* الرياض - الجزيرة :
نشر موقع مجلة تايم TIME يوم السبت الماضي نص حوار صحفي أجرته مع صاحب السمو الملكي الأمير الوليد بن طلال بن عبدالعزيز آل سعود حول رد فعل سموه عقب الأحداث الارهابية التي تعرضت لها مدينة الرياض الأسبوع الماضي. وفيما يلي ترجمة نص المقابلة:
استهدفت هجمات الثاني عشر من مايو في الرياض مجمعات سكنية يقطنها رعايا دول غربية. ومنذ عقد من الزمان أعلن أسامة بن لادن الحرب على المملكة العربية السعودية. والآن ابتدأ بن لادن واتباعه باتخاذ قرار استخدام العنف داخل المملكة العربية السعودية بهدف زعزعة الاستقرار الوطني والأمن القومي.
وعلى الفور قام ولي العهد الأمير عبدالله بن عبدالعزيز بمواجهة خطر تنظيم القاعدة، وفي سابقة تعتبر الأولى من نوعها، القى الأمير عبدالله خطابا عبر التلفزيون خلال أقل من 24 ساعة من وقوع هذه الهجمات واصفا فيه المنفذين «بالجزارين والمجرمين» ومحذرا من ان التعاطف مع الارهابيين لا يمكن تحمله أبداً. ولكنه بالرغم من الموقف الحازم للأمير عبدالله، إلا ان الهجمات قد ولدت مشاعر الرعب والغضب والقلق عند السعوديين.
ولفهم رؤية العائلة الحاكمة السعودية لهذه الهجمات، فقد قام رئيس مكتب الشرق الأوسط لمجلة تايم سكوت ماكلاود باجراء حوار صحفي مع صاحب السمو الملكي الأميرالوليد بن طلال بن عبدالعزيز آل سعود. المعروف ان سموه هو ابن أخ للملك فهد ولولي العهد الأمير عبدالله، كما أنه من أثرى المستثمرين في العالم حيث تقدر ثروته بحوالي 20 مليار دولار يستثمرها في عدة شركات منها إي أو إل تايم وورنر AOL TIME Werner الشركة الأم لمجلة تايم.
* تايم: ما هو رد فعلك على الهجمات؟
- الأمير الوليد: لقد خلطت هذه المأساة وهذا العمل الارهابي الدم الأمريكي بالدم السعودي. وإذا كان هناك أي شك في الولايات المتحدة الأمريكية من ان السعودية مستهدفة من قبل الارهاب، فإن هذه الهجمات من شأنها ازالة هذا الشك. وإذا عانت أمريكا من هجمات 11 سبتمبر 2001، فإننا في السعودية قد عانينا من هجمات 12 مايو 2003، أي أننا في نفس الخندق لمحاربة الارهاب.
* تايم: هل فوجئ السعوديون؟
- الأمير الوليد: لقد كانت هذه الهجمات بمثابة الدعوة الى الصحوة للمملكة العربية السعودية لاتخاذ موقف صارم تجاه أي صوت متطرف في هذا البلد. وعلينا اتخاذ موقف متشدد وعدم التساهل لازالة جميع أشكال التطرف من بلادنا.
* تايم: ألم تكن أحداث 11 سبتمبر كافية للصحوة؟
- الأمير الوليد: هذا سؤال جيد. من البديهي أن أحداث 11 سبتمبر كانت بمثابة الصحوة للعالم أجمع. ولكننا شعرنا بآثار هذا العدوان الارهابي الأخير في صميم بلدنا. ونحن نشعر الآن بمثل ما شعر به رئيس الولايات المتحدة الأمريكية وحكومتها وشعبها بعد أحداث 11 سبتمبر. ولقد ذهبت ابنتي لتقديم التعازي لأسرة أحد ضحايا هذا العمل الارهابي، حيث قالت لها صديقتها أنها شاهدت الارهابيين وهم يهجمون مسلحين بمدافع رشاشة، وقنابل يدوية ويقتلون بلا تمييز السعوديين والعرب والمسلمين وغير المسلمين والأمريكيين.
* تايم: لماذا تعتقد ان هذه الهجمات حدثت الآن؟
- الأمير الوليد: لا أعتقد ان تنظيم القاعدة يعمل بشكل فعال الآن. فليس لها هيكل تنظيمي يسمح بايصال توجيهات المدعو ابن لادن من مقر تواجده حيثما كان. ويوجد حاليا خلايا مبعثرة تؤمن بمعتقدات هذا الشخص، وتعمل هذه الخلايا بصفة فردية وبدون تنسيق. ومن الواضح ان له اتباعاً يؤمنون بمعتقداته وأعماله.
* تايم: هل معنى ذلك أنك تؤكد تقبل السعوديين للمتطرفين؟
- الأمير الوليد: لقد سمح للتطرف باعلاء صوته ولم يتم وضع حد له. وإذا ما كان لدى أي أحد أدنى شك في ان للمتطرفين تواجداً في بلدنا، فإن الأحداث الأخيرة يجب ان تلزمه بالصمت، هناك تواجد للتطرف لدينا. ولقد رأينا الوجه القبيح للتطرف الذي حصد حياة العرب والسعوديين والأمريكيين والغربيين معاً. وحتى الآن فقد كان هناك تساهل مع التطرف.
* تايم: لماذا؟
- الأمير الوليد: هناك اعتقاد أنه إذا كان أحدهم متديناً فإنه من الواجب الانصياع لما يقول. وللأسف، فإننا لم نتخذ ضد هؤلاء موقفا صارما لأن هناك اعتقاداً بأنهم يمثلون التيار الاسلامي. وهذا خطأ. إن التيار الاسلامي ممثل بالنظام الشرعي والقضائي، الذي تقوم عليه السلطة التشريعية الاسلامية. وعلينا التفرقة بين رجال الدين من الحكماء المنطقيين الواقعيين الذين يمثلون الاتجاه الاسلامي المعتدل في المملكة العربية السعودية وغيرهم من الذين لا يمثلون ذلك. وهنالك حد لكل شيء. فإذا تم تجاوز ذلك الحد، يجب ردعهم، فلم يعد هنالك مجال للتساهل بعد الآن.
* تايم: هل تعتقدون ان ما خفي أعظم؟
- الأمير الوليد: سواء كان ما خفي أعظم أم لا أمر سيحدده حزم، وقوة، وتنسيق، وتكامل أجهزة الدولة في التعامل مع هذه الأحداث. خذ مثلا ما حدث عند جيراننا في مصر، عندما قام ارهابيون بقتل العديد من السياح في الأقصر عام 1997، وقتها اتخذت الحكومة المصرية خطوات جبارة أدت الى استئصال الارهاب هناك تقريبا. ومنذ أحداث 11 سبتمبر في الولايات المتحدة الأمريكية التي مضى عليها قرابة العامين، لم تقع أية أعمال ارهابية بسبب الاجراءات الصارمة التي اتخذتها الحكومة هناك.
* تايم: إذاً، ما الذي تدعو له؟
- الأمير الوليد: لقد قالها ولي العهد الأمير عبدالله بوضوح أمام الملأ عبر التلفزيون، إذا لم يدين أي شخص بغض النظر عن مكانته في هذا البلد عمل الارهابيين، فهو منهم، ولقد تبنى الأمير عبدالله نفس السياسة التي انتهجها الرئيس بوش منذ عامين عندما قال:«إما ان تكونوا معنا أو ضدنا». المهم الآن هو تطبيق هذا النهج. وإذا لم يتم تطبيقه، فباعتقادي أننا سوف نتعرض لهجمات ارهابية أخرى.
* تايم: ألا ترى ان هذا النهج يمكن ان يتسبب في مواجهة مع شريحة من المجتمع؟
- الأمير الوليد: أعتقد أنه في المرحلة الحالية، لابد من مكافحة الارهاب. وإذا دعا الأمر لاستخدام الشدة والحزم مع بعض المتطرفين، فليكن ذلك. فإذا أصبحت المصالح القومية موضع تهديد، فليس أمامك خيار. ولا يمكن استخدام اللين بعد الآن. وإذا تمعنا في خطاب الأمير عبدالله، فإننا سنرى أنه مصمم الآن على موقفه. وآمل ان ينفذ المسؤولون أوامر سموه، وإن شاء الله نرى ذلك.
* تايم: هل تعتقدون ان هناك توافقاً في وجهات النظر بين الحكومة والمؤسسة الدينية؟
- الأمير الوليد: هذه أمة مشرفة تستمد قوتها ووجودها من كتاب الله، القرآن الكريم، ولكنه من غير المستبعد وجود بعض الأفراد المتشددين في مواقع ما يجب منعهم من اختطاف هذا الدين الحنيف. فهم يقومون ببث أمور من شأنها التأثير على عقول بعض الشباب الضعفاء.
* تايم: من هم هؤلاء في هذه المواقع؟
- الأميرالوليد: من الواضح ان ابن لادن غير موجود في السعودية الآن. ولكن البعض يؤمنون بأفكاره لأسباب سياسية واقتصادية واجتماعية. فسياسياً، لربما أرادوا خلق فوضى وبلبلة، ولربما يعتقد البعض ان الولايات المتحدة الأمريكية شريرة. ومع ان هؤلاء البعض قلة، إلا أنها قلة عالية الصوت، وعنيفة، ومتشددة، ولا يستطيع أحد أن ينكر ان هناك تواجداً لعناصر متطرفة في المؤسسة الدينية المعتدلة.
|