لم يعد الحادي عشر من سبتمبر عام 2001م وحدُه منْعَطفاً تاريخياً في مسَار هذا العصْر الأغْبر، بل انضمَّ إليه الحادي عشر من ربيع الأول عام 1424هـ ليكونَ علامةً فارقةً في مسِيرة أُمتِنَا.. أهلِ هذه الأرض الطيبة الطاهرة.
***
* وإذا كان الحادي عشر من سبتمبر قبل عاميْن كارثةً بمعايير أمريكا، فإنّ الحادي عشر من ربيع الأول زلزالٌ في حِسَاب مُثُلِنا وأعْراقِنا وأعْرافنا، وما فُطِرنَا عليه من سلامةٍ في المعتقد، وطهارةٍ في القيم، واستقامةٍ في الأخلاق،.. فطرةٌ تستضيفُها جِبِلَّتُنَا المشحونةُ بالحبّ والخيْر والتسَامحِ، تجري في شراييننا، وتسْكنُ أحلامنَا، وترافقُ غُدَوَّنا ومسرْانا!
***
إنّ ما حدث ليلةَ الاثنين الماضي ظُلْمٌ مبينٌ، حين تَسَلّلتْ خفَافيشُ الإرهاب في «ضُحَى الليل» لتَقُضَّ مضاجعَ الأبرياء في عاصمة الشموخ الرياض، فتختطفُ أمْنَ وسكينةَ الأبرياء، وتحيلُهم أشْلاءَ في أتُون الظلام!! ربّاه.. الّلهم لا اعتراضَ على قَدَرك، فأنت وحْدَك المقدِّرُ لكلّ شيءٌ والقَادِرُ على كلِّ شيء، لكنَّنا.. نسْألُكَ الرحمةَ والسَّلْوى من هَوْل ما حَدثَ، ونسْألُكَ الصبرَ كي «نَصْحُوَ» من غفلة نَعِيمنا.. لنتفكّرَ ونتَدبّرَ ونسْتقبلَ من أمْرنَا ما غَابَ عن إدراكنَا، أو تاهَ عن أبصارنا.. أو غَاضَ في مجَاهل أفئِدتنا، فنتعلمَ من ذلك كلِّه قدْراً يقينا بعزَّتِك وجَلالِكَ وعَوْنِك شرَّ ما لمْ يحدثْ بعدُ.. فلا يتكرّرُ زلزالُ الحادي عَشَر من هذا الربيع، ونَبكي من جديد!
***
* ربّاه.. لو كانَ ما حَدثَ من صُنْع آخرين خَارج الحدُود، لالتمسنا لأنفسِنَا شَيئاً من عزَاء، لكن أن يَصْنعَ كلَّ ذلك الدمار المريع صِبْيَةٌ من فَلذَات أكْباد هَذا الوطن، فرّقَّتْهُم شجرةُ النسَب، وجَمعتْهُم هُويّةُ الانتسَاب إلى «ثقافة التدمير»، فذاك أمرٌ يذهلُ العقلَ ويُخْرس اللّسَان!
***
* نعم.. لسْنا ملائكةً.. ولا مَعْصُومين من الزلل، لكن كنّا نظنّ وما زلنا نظنّ أن «ثقافةَ التدمير» بضاعةٌ «مسْتَوردة» من خارج أسْوار ديننا وقيمنا ومُثُلنِا!
***
* الّلهم يا ربِّي.. مَن أرادَ لبلادنا وأهلِنا شَرّاً.. فاهْدِهِ إلى صراطِ الحق والعقْل واليَقِين، كي يَئُوبَ إلى رُشْده، فلا يتحالف مع الظُّلْمِ والظَّلام، ويقتل عزّتَنا وكبرياءَنا، وفلَذَاتِنا في عتْمةِ ليْلٍ أو صَحْوةِ نهَار! أمَّا إنْ أصَرَّ على تبيْيت الشرِّ لنا ولنفْسِه، فاشْغلْهُ يا اللهُ بنفْسِه، واجْعَلْ تدْبيرَه تدْميراً له، إنّك على كل شيء قدير!
|