عزيزي رئيس التحرير، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
قبل بضعة أيام كتب الاخ علي بن سليمان الدبيخي في هذه الصحيفة المباركة عن الخطبة والخطباء وذكر في طيات حديثه الشيء الكثير، وانا من هنا حيث عزيزتي الجزيرة اقدم اطروحتي المتواضعة علها تحوز على اعجاب اخواني القراء الكرام، فأقول ان منبر الجمعة اليوم له شأن عظيم ومكانة سامقة ومرموقة، كيف لا وهو مصدر تبث من خلاله الثقافات والافكار ومنه كذلك توضح الشرائع والاحكام، ولا تسأل اخي المبارك عن مكانته العالية في نفوس المسلمين في شتى البقاع، فما يكاد الخطيب ينزل من درج منبره الا وتتطلع نفوسهم للجمعة القادمة وبانتظار افرغ صبرهم واستنفذه، ولعله من المناسب هنا ان ابث في ثنايا هذه الكلمات ما اضمرته منذ زمن مرتقبا بذلك الوقت المناسب لأبثه لمن يراه، فالى كل من علا وصعد منبر الجمعة، الى كل من رأى من نفسه انه اهل لمقابلة هذه الجماهير، عليك اولا باخلاص النية لله جل وعز وليكن قدوتك بذلك سيد الفصحاء من أوتي جوامع الكلم بأبي هو وامي، فمجتمعنا اليوم بحاجة الى ما يثري العقول ويغذيها من سائر انواع الفنون يتقدمها القرآن الكريم وسنة المصطفى صلى الله عليه وسلم كذلك طرق المستجدات في الساحات الاسلامية وتحليلها وتبيينها من منطلق شرعي جلي ليستشعره كل فرد من الحضور، ولعله من الموافقة الطيبة ان ابين حال البعض من خطبائنا الافاضل مع خطبة الجمعة ومدى تفاعلهم معها فالبعض منهم - ولعلهم القلة - لعله يتشرف ويتحامل على نفسه قبل ذلك بيوم ليبدأ بتجميع شتات اوراقه من هنا وهناك ليخرج لنا بخطبة شذر مذر لا يعرف اولها من آخرها والبعض الآخر لعله يتناهض من فراشه صبيحة الجمعة وينطلق الى جهازه الحاسب فيستخرج لنا من الانترنت وبلمحة بصر خطبة من الخطب التي قد لا تواكب في بعض الاحيان ما استجد وظهر ليلقيها على عجالة من امره، فبذلك يخسر الجمهور جمعة كاملة او بالاصح لا يخرجون من الخطبة ولا بنصف فائدة.
وعلى النقيض الآخر هناك خطباء آخرون، اية في التفاعل والحماس، فأسلوب رائع وإلقاء مؤثر وفهم لنفسيات الحضور وفوق كل ذلك مادة علمية يستفيد منها كل من بداخل الجامع، وهذا امر لا غرابة فيه فما ظنك بمن اسرت الخطبة تفكيره واهتمامه واستحوذت على قلبه وعقله فمنذ ان ينطق بآخر حرف من الخطبة التي القاها للتو فسيبدأ التفكير الجاد في الخطبة القادمة من تجميع للافكار واحاطة عميقة للمستجدات والاحداث كذلك صياغتها بأسلوب راق ينم عن ادراك عظيم وأفق واسع ورحب، وهذا النموذج الرائع هو والله حديث المجالس، وذكره وصيته بلغ الافق، واذكر انني قرأت يوما مقابلة مع احد الخطباء المعروفين في إحدى المجلات حيث يقول ذلك الخطيب : منذ ان انتهي من القاء خطبة اليوم فانا في تفكير مستمر بالخطبة القادمة وماذا ستكون، وعن ماذا سأتحدث بل حتى ذكر انه في بعض الاوقات تلوح وتعرض له بعض الافكار وهو يقود سيارته فيقف ليسجلها لكيلا تفلت من ذاكرته، وهنا حقيقة يجب ان يقتفي الخطيب اثر هذه النماذج ويحاول الاستفادة منها وينبغي كذلك على كل خطيب مقصر ان يعيد النظر في تعامله مع خطبة الجمعة فليست القضية والله نصف ساعة يلقي فيها الخطيب ما بيديه وتقام الصلاة ويصلي بالناس ثم ينصرفون لا ثم لا بل ينبغي ان نعطي الخطبة حظها الوافر وألا نبخسها حقها فلها شأنها العظيم في الاسلام، وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه والله اعلم.
محمد بن عبد العزيز الكريديس - بريدة
|