الأمن كلمة عميقة في معانيها ترتبط برباط وثيق بحياة المواطن واستقرار النفس والوطن وتنميته. الأمن يعتبر من الثوابت الرئيسية لعجلة التطور والتنمية في البلاد.
هناك علاقة قوية بين الأمن والتنمية.. فمن أجل تحقيق الرفاهية الاقتصادية والتنمية والتطور المستمر في حياتنا والابتعاد عما يعكر ويفسد نقاء ونظافة المجتمع، يجب علينا أولاً تثبيت وتطبيق قواعد وأنظمة وأسس الأمن والاستقرار في حياتنا اليومية وذلك بالتعاون المكثف الداخلي مع رجال الأمن السعودي الذين يعملون لخدمة الوطن والمواطنين حتى تحدث التنمية والتطور الاجتماعي في البلاد. فالأمن والاستقرار والتنمية يسيرون في خط واحد بدون توقف فإذا فقدنا الأمن سوف نفقد الكثير من حقوقنا الإنسانية وسوف تتوقف عجلة التنمية والتطور في مجتمعنا.
ومما لا شك فيه أن عالم اليوم يعاني من ظاهرة خطيرة في حق الإنسانية، تهدد منطقتنا ومجتمعاتنا العربية والإسلامية، وهذه الظاهرة هي عمليات الإرهاب، العدو الأول للأمن والاستقرار.
ويمكن القول هنا، بأن الإرهاب «Terrorism» كلمة جديدة على مجتمعنا السعودي العربي والإسلامي، وهي ليست مألوفة أو معروفة في قاموسنا العربي، وهذه الكلمة غريبة وليست من صفاتنا السعودية.
«الإرهابيون Terrier» كمصطلح أجنبي يعني في اللغات الأجنبية القديمة مثل اليونانية أو اللاتينية: «حركة من الجسد تفزع الغير» ويعرف لنا قاموس الأكاديمية الفرنسية بأن الإرهاب نظام عصر الرعب، وأن الإرهابي هو الشخص الذي يحاول فرض وجهة نظره بطريقة قسرية تثير الخوف». وكذلك قال الفرنسيون في تعريفهم للإرهاب: بأنه عمل همجي يتم ارتكابه على اقليم دولة أخرى بواسطة أجنبي ضد شخص لا يحمل نفس جنسية الفاعل بهدف ممارسة الضغط في نزاع لا يعد ذا طبيعة داخلية» المصدر «مجلة الدبلوماسي العدد، 13، (صفحة 10)، 1410هـ/1990م.
لذا، أصبحت مسألة الإرهاب تشغل عقول المتخصصين في الشؤون السياسية والدولية والباحثين في علم النفس وعلم الاجتماع. وهناك عدة دراسات تمت عن الإرهاب وأسبابه وقد كشفت الدراسات والبحوث بأن الإرهاب هو أسلوب من أساليب الصراع النفسي والاجتماعي يصيب عقول شريحة من أفراد المجتمع من أجل تلبية رغباتهم وشهواتهم الإجرامية.
وعلى الرغم بما حققه العالم اليوم من صناعات وتقنيات وأجهزة متطورة وحديثة في مجال الأمن ومكافحة الإرهاب، إلا نجد أن عمليات الإرهاب قد ازدادت في أيامنا هذه، فقد تنوعت أعماله على الصعيد الدولي وكذلك على الصعيد الداخلي مما سبب في قتل الأبرياء من الأطفال والنساء وخطف الطائرات والدبلوماسيين الذين تحت الحماية الدولية وحجز الرهائن وتدمير المنشآت العسكرية والمدنية مثل المطارات المدنية ومراكز التسوق والمجمعات التجارية. وكذلك الاغتيالات السياسية وتدمير المنازل والتخريب والتفجير والهجوم على المصالح الأجنبية والمحلية.
وعلى هذا الأساس يمكن القول بأن، كل هذه العمليات الإرهابية هي انتهاك لجميع القوانين والتقاليد الدولية المعروفة في نظام وميثاق هيئة الأمم المتحدة والمتفق عليه من قبل الدول الأعضاء.
والإرهاب مشكلة لا تخص أمة بعينها أو فئة بذاتها أو منطقة دون غيرها. حيث إنها تخص المجتمع الدولي بأسره باعتبارها قضية عالمية تستدعي عملاً دولياً مشتركاً لعلاجها.
هذا ويلاحظ، أن الإرهاب يعتبر نوعاً من أنواع التحديات غير العقلانية التي هدفها إثارة الشكوك السياسية والاتهامات وزعزعة الأمن والاستقرار بين الناس الأبرياء بدون رحمة وعاطفة.
ومن الطبيعي أن يرتبط.. هذا العمل من صميم الأعمال الإجرامية والعدوانية التي ضد حق الإنسانية والسلام، ونجد الذين قاموا على تنفيذ هذه الأعمال منظمات عدوانية تعشق الرعب وتتمتع نفسياً بتخويف الناس وإشعال الكراهية بين المجتمعات والدول.
وقد فشلت بعض الدول التي تعاني من وباء ومرض الإرهاب من استئصاله بل فشلت في تحديد مفهوم وأهداف الأعمال الإرهابية التي يقوم بها الإرهابيون في بلادهم أو خارج بلادهم.
ومن ناحية أخرى، نجد أن صفات وتصرفات هؤلاء الإرهابيين، العنف والقسوة والكراهية والتحريض على ارتكاب الجرائم ضد المواطنين والازدواجية في الشخصية والأمراض النفسية التي تصيبهم في تنفيذ أعمالهم الإجرامية ضد حقوق وحرية الأناس الأبرياء من أجل الشهرة والتسلية وزراعة داء الفتنة بين المجتمعات المختلفة.
طبعاً هناك شعور عام تجاه جميع هذه الممارسات التي تعتبر جرائم والفاعل يصنف ويتصف بصفة المجرم الذي لا يخاف الله في أفعاله، لأن جميع القوانين الشرعية والقانونية تدين وتحارب هذه الظاهرة مع تطبيق أقصى العقوبات ضد الفاعل مع وضع ستار قوي حديدي أو حواجز وقائية ضد أي عمليات إجرامية إرهابية تخل بالأمن وأنظمته.
فيجب علينا تأسيس فريق عمل سعودي بصوت واحد تحت شعار واحد من عامة المواطنين في المملكة، هذا الصوت يرفض بشدة وقوة هذه الأعمال الإرهابية، ويقوم بمكافحة الأفكار الهدامة التي ضد استقرار وسلامة بلادنا وعدم التسامح أو الرحمة أو التعاطف مع الفاعلين، بل يجب علينا استنكار جميع الأفعال الإرهابية التي تنسب إلى ديننا الإسلامي الحنيف أو تسبب الإرهاب في أراضينا الطاهرة.
ومن هنا فإنه، لا بد أن نعلم وندرك جميعاً نحن السعوديين خاصة والعرب وجميع المسلمين حول العالم عامة، بأن هناك فئات وجماعات يتجولون حول العالم يستخدمون الدين الإسلامي غطاءً وستاراً للأفعال الإرهابية من أجل تشويه صورة المملكة خاصة والإسلام عامة.
ولا شك أن هذه الخطوط أو الاتجاهات، أخطر أساليب الدعوة التي تهدد ديننا الحنيف وانتشاره عالمياً وكذلك تهدد مصالحنا وأهدافنا التنموية مع الثقافات المختلفة في الدول الأجنبية.
فالاستعانة بالخبرات الأجنبية الغربية من الدول الصديقة مثل الولايات المتحدة الأمريكية والبريطانية وغيرهما من الدول الأوروبية من أجل تطوير بلادنا لا يكون دفع الثمن لهم مقابل تعاونهم معنا القتل وفقدان أرواحهم البريئة مع أفراد عوائلهم.
ونحن.. نقول بكل فخر واعتزاز، أن الدين الإسلامي صاحب منهج قوي وواضح في تطبيقه في المملكة العربية السعودية، وأنه من أجمل الأديان، حيث يجد الإنسان مسلماً أو غير مسلم في منهجه الحماية والأمان والراحة والهدوء والاطمئنان بمبادئه وتعاليمه، فالدين الإسلامي نعمة من نعم الله الكبرى، لأنه يحثنا على التعاون والتعاطف وهو دين الأمانة والنزاهة والصدق والحق والنور، وليس كما قام به المجرمون باسم الإسلام من أعمال إرهابية.
فيجب علينا التسلح بسلاح الإسلام لمواجهة الاتهامات وجميع الأعمال الإرهابية التي تنسب ضد مجتمعنا السعودي النقي والنظيف.. نحن السعوديين شعب سلام يحب الخير والاستقرار الأمني فيجب علينا عدم التهاون بل يجب التركيز على تسيير أمور حياتنا تحت مظلة أمنية من أهدافها السلام وحب جميع الناس بدون تفرقة في الأجناس.
بهذه الطريقة نستطيع الاستمرار في تكوين أمة سعودية عربية قوية وصلبة تتحدى أي مواجهات أو تيارات إرهابية هدفها هدم الشعور والروح الوطنية وحب الوطن وقد قيل «حب الوطن من محبة الدين».
ونحن أبناء الوطن السعودي نعشق.. ونتمتع.. ومغرمون بكل معاني الإخلاص والمحبة والإجلال بديننا الإسلامي، لهذا السبب أصبح لدينا غيرة ونخوة وطنية من أجل استقراره وأمنه.
فيجب أن نسلك طريق الولاء والانتماء بالمنهج الذي يهدف استنكار جميع النشاطات الإرهابية التي من هدفها الإساءة وتدمير حياتنا اليومية التي أصبحت غير مستقرة بسبب الأعمال الإرهابية التي قام بها بعض أبناء هذه البلاد الطاهرة.. أبناء أصبحوا ضعاف النفوس ولعبة ودمية في أيدي الإرهابيين المجرمين.
يجب علينا العمل بقوة وبصوت سعودي واحد للحد من انتشار هذه الظاهرة السيئة في بلادنا العزيزة على قلوبنا جميعاً.
ويمكن القول هنا وبكل صراحة.. نحن نحتاج إلى التعاون بكل قوة وشجاعة مع رجال الأمن، يجب علينا الوقوف معهم من أجل مستقبل أفراد مجتمعنا لأننا نعتبر نموذجاً فريداً ومميزاً في أمننا واستقرارنا مقارنة بالدول الأخرى التي تعاني من مشاكل الإرهاب.
فيجب علينا مكافحة الإرهاب من أجل البقاء والاستقرار والسلام في مدننا السعودية.. إن أحداث الرياض الإرهابية.. لن تغير من حبنا لها بل غرست في نفوسنا الكراهية لهذه الأعمال الإجرامية والثقة والشجاعة والتضحية لمحاربة الإرهاب والمجرمين الذين يحاولون الزعزعة وسلب راحتنا واستقرارنا في عاصمتنا التاريخية.
إن الضغوط النفسية والخوف والرعب الذي أوجده الإرهابيون بصورة مستمرة أو شبه دائمة في حياتنا لن تغير من حبنا وانتمائنا وولائنا إلى بلادنا.
إنني أناشد جميع شبابنا «ذكوراً وإناثاً» طلاباً أو موظفين أو عاملين.. من أبناء الوطن الغالي الوقوف والمساندة مع القيادة لما فيه مصلحتنا ومستقبلنا نحن المواطنين، لأنه لا تكفي الإجراءات الوقاية الأمنية ضد الإرهاب وحدها، مهما كانت درجة كفاءتها في القضاء على الإرهاب والإرهابيين، فمن الضروري إيجاد ضوابط وأنظمة تساعدنا على الانضباط السلوكي عند الإنسان والتحكم في تصرفاته وذلك بمساعدة أسرته وأفراد مجتمعه خاصة من الأبناء الذين أصابهم غسيل في المخ مما جعل عقولهم مريضة بالأفكار الإجرامية والهدامة والشريرة ضد إخوانهم في المجتمع والخارجة عن عاداتهم وتقاليدهم الإسلامية.
كذلك من الضروري وضع استراتيجية سعودية اجتماعية وأمنية داخلية قاسية في تنفيذها، يشارك فيها كل فرد سعودي «كبيراً أو صغيراً» لحماية المصالح العامة والخاصة والتصدي بجميع ما لدينا من قوة أمنية مع فتح باب التعاون الدولي ضد الإرهاب، وعدم التنازل عن معاقبة الإرهابيين العاملين ضد المواطن السعودي والزائر الغريب والمقيم الأجنبي الذي غادر عائلته ووطنه من أجل مساعدتنا في تنمية وتطوير بلادنا، فمن الواجب علينا المحافظة على حياته وحقوقه وحريته وأمنه واستقراره.
|