بل هم الغلاة الجهلة
عبدالله بن عبدالعزيز بن إدريس

نحن في المملكة العربية السعودية أشد الناس تحريماً وتجريماً ومحاربة للمفسدين في الأرض.. ومرتكبي العدوان على الآمنين من المواطنين، والمقيمين، والمستأمنين من أهل الذمة.. ذلك أن الدين الإسلامي يحرم قتل النفس البشرية بدون ذنب ارتكبته.. وحتى الذي يرتكب جريمة قتل.. لا يحل لأحد أن يأخذ بالثأر منه. إلا عن طريق الحكم الشرعي.. وبموافقة ولي الأمر.. وفق النظم المرعية في البلاد.. وإلا كانت الفوضى التي لا حد لايقافها.. الإسلام ينظر إلى قتل النفس البريئة بأنه أكبر كبائر الذنوب بعد الشرك ويعد ذلك احدى (الموبقات السبع) التي قال النبي محمد صلى الله عليه وسلم لأصحابه ألا أخبركم بالسبع الموبقات؟ قالوا بلى يا رسول الله: قال «الشرك بالله، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق».. إلخ الحديث. ويشدد القرآن الكريم بالنكير والوعيد الشديد على من قتل مؤمنا متعمداً.. بقوله جل وعلا: {وّمّن يّقًتٍلً مٍؤًمٌنْا مٍَتّعّمٌَدْا فّجّزّاؤٍهٍ جّهّنَّمٍ خّالٌدْا فٌيهّا وّغّضٌبّالله عّلّيًهٌ وّلّعّنّهٍ وّأّعّدَّ لّهٍ عّذّابْا عّظٌيمْا} [النساء: 93]. فماذا سيقول هؤلاء الارهابيون الذين فجروا ثلاثة مواقع في الرياض ليلة الثلاثاء الماضي.. وقتلوا العشرات الذين غالبيتهم مسلمون. ومنهم المعاهدون الذمِّيون.. وجرحوا المئات.. ماذا سيكون جوابهم عند الله يوم يقول جل وعلا: {وّقٌفٍوهٍمً إنَّهٍم مَّسًئٍولٍونّ}؟! هل ينجيهم من العذاب أن يقولوا أفتانا بهذا فلان وفلان؟ أو يقولوا أن هؤلاء، غير المسلمين، يقيمون على أرض الاسلام فنحن نريد أن نطهرها منهم..؟! علماً بأنهم يخدمون المسلمين في هذه البلاد.. بعلمهم الذي لا غنى عنه للحياة، وإعداد العدة للدفاع عن الدين وأهله في جميع المجالات؟! لقد ارتكب هؤلاء الارهابيون جرماً كبيراً جداً في حق (الإسلام) حينما شوهوا صورته الجميلة.. وأعطوا أعداءه الذين يحاربونه بكل وسيلة.. الحجة التي يتذرعون بها لتنفير الناس من الإسلام ونسبة الإرهاب إليه وهو البريء من ذلك وارتبكوا جرماً شنيعاً في حرق قلوب ونفوس وعواطف أهل القتلى من المسلمين والذميين. إن عظم جريمتهم لا يجب أن تسوغه حجة ولا يبرره اجتهاد فالدم البشري معصوم والمال والاعراض محرمة ومعصومة.. وبعد: فهل يوجد عقلاء أو حكماء في هذه الفئات المتطرفة التي شوهت الاسلام أو أساء ت إليه أعظم إساءة هل يوجد فيها عقلاء وحكماء يتناقشون ويتداولون الآراء والأفكار مع العلماء المتفق - تقريباً - على صلاحهم وغزارة علمهم.. ومع المفكرين الإسلاميين حول مفاهيمهم وقناعاتهم الفكرية..؟ إنهم لو فعلوا ذلك لحققوا من الايجابيات التي يحلمون بها أضعاف أضعاف ما يحلمون به من هذه الحركات الارهابية المشينة لهم ولدينهم وأوطانهم.. اللهم اهد ظلاّل المسلمين وردهم إليك رداً جميلاً.. وحسبنا الله ونعم الوكيل..