معظم الذين كتبوا عن التفجيرات الارهابية التي حدثت في الرياض الاثنين الماضي والذين صدموا مستنكرين لها، ومثل كل الأحداث المنحرفة، كانوا يؤكدون أن هذه الأعمال دخيلة على مجتمعنا وهي مرفوضة جملة وتفصيلاً.. ويؤكد آخرون بصفة قطعية أنها لا تمت بصلة لمجتمعنا..!!
هذا القول كان صحيحاً.. وصحيحاً جداً.. ولكن قبل أكثر من عقد من الزمن يوم كان المجتمع السعودي غير متأثر بالمتغيرات التي تجري في المناطق المجاورة له.. وكان المجتمع بكل شرائحه منفتحاً على بعضه متسامحاً يلتزم بالمسلَّمات يأخذ بطبيعة العلاقات التي كانت سائدة منذ أن أكرم الله هذه البلاد وجعلها تحتكم في كل أمورها إلى الشريعة الإسلامية،وأخلاق وآداب الإسلام الحقة البعيدة كل البعد عن الأهواء السياسية والذاتية.. بلاد عُرِف دعاتها بالتضحية والبذل من أجل رفع كلمة الله والدعوة للإسلام الحقيقي، بأسلوب يتوافق مع سماحة الإسلام،{ادًعٍ إلّى" سّبٌيلٌ رّبٌَكّ بٌالًحٌكًمّةٌ وّالًمّوًعٌظّةٌ الحّسّنّةٌ}.
هكذا كان مجتمعنا السعودي المسلم.. والآن وبكل صراحة وشفافية تتطلبها المرحلة الحرجة الحالية.. هل لا يزال مجتمعنا على هذه الصورة..؟!
أيضاً وبكل صدق وبصراحة يجب أن نقر ونعترف بأن الأفكار الدخيلة، والأفكار المنحرفة والأعمال الشاذة، والتطرف والغلو، أصبحت ظواهر لا يمكن للعين البصيرة أن تغفلها، ومع أن من يعتنق هذه الأفكار ويرتكب الأعمال الشائنة قلة.. إلا أنهم قلة خطرة.. ومؤثرة، سواء من يروِّج لأفكارهم، أو يترجمها لأعمال إرهابية.
من أدخل هذه الأفكار، ومن عمل على صنع مريدين لها في مجتمعنا الإسلامي؟ فالمجتمع السعودي مجتمع الوسطية والدين الإسلامي الصحيح البعيد عن الغلو والغيبيات والأفكار المتطرفة.. هكذا كان، إلا أن الحقيقة التي يعرفها الجميع أن مجتمعنا السعودي، مثله مثل الكثير من المجتمعات الإسلامية تعرض لحملات من الغزو الفكري من عدة جهات، من جهات التغريب الذي يصل في أقصى دعواته إلى الانحلال والإلحاد، ومن جهات التعصب والتطرف التي اعتبرت كل شيء حراماً وبعيداً عن الدين ولأن كلاً من هذه الجهات لها مروجوها ومفكروها بل وحتى دعاتها.. و«مفتوها» فقد أصبح لكل منهم رواد وجماعات انعكس نشاطهم في بادئ الأمر إلى الإعلام وبالذات عبر الصحف والفضائيات.. ومن ثم إلى مواقع الانترنت.. حتى أصبحنا نسمع بتصنيف المجتمع إلى «أصوليين» و«متشددين» و«متطرفين» .. وفي الجانب الآخر إلى «علمانيين» و«ليبراليين» وملحدين..!
هذا الفرز.. وغياب الحوار الصحيح.. وعدم تصدي العلماء والمفكرين والمربين لهذا الانحراف من كلا الفئتين تصاعد حتى وصلنا إلى قيام بعض من شبابنا رغم أنهم قلة وقلة «جديدة» إلى انتهاج الإرهاب لفرض آرائهم المنحرفة لتشهد بلادنا أعمالاً كانت دخيلة على مجتمعنا.
|