Sunday 18th may,2003 11189العدد الأحد 17 ,ربيع الاول 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

الانحراف بين الخطر الداهم والتصرف الحازم الانحراف بين الخطر الداهم والتصرف الحازم
ناصر بن عبدالله آل فرحان

ما حدث في الرياض مساء الاثنين 11/3/1424هـ من عمل اجرامي ومنكر عظيم راح ضحيته أناس أبرياء وأزهقت فيه أرواح وروع فيه الآمنون ودمرت المنازل وهلك الحرث والنسل، يجعلنا نتوقف ونتساءل عن هذا العبث المتكرر والأفعال الاجرامية التي باتت تشكل ظاهرة خطيرة تحتاج الى بحث ودراسة وتقصٍ ولعلنا نطرح بعض الأسئلة ونحاول الاجابة عليها ونقول:
* الانحراف في السلوك والفكر.. هل له علاقة بأسلوب التربية؟
- بالتأكيد ان انحراف السلوك لدى الانسان أو الفكر ما هو إلا نتاج ودليل خلل وقصور في أسلوب التربية، وعادة الانحراف ينتج إذا اختل نظام الأسرة وحدث انفصال أو وفاة لأحد الوالدين، أو كان هناك جو أسري مكهرب وغير صحي ومثالي، حيث يكثر الشقاق والنزاع بين أفراد الأسرة، وينعدم الحوار، كما تكون الرقابة والمتابعة من الوالدين للأبناء شبه معدومة، اضافة الى تأثير العوامل الخارجية على الأبناء والأسرة من البيئة والمجتمع المحيط ووسائل الاعلام.. الخ.
* العلماء وأئمة المساجد.. هل يعون دورهم في معالجة هذه القضية؟
- بلاشك هناك قصور كبير من جانب العلماء وأئمة المساجد والدعاة والخطباء تجاه الشباب واحتوائهم، ونحن بحمد الله تعالى نشهد منذ عقد من الزمان، صحوة اسلامية مباركة، لكن تنقصها القيادة الواعية الحاضنة والموجهة لها، ونحن نطالب المجتمع ومؤسساته المختلفة باعطاء العلماء والأئمة دورهم الحقيقي في المجتمع، ونناشد الأئمة والعلماء بممارسة دورهم في تنوير الأمة وجمع الكلمة ووحدة الصف ووضوح الهدف، والنزول الى الميدان واحتواء الشباب وفئات المجتمع، والعمل على تغيير لغة الخطاب الديني، سواء المتشدد والمنغلق، أو المزهد عن الحياة، وجعل الخطاب الديني مرنا وصالحا لكل زمان ومكان، كما ان الدين الاسلامي مرنا وصالحا لكل زمان ومكان، الى ان يرث الله تعالى الأرض ومن عليها، والحاجة ملحة الى اعادة النظر في صياغة ومواضيع خطب أيام الجمعة والأعياد والمناسبات الدينية، بما يجعلها أكثر تركيزاً على متطلبات وحاجات المجتمع وأفراده.
* ما مسؤولية المجتمع في التصدي لهذه الظاهرة الخطيرة؟
المجتمع مسؤول بكافة شرائحه وطوائفه ومؤسساته للتصدي لظاهرة الانحراف، والتطرف البغيض، وعليه ان يتعاون ويتكاتف مع الأجهزة المختلفة، للقضاء على هذه الظاهرة، سواء الأجهزة الأمنية أو الحكومية، أو منشآت القطاع الخاص، من خلال البحث والدراسة وتوفير فرص العمل والقضاء على البطالة والفراغ، وتنفيذ أحكام الله وشرعه المطهر فيمن خالف التعاليم والقيم الروحية والدينية وأخذ يعمل على العبث بالأمن وترويع وازهاق أرواح الآمنين.
* ما دور وسائل الاعلام في التوعية وكشف أهداف الشبكة المنحرفة؟
- الشيء المؤكد ان وسائل الاعلام تلعب دوراً بارزاً ومحورياً وهاماً في هذا العصر الحديث، ولها تأثير بالغ الخطورة، على الفرد والأسرة والمجتمع، سواء كان ذلك التأثير إيجابياً أم سلبياً، والمطلوب من وسائل الاعلام ان تقوم بدورها تجاه توعية المجتمع وتنويره، وتبيان محاسن الدين الاسلامي وسماحته، والتقليل من الأمور التي تثير العواطف وتلهب الغرائز، والدخول أكثر في عمق مشاكل المجتمع وهمومه، والكف عن عرض صور المنحرفين أو تمجيدهم أو نقل أخبارهم، والواجب تجاهلهم وتبيان مخاطر أفكارهم وآرائهم، بأسلوب محبب للنفوس وغير مبالغ فيه، ويقتصر إظهارهم عند الحاجة الأمنية الملحة فقط.
* المواطن هل يدرك مسؤولية تجاه الحفاظ على أمن وطنه ومجتمعه؟
- بالتأكيد ان المتأمل والمأمول من المواطن الصالح، أن يكون عضواً فاعلاً ومؤثراً وصالحاً في مجتمعه، وأن يكون عامل بناء ودفاع عن وحدة وطنه وسلامة أراضيه ومجتمعه، وعامل حفاظ على دينه وأمنه ووحدة الصف والكلمة.
* كيف يمكن تجفيف منابع الأفكار المتطرفة المستوردة؟
- لكي نجفف منابع الأفكار المنحرفة والمتطرفة والمستوردة علينا القيام بوضع ورسم خطط واستراتيجيات منها على سبيل المثال:
* رسم ووضع خطط خمسية لمناهج التربية والتعليم، والعمل على غربلتها، والاهتمام بالكيف وليس الكم في المناهج، وجعلها مرنة ومتطورة ومتفاعلة، وتكون مدخلات المناهج تتوافق مع مخرجاتها ومتطلبات سوق العمل، وتعمل على تأسيس اجيال نافعة وصالحة وواعية ومدركة للأمور.
* تفعيل دور وسائل الاعلام المحلية، وخاصة المرئية منها، واعادة النظر في السياسة الاعلامية المرئية، وجعلها أكثر مواكبة للعصر، وأكثر مرونة وانفتاحا على المجتمع، وأكثر مواكبة للحدث، والعمل على ايجاد برامج شيقة ومفيدة وبناءة، تثقف وتربي وتؤسس أجيال خلاقة ومبدعة.
* العمل على توفير فرص العمل سواء في القطاع الحكومي أو الخاص، ورسم سياسة وخطط تؤمن العمل الكريم والنزيه والكافي لحاجة الانسان، دون ابطاء أو تأخير أو تأجيل أو تسويق.
* العمل على شرح تعاليم الدين السمحة، وتبيان ان الدين هو المعاملة، وتكريس المفاهيم السليمة، وتفعيل دور المساجد والمناشط والفعاليات الدينية، بما يصحح المفاهيم ويغرس وينمي القيم الروحية السمحة والخلاقة في المجتمع وأفراده.
* برفع الوعي والفهم والادراك، وتمييز الأمور الحسنة من الباطلة، بين أفراد المجتمع وشرائحه وطبقاته.
* بقيام الأسرة بواجبها الديني والاجتماعي والأخلاقي، تجاه أفرادها وأبنائها، وتفعيل وسائل الرقابة على الأبناء، والحد من السفر للخارج من غير ضرورة ملحة.
* بعمل حملات وطنية مستمرة، وايجاد لغة الحوار داخل المجتمع وتأصيله وتكريسه، وبين مؤسساته المختلفة وبين المسؤولين والمواطنين، وتشجيع المنتديات والأندية الأدبية والفكرية والاجتماعية والرياضية، بايجاد لغة الحوار والتعبير عن الرأي المنضبط والملتزم وقبول الرأي الآخر.
* ترهيب الآمنين والعبث بأمن الوطن.. هل يقره الدين؟
- لاشك ان الدين الاسلامي وجميع الشرائع السماوية والعقل والمنطق السليم، لا تقر ترهيب الآمنين وترويعهم، ولا العبث والاعتداء على الدين والنفس والعقل والعرض والمال، ولاشك ان ازهاق الأرواح وهلك الحرث والنسل، هو ضرب من ضروب الفساد في الأرض، بل ان عظمة الدين الاسلامي تتجلى أثناء الحروب والمعارك والغزوات، فهو يحرم وينهى عن قتل الشيوخ والنساء والأطفال، وينهى عن قطع الأشجار واتلاف الحرث والهدم والعبث والفساد في الأرض، فما بالك أثناء السلم؟
نسأل الله العلي القدير ان يهدي ضال المسلمين وان يردنا اليه ردا جميلا ويحفظ علينا ديننا وأمننا ومجتمعنا ووطننا ووحدتنا من كل سوء ومكروه.

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved