على الرغم من أن الخطاب الملكي الذي تلي في بدء أعمال الدور الثالث لأعمال مجلس الشورى في دورته الثالثة، معد منذ فترة، إذ ان مثل هذه الخطابات التي تشكل منهجاً وخطة عمل للعام القادم ومراجعة شاملة لعام مضى وهو أسلوب «برلماني» تتبعه كل الدول التي لها مجالس دستورية من مجالس شورى أو برلمانات أو مجلس شعب أو أمة، والتي تبدأ أعمالها بخطاب شامل لقائد البلاد يحدد من خلاله خطته وآليات عمل وتوجهات السياسة العامة للدولة محددا المسارات الداخلية والخارجية، وعمل السياسات المحلية والدولية للدولة في كافة المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية وكل مايهم المواطنين.
نقول رغم ان الخطاب الملكي يعد منذ وقت يحتاجه قائد الأمة ليضم كل ماحواه من منهج عمل لعام قادم و«جردة» لعام مضى إلا ان خطاب خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز في افتتاح أعمال مجلس الشورى جاء رداً على العمليات الإرهابية التي شهدتها الرياض مساء يوم الاثنين 12/5/2003م والذي أظهر ان المملكة العربية السعودية سائرة وفق نهج إصلاحي تطويري ينفذ بهدوء وبلا ضجيج منذ أعوام. ففي كل عام ومن يتابع «الخطابات الملكية في بدايات أعمال مجلس الشورى» يلمس ان كل عام يحمل جديداً.. وكل عام تنجز إضافات متدرجة لتحقيق اصلاحات سياسية واقتصادية واجتماعية دون اي إرباك أو تعثر في التنفيذ. لا تؤثر عليها الأعمال الإرهابية ومحاولات العرقلة التي يلجأ إليها اليائسون التي من صورها الانتحار.
والقارئ بإمعان لما تضمنه الخطاب من عبارات تحمل نبرة الحسم والقطع الواثقة من النهج، فتحمل البداية التأكيد على الاستمرار في طريق الاصلاح السياسي والإداري وسنعمل على توسيع نطاق المشاركة الشعبية وفتح آفاق أوسع لعمل المرأة.
التأكيد على الاستمرار يعني نجاح وإكمال خطوات الاصلاح والعمل الدؤوب لمواكبة التطور، وان ماتم في العام المنصرم يبنى عليه في العام القادم الذي أصبح أكثر إلحاحاً «لأننا نواجه عالماً يقف على مفترق طرق حيث انقلبت مفاهيم وقامت مفاهيم وسقطت تحالفات ونشأت تحالفات وتراجعت مبادئ النظام الدولي وحلت صيغ جديدة وبما أننا جزء من هذا العالم لا نستطيع الانفصام عنه ولايمكن لنا ان نسكت والعالم يتغير وليس لنا ان نرضى بمقاعد المتفرجين والكل يتسابق في تشكيل قسمات العالم الجديد.
استقراء وتحليل واقعي وحقيقي لما يشهده العالم وبالتالي فإن المملكة بحجمها الإقليمي ومكانتها الدولية ودورها الإسلامي والعربي الرائد لايمكن ان تقف متفرجة وعلى الهامش في خضم كل هذه المتغيرات التي لايمكن ان تواجه مالم يبدأ الاصلاح من الداخل.. من المملكة التي أنجزت بهدوء وبلا ضجيج العديد من الاصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي ستبنى عليها اصلاحات أخرى تطور العمل السياسي والإداري وأحكام الرقابة على العمل الحكومي وتوسيع نطاق المشاركة الشعبية التي ستحمل أطراًً وآفاقاً تترجم مزيداً من الحضور الشعبي الذي سيعطي مزيداً من آفاق مشاركة المرأة السعودية في مسيرة التطور والاصلاح.
إذن فإن ما تشهده المملكة العربية السعودية من اصلاحات وتطور، هو تواصل واستمرار وليس استجابة لضغوط الأعمال الإرهابية بل الصحيح ان الأعمال الإرهابية هي محاولة يائسة من قبل قوى الظلال والتخلف لعرقلة مسيرة التطور والاصلاح التي تنتهجها المملكة.
|