|
|
إذا كنا نؤمن بوجود علاقة طردية بين معدلات البطالة والانحراف السلوكي والفكري للعاطلين عن العمل، واذا كنا نعي خطورة ارتفاع معدلات العود الى الجريمة بين العاطلين عن العمل، فان النطق السليم يفرض علينا ونحن نبذل الكثير من الجهد والمال في سبيل محاربة المنحرفين ان نبذل جهدا مضاعفا في مجال الوقاية من الجريمة قبل وقوعها. وفي هذا السياق نجد ان المنطق السليم ايضا يفرض علينا ضرورة التعامل مع معطيات سوق العمل باعتبارها محركا رئيسا من محركات الجريمة والانحراف بين شبابنا خاصة في ظل تنامي اعداد العاطلين عن العمل وفي ظل المؤشرات الاحصائية التي توضح العلاقة الوثيقة بين البطالة والجريمة. ان اغفال مثل هذه الحقيقة او عدم التعامل معها بجدية وكفاءة سيؤدي بلاشك الى صعوبات متعددة على كافة الاصعدة وبشكل الخاص على الصعيد الامني الذي يتأثر كثيرا بالمتغيرات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية وسيقودنا في النهاية الى مواجهة علنية مع العاطلين عن العمل في ميادين مختلفة. وهنا لابد ان نشير الى ان البطالة لا تمثل خسارة حسية ملموسة في الارقام والمؤشرات الاقتصادية ولكنها ايضا ظاهرة خطيرة تهدد استقرارنا الامني الذي هو مطلب لتحقيق الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي والسياسي للمجتمع السعودي. ومن هذا المنطلق، يجب علينا ونحن نتعامل مع قضايانا الامنية الا نحمل المجرم او المنحرف المسؤولية لوحدة بل لابد وان نتحمل مسؤوليتنا الوطنية عن الكيفية التي من خلالها اصبح هذا المجرم مجرما وهذا المنحرف منحرفا. فمن غير المعقول ان نطالب العاطل عن العمل الذي فقد كل او جل متطلبات الحياة الكريمة ان يكون مواطنا سويا ومن غير المنطقي ان نطالب العاطل عن العمل ان يتجاوز عن اخطائنا التي قادته الى ان يكون عاطلا ومهمشا في نظر المجتمع. وبالتالي فان مقتضى الوطنية الحقة يتطلب من المسؤولين في هذه البلاد التدخل السريع لمواجهة التداعيات الخطيرة لواقع سوق العمل السعودي على وقع ومستقبل استقرارنا الامني. على المسؤول ان يتعامل بجدية اكثر مع البعد الامني للتواجد العشوائي للعمالة الوافدة خاصة وان التقارير والاحصاءات الرسمية تفيد بارتفاع معدلات ارتكاب الجريمة من قبل العمالة الاجنبية واتباعها في هذا السبيل طرقاً غريبة عن مجتمعنا المحافظ. على المسؤول ان يعي بأن بقاء ابناء الوطن خارج اسوار سوق العمل سيدفع بالكثير منهم الى ارتكاب الجرائم على مختلف صورها متذرعين بوضعهم الاقتصادي البائس وبفشل المجتمع في مساعدتهم على تحقيق مستوى معيشي مقبول اجتماعيا. فهل نرى بعد كل الوقائع الامنية الخطيرة وثبة وطنية جادة تجاه تصحيح الخلل دون اكتراث بمصالح بعض المنتفعين الذين لا هم لهم سوى تحقيق مصالحهم بغض النظر عن المصلحة العامة ومتطلباتها المختلفة؟ نتمنى ذلك. |
[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة] |