وسيفي كان في الهيجا طبيباً
يداوي رأس من يشكو الصداعا
|
مع أنني من أشد المعجبين بشعر «عنترة العبسي» ولكنني لا أوافقه مطلقاً بنوع العلاج المقترح للمرضى الذين يعانون من الصداع. ونحمد الله أن عنترة لم يكن في يوم من الأيام طبيباً وإلا لرأيت الناس يمشون بلا رؤوس. فمن منا لا يشكو صداعاً وخاصة في هذه الأيام؟.
إن الحقيقة القاطعة في التعامل الإنساني بين الطبيب ومريضه مختلفة كل الاختلاف عن رغبات ونزوات وغزوات شاعرنا عنترة، فالطبيب لا ينتظر منه قطع للرقاب بل رأي سديد وتطمين . ومن المعروف ان العديد من الأمراض تعكس وضعاً صحياً أو نفسياً معيناً لدى الكثير من المرضى، وهنا على الطبيب أن يعطي المريض حقه فيسمع له وكأن الحديث يروي له لأول مرة، ثم يقوم بالاستدراك ومحاولة تشخيص المرض لإيجاد الحلول الأنسب والأفضل للتعاطي مع هذا المرض عند ذلك المريض.
ودأب الناس في بلاد الشام بمخاطبة الطبيب «بالحكيم» وأعتقد ان لهذه الكلمة معنى كبيراً جدا، فالحكيم هو الطبيب مضاف إليه الحكمة والعقل والسداد في الرأي والتفكير، فيصلح لشخص ما إذا قرأ كتب الطب واجتاز الامتحانات ان يكون طبيباً، ولكن ربما لا يصلح ان يكون حكيماً ولأضرب لكم مثلا عن الوحمات الصباغية الجلدية الكثيرة المشاهدة خلال ممارستنا اليومية.
إن هذه الوحمات مختلفة ومتنوعة في الشكل والحجم والعمق ومع ان هناك نسبة ضئيلة منها قابلة للتحول السرطاني لدى بعض المرضى، وهذه النسبة لا تتعدى 1 3% في الأعراف والمراجع الطبية التي قرأناها، ومع هذا فأنا لا أذكر سوى حالة واحدة منها فقط تحولت الى سرطان جلدي خلال ممارستي العملية. فهل علي أن أخبر المريض بأنها حقاً سرطان جلدي؟ أم أنها رحمة يجب مراقبتها باستمرار ويستحسن استئصالها في بعض الأحيان.
إن المعادلة الحسابية البسيطة 1 + 1 قد تساوي اثنان أو ثلاثة وربما عشرة في كتب الطب وقواميسه. وما نقرؤه نحن جمهور الأطباء في أمهات الكتب الطبية لا ينطبق على مرضانا دوماً، فما نراه اليوم دائرياً نراه غداً بيضوياً أو ربما كروياً بعد غد. فالمرض الجلدي الواحد مثلا قد يتراءى بألف شكل. ومهما كانت التحديات التي نواجهها من المريض أو من ذويه ومرافقيه كبيرة، لكن هذا لن يدفعنا عن الابتعاد عن الحكمة في معالجة مرضانا مطلقاً.
(*)عيادات ديرما الرياض
|