Wednesday 21st may,2003 11192العدد الاربعاء 20 ,ربيع الاول 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

رأي اقتصادي رأي اقتصادي
عملية تحرير الشرق الأوسط (1/2)
د. محمد اليماني (*)

يبدو أن مفاهيم الحرية والتحرير الأمريكية أصبحت في الآونة الأخيرة سلعة يتم تسويقها والدعاية لها لا لذاتها فقط، وإنما لتمرير وتسويق كثير من الخطط والأفكار في منطقة الشرق الأوسط. فبعد ما يسميه الأمريكيون «عملية تحرير العراق»، أعاد الرئيس الأمريكي من جديد بعث الشرق أوسطية من خلال مناداته بإقامة منطقة تبادل تجاري حر بين الولايات المتحدة الأمريكية ودول الشرق الأوسط بما فيها التجمع اليهودي في فلسطين.
والسؤال الذي يطرح نفسه هو ما الهدف الحقيقي لعملية التحرير الجديدة؟ والسؤال وإن كان واحداً إلا أن الإجابة تختلف اختلافاً شديداً. فهل الهدف هو مساعدة اقتصادات دول المنطقة وإنعاشها؟ حتى يعم الرخاء المنطقة ويقضي على أحد أسباب التوتر في المنطقة الذي يتمثل بالاقتصاد الأمريكي؟ وبالتالي الهيمنة الاقتصادية عليها وعلى مقدراتها، والسيطرة على عصب الاقتصاد العالمي وبالتالي التحكم والسيطرة لا على اقتصادات دول المنطقة فحسب وإنما على اقتصاد العالم كله. أم هل الهدف هو البحث عن حل غير تقليدي لمساعدة الاقتصاد الأمريكي نفسه على الخروج من ليل الركود الذي دخل ولم يظهر إلى الآن فجره الصادق؟ خاصة وأن العديد من القرارات الاقتصادية الحيوية للاقتصاد الأمريكي أصبحت تتخذ خارج الولايات المتحدة الأمريكية، وأن العديد من أدوات العلاج التقليدية لم تتمكن من تحقيق الهدف.
لا يمكن الإجابة على السؤال الأصلي عن الهدف الحقيقي لعملية التحرير الجديدة بدون الأخذ في الاعتبار بما يجري في الساحة الآن. فالمتابعون يدركون أن أكبر دولة عربية تشهد الآن حرباً اقتصادية لا هوادة فيها تهدف إلى الهيمنة على مقدراتها وهياكلها الاقتصادية والإنتاجية وجعلها تحت سيطرة قوى خارجية أو قوى داخلية تتفق مع الأولى في المبادىء والقيم. كما تهدف هذه الحرب إلى القضاء على أسباب الحياة الكريمة للمواطن العادي، وشل قدرة الحكومة على استخدام الأدوات والسياسات الاقتصادية المناسبة لعلاج المشاكل الاقتصادية علاوة على كونها أداة فعالة لنشر الفقر وتعميق حدته.
أيضاً للإجابة على نفس السؤال السابق، ينبغي أن لا نغفل عن بدهية اقتصادية يعرفها طلاب الاقتصاد المبتدئون وهي أنه لأجل أن تكون هناك استفادة متبادلة وعادلة من أي تحالف أو إتفاق تجاري، فإنه لابد من وجود تكافؤ بين الأطراف المشاركة أو وجود قدر لا بأس به من التنازلات من الجانب الأقوى لصالح الجانب الأضعف وبدون توفر أحد هذين الشرطين سيستأثر الجانب الأول بنصيب الأسد من المكاسب المتحققة نتيجة لهذا التحالف. وربما أصبح الجانب الأضعف أحد رعايا الأسد في غابته التي يحكمها بقانونه الخاص.
والنتيجة الطبيعية في حالة التحالفات غير المتكافئة الأطراف أو التي لا تنطوي على تنازلات مهمة لصالح الجانب الأضعف نشوء مجموعة من الآثار السلبية على اقتصادات الدول الصغيرة من أبرزها إضعاف هياكلها الإنتاجية بشكل كبير وتحجيم صناعاتها بسبب عدم قدرتها على المنافسة، وتشويه أنماط الإنتاج والاستهلاك المحلية وجعلها منحازة بدرجة كبيرة لصالح الدولة الأقوى.

(*) قسم الاقتصاد والعلوم الإدارية
جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved