في خطاب للرئيس الأمريكي جورج بوش في جامعة «ساوث كارولينا» يوم الخميس ما قبل الماضي وخلال حفل تخرج لطلاب هذه الجامعة قدم الرئيس الأمريكي مشروع «منطقة حرة تجارية بين الولايات المتحدة ومنطقة الشرق الأوسط» على أن ترى النور خلال 10 سنوات أي بنهاية عام 2013م تكون قد اكتملت المنطقة الحرة وأنشئت كما قال الرئيس الأمريكي في خطابه وأكد عليه.
هذه الخطوة أو التوجه الأمريكي يعتبر ايجابيا برغم أنه لا يخلو من بُعد سياسي بهذا الشأن حيث ستكون المنطقة قائمة بشرط تحقيق السلام العربي الإسرائيلي «من وجهة النظر الأمريكية» وأنها المقاطعة العربية لإسرائيل، وأنها ستقوم أيضا على أساسين أيضا هما تحقيق الديمقراطية في الدول العربية، وأيضا تحقيق الرضاء الاقتصادي في المنطقة، ويقصد بالرضى هنا هو نهاية الفقر والقضاء عليه، وهناك البُعد الاقتصادي المراد تحقيقه لتشكيل منطقة حرة تجارية تبادلية للسلع والخدمات، خاصة أنها ستشكل منطقة سكانية تقارب 550 مليون نسمة وبحجم تبادل تجاري يصل 27 مليار دولار وستجمع أكبر سوق استهلاكية في العالم وهي الولايات المتحدة وما يشكله اقتصادها الحر الذي يعتبر الأول في العالم، ويمكن تقدير القوة الاقتصادية للولايات المتحدة من خلال شركة واحدة وهي جنرال الكترك التي تشكل مبيعاتها ميزانية دول الخليج مجتمعة، وهذا يدل على القوة الكبيرة للاقتصاد الأمريكي وما يمكن أن يقوم به من تأثير على الدول العربية، وكذلك الأهمية الكبرى تتحقق للدول العربية من خلال إيجاد منافذ بيعية لها في السوق الأمريكي التي تعتبر دائما مغرية، وهذا سيشكل مصدر إيرادات لها وفتح مجال آخر للتصدير بدلا عن النفط الذي تعتمد عليه الدول العربية وخاصة الخليجية منها وهذا سيساعد على زيادة التبادل التجاري والخبرة وإزالة الفقر من خلال ايجاد فرص عمل في دول العربية من خلال إيجاد صناعة تتوافق مع حاجة السوق الأمريكي لدول تستفيد من ثرواتها وفائضها السكاني كمصر وسوريا والعراق وغيرها.
ولكن السؤال هل دول الشرق الأوسط المعنية بهذه السوق الحرة مستعدة لهذه التغيرات المهمة خلال 10 سنوات؟
من القراءة لحجم الاستثمار الأجنبي المتدفق للدول العربية التي لا تشكل نسبتها ما يقارب 5 ،1% من حجم الاستثمار العالمي بين الدول وذلك لعوائق كثيرة جداً أيضا مخرجات التعليم التي لا تواكب حاجة سوق العمل والتوجه العام نحو التقنية والصناعة بكل صنوفها وهذا يعكس أسباب ارتفاع البطالة المطرد، وأيضا لطبيعة الأنظمة الاقتصادية العربية العقيمة والجامدة والتي لا تحقق الحد الأدنى لأي مستثمر مستعد لأن يستثمر بأي من هذه الدول ولعل ما يؤكد ذلك أن كثيراً من الدول لم تنضم بعد لمنظمة التجارة العالمية (WTO) وحين تفسر أسباب عدم الانضمام يمكن تفسير هذه الأنظمة الاقتصادية التي رضخت لكثير من البيروقراطية والاجراءات التي لا تنتهي، كذلك من العوائق هو توحيد التعرفة الجمركية التي تمت بين دول مجلس التعاون منذ يناير 2003م والتي لم تفعل حتى الآن.. وغيره من العوائق التي تعاني من الاقتصاديات العربية، ويجب التأكيد أن جامعة الدول العربية أقرت السوق العربية المشتركة منذ ما يقارب ثلاثة عقود ولكن لم يتم تفعيل أي قرار من قراراتها.
من المهم فهم هذه الخطوة الاقتصادية الكبيرة «المنتظرة» أنها ستكون من صالح الدول العربية التي ستحتاج للتدفق الاستثماري وكسب أسواق جديدة كبيرة وهي الأمريكية لدول تعاني من ضيق مصادر الدخل وتعرضها لتقلبات مستمرة، وأن يتم العمل على إزالة العوائق التي تقف أمام هذه الخطوة المستقبلية من خلال اصلاح الأنظمة الاقتصادية ومخرجات التعليم وتأسيس صناعة وطنية لهذه الدول العربية تتواءم مع حاجة السوق الأمريكي وفتح أبواب التصدير لها، يجب أن يكون هناك عمل بهذا الاتجاه على مدى السنوات القادمة التي ستكون سنوات إصلاح اقتصادي يمكن لها مع عام 2013م استيعاب التغيرات المحتملة.
|