يواجه سوق التأمين الطبي في المملكة العربية السعودية تحديا مهما مع بدء تطبيق التأمين الإجباري، مما يتطلب من شركات التأمين العاملة في السوق السعودي أن تضع خططها مبكراً ومن الآن لمواجهة المتغيرات الجوهرية التي قد تحدث في السوق الذي يقدر حجمه الحالي بكل جوانبه بنحو (13) مليار ريال. وفي الوقت نفسه تتوقع مصادر وخبراء الاقتصاد القريبة من العمل في التأمين أن يصل حجمه إلى (23) مليار ريال، إذ من المتوقع دخول شركات جديدة إلى السوق مع بدء تطبيق القانون الجديد للتأمين.
والملاحظ على مدى السنوات الماضية أن التأمين الطبي بالسعودية أوجد علاقة عمل في مثلث متساوي الأضلاع بين مقدمي الخدمة الطبية وعضو التأمين (مواطن أو مقيم) والشركات العاملة في هذا الحقل الاقتصادي الكبير الذي تمثل شريحة مهمة في سوق التأمين بشكل عام، وكانت هذه العلاقة تمر بمراحل مهمة بين أضلاع هذا المثلث بالمد والجزر، خصوصاً إذا كان هناك ضرورة لإجراءات طبية أشمل أو عند توفير خدمة طبية جديدة أو تطوير بعض الخدمات الطبية إذ تتعارض هذه الخدمات وحدود التغطية الممنوحة للمؤمن عليه.
وقد انعكس هذا الأداء في بعض الأحيان سلبا على العلاقة ما بين مقدمي الخدمة الصحية وشركات التأمين، إلا أنه لابد لنا من الاعتراف بأن الأداء التأميني من هذه الشركات كان على ما يرام، وإن كان المستفيدون من التأمين الصحي أي المؤمن عليهم يطمحون أن توفر شركات التأمين برامج ذات حدود تغطية أشمل وذلك لتلبية احتياجاتهم الصحية.
وينتظر المراقبون الآن تطبيق القانون الجديد وبنوده الذي سيحدد معايير العمل في المرحلة المقبلة، ومن المتوقع أن يكون التعامل في مثلث هذه العلاقة الذي ذكرناها أكثر شفافية عن المراحل السابقة، ويرجع ذلك إلى الخبرة التي اكتسبتها شركات التأمين من خلال العمل في مجال التأمين الطبي في المرحلة السابقة.
ويتوقع خبراء الاقتصاد أداء إيجابياً في السوق، وفي نفس الوقت دخول أكثر من (5) مليارات ريال في المراحل الأولى من تطبيق القانون ما سيدفع بالأداء إيجابيا وسيشمل الجانب الصحي والجوانب الأخرى، ومما لاشك فيه أن هذا يتطلب من الشركات العاملة حالياً في السوق التأميني أن تقوم بدراسة أوضاعها بدقة في ظل المرئيات الجديدة المتوقع بروزها في هذا المجال، خصوصا إذا علمنا أن المملكة بها أكثر من (414) مستشفى ومركز طبي تضم أكثر من (47) ألف سرير، منها نحو (100) مستشفى خاص ويصل حجم استثماراتها إلى نحو (1 ،5) مليار ريال مما يوضح حجم السوق التأميني الصحي في المملكة.
وبالتأكيد ستشهد المرحلة المقبلة مع تطبيق قانون التأمين الصحي إنجازات صحية جديدة من تشييد مراكز طبية حديثة في جميع أنحاء المملكة وسيفتح المزيد من الاستثمارات لهذا القطاع الحيوي الهام لمواجهة المتطلبات العلاجية المختلفة وتجهيزاتها في ظل نهضة شاملة تعيشها المملكة.
ومما لاشك فيه أن الهدف من التطور في الأداء سواء من قبل مقدمي الخدمة الصحية أو شركات التأمين هو تقديم الخدمات الصحية بكافة أشكالها وعلى أرقى مستوياتها إلى المراجعين سواء كان بالطرق المباشرة أو من خلال بطاقات التأمين الصحي.
(*) مدير عام المستشفى
|