تحدثنا في الحلقة الأولى من هذا المقال بشيء من الإيجاز، عن أسباب تعثر مشاريع السعودة، كمقدمة للمطالبة بإعادة هيكلة سوق العمل، وقد أوردنا ملامح
من تلك الأسباب، أهمها أن التخطيط لهذه المشاريع لم يكن بالشكل العلمي المطلوب، وأن الجاهزية هي الأخرى لم تكن متوافرة كما ينبغي، لدعم مشاريع السعودة، لتنطلق منها مشاريع علمية وعملية رصينة، لتحقيق نجاحات مؤلمة، وفي هذه الحلقة نقدم الآراء والمقترحات التي نرى أن فيها ما يحقق لنا مشاريع وطنية تسهم وتدعم مقوماتنا في كافة المجالات، وذلك بما يلي:
1 السعي إلى عدم إبقاء عمالة وافدة آخذة في بقائها صفة المهاجرة، ويمكن التخلص التدريجي من هذه الظاهرة من خلال الاستفادة من تجارب بعض الدول التي قضت على ظاهرة الهجرة في بلدانها.
2 السعي نحو عدم انتشار غير مقنن أو مطلوب أصلاً لحاجة البلد من أسواق تجارية، ثبت أن الهدف الأول والخير من انتشارها تحقيق وظائف للوافدين.
3 السعي إلى عدم إصدار نظام العمل القادم، إلا بعد خضوعه إلى مزيد من الدراسة، مستوفياً كافة أو قل جل متطلبات سوق العمل بشكل عام.
4 إعادة النظر بجدية مطلقة نحو مخرجات التعليم في كافة مؤسساتنا التعليمية، بدءاً من التعليم العام وانتهاءً بالتعليم الجامعي مروراً بمؤسسات التعليم الفني والتدريب المهني، مع التركيز على المرحلتين الدراسيتين الابتدائية والمتوسطة، على وجه الخصوص، نحو ما يزرع ويكرس في النشء مفاهيم وعادات حميدة نحو سوق العمل.
5 العودة إلى إعادة تقييم وتقويم القرار رقم 50 الصادر في 21/4/1415ه، والمتضمن وجوب سعودة وظائف القطاع الخاص بنسب تصاعدية بمعدل 5% سنوياً وذلك للمنشآت التي تزيد عمالتها عن «20» عاملاً فأكثر، سعياًً لجعل روح هذا القرار يتلاءم وطبيعة كل نشاط على حدة، مع السعي إلى خفض هذا الحجم العمالي إلى «10» كحد أدنى، حيث إن نسبة التوظيف الأعلى في البلاد هو داخل المنشآت التي تصل طاقتها البشرية من عشرة عمال فما دون، تحقيقاً لايجاد وظائف في أنشطة اقتصادية أخرى.
6 - القضاء على آفة التستر التجاري، من خلال تفعيل الآليات القائمة على مكافحته مع إصدار وتنظيم آليات جديدة، إضافة إلى دراسة منح حوافز مالية إذا لا يوجد نظام حول ذلك، كمكافآت للمواطنين وغيرهم، الذين يبلغون الجهات المختصة عن الأشخاص المتورطين في مخالفة أنظمة التجارة المقننة.
7 إنشاء معهد ثقافي يتبع صندوق تنمية الموارد البشرية، مالياً وإدارياً، يختص بإعطاء دورات تأهيلية لطالبي العمل، خصوصاً من يساهم الصندوق في دفع جزء من رواتبهم من خلال ما يبرمه الصندوق مع المنشآت الاقتصادية، سواء من أجل التوظيف أو التدريب على رأس العمل، وذلك بمنحهم دورات تثقيفية وتعليمية، عن سوق العمل وأخلاقياته، وطرق وحسن التعامل مع الغير، لمدد لا تقل عن أسبوعين.
8 تعزيز توجه نظام الجوازات، الرامي إلى عدم منح مدد لتأشيرات العودة لأكثر من شهرين، وتطبيق ذلك في كافة أو معظم المهن، خصوصاً ما يتعارض مع المهن المسعودة أو القادم سعودتها.
9 تأسيس مركز معلوماتي آلي بتقنية عالية، يتبع في الأصل وزارة العمل والشؤون الاجتماعية وكالة الوزارة لشئون العمل يحتضن معلومات وفيرة عن احتياجات سوق العمل، وعلى وجه الخصوص يتضمن بيانات عن طالبي العمل، مع تبيان مؤهلاتهم العلمية وخبراتهم العملية، ورصد مستمر عن العمالة المتسربة من أعمالها وأسباب ذلك التسرب، سعياً للحد من ظاهرة التسرب أو التسيب الوظيفي القائم.
10 السعي نحو إيجاد قنوات إعلامية متعددة الأوجه، تناشد طالبي العمل والعاملين على حد سواء، باحترام العمل والتعريف بماهية وقيمة العمل كجزء من العبادة الدينية للمسلم، ليصدر ذلك من خلال نماذج متعددة تأخذ الطابع التربوي والاجتماعي والاقتصادي، في إلقائها نحو المتلقي.
(*) الباحث في شؤون الموارد البشرية
|