ على هذا الوطن ووحدته ومكتسباته وبحمد الله فقد زادت هذه الأحداث من تلاحم جبهتنا ووحدة وطننا، وهي بقدر ما أقلقتنا زادت من تماسك جبهتنا الداخلية التي سوف تكون طوداً راسخاً يقف في وجه كل من يريد أن ينال من أمتنا ومنجزاتنا ووحدتنا من قبل شاذين من مواطنينا أو من غيرهم.
***
* فيا أيها الوطن الغالي، يا قُرَّة العين، ويا دم الفؤاد، وحبة القلب:
سوف تبقى - بحول الله - قويا راسخاً بإيمانك، مستقراً بأمنك، صلباً برجالك، رافعاً رأسك بمجدك، وسوف تتكسر على مرتفعات جبالك ومنخفضات وديانك كل الشرور التي تريد ان تنال منا ومن أمننا ومن وحدتنا كما تكسرت من قبل آلاف الرماح التي أرادت النيل منا منذ عهد مؤسس هذا الكيان رحمه الله وحتى هذا العهد.
حفظك الله - يا وطني - واحة أمن ودوحة رخاء رخاء وساحة عز.والله خيرٌُ حافظاً وهو أرحم الراحمين.
(*) عضو مجلس الشورى
|