Saturday 17th may,2003 11188العدد السبت 16 ,ربيع الاول 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

لازمت كل مراحل الدولة السعودية لازمت كل مراحل الدولة السعودية
ثمانية عقود من الزمن على ممارسة الشورى في المملكة
الملك عبدالعزيز أمر في عام 1344هـ بتكوين مجالس استشارية ومنها مجلس الشورى
المجلس حَقَّقَ إنجازات في عهود الملوك سعود وفيصل وخالد وتَطوَّرَ في عهد خادم الحرمين

إعداد : اسامة النصار :
مسيرة الشورى في المملكة ليست حديثة عهد وليس تطبيق مبدأ الشورى في هذه البلاد بشيء جديد بل كانت المسيرة وكذلك التطبيق ملازمين مراحل تأسيس ونشأة المملكة العربية السعودية منذ عشرات السنين منذ عهد الدولة السعودية الأولى ثم الثانية حتى جاءت الدولة السعودية الثالثة بقيادة المؤسس الملك عبدالعزيز - طيب الله ثراه - الذي أسس مبدأ الشورى وجعل منه منطلقا لادارة وتنظيم شؤون البلاد والعباد.مسيرة الشورى في المملكة حافلة بمعطياتها ومكتسباتها وفيما يلي استعراض موجز لمسيرة الشورى في المملكة:
جاء الاهتمام بالشورى في الاسلام عملا بقوله تعالى {والذين يجتنبون كبائر الاثم والفواحش واذا ما غضبوا هم يغفرون والذين استجابوا لربهم واقاموا الصلاة وامرهم شورى بينهم ومما رزقناهم ينفقون} في هذه الآية الكريمة يصف الله سبحانه وتعالى الشورى؛ فوضعها بين ركنين من أركان الاسلام اقامة الصلاة، وايتاء الزكاة وفي ذلك دلالة على وجوبها، كما يدل أيضا على جلالة موقع المشورة بذكره سبحانه وتعالى لها مع الايمان، واقامة الصلاة، وايتاء الزكاة، مما يدل على أننا مأمورون بها، وفي الآية وصف ومدح للمؤمنين من أن أمرهم شورى بينهم.ولنا في رسول الله أسوة حسنة في كثرة المشورة؛ فقد شاور الرسول صلى الله عليه وسلم أصحابه في غزوة بدر أربع مرات، وشاور في غزوة أحد، وغزوة الخندق، وغيرها من
الملك عبد العزيز
ولقد حرص الصحابة رضوان الله عليهم على تطبيق مبدأ الشورى في كل شؤونهم العامة ابتداء من توليتهم الخلافة، وانتهاء بشؤون الدولة في سلمها وحربها.قال الزهري:«كان مجلس عمر بن الخطاب غاصاً بالعلماء والقراء كهولاً وشباناً، وربما استشارهم فكان يقول: لا يمنع أحدكم حداثة سنه أن يشير برأيه فإن الرأي ليس على حداثة السن، وليس على قدمه، ولكنه أمر يضعه الله حيث يشاء».
وهكذا ظلت الشورى مستمرة عبر التاريخ الاسلامي على مختلف عصوره، وبأشكال متعددة.
وما من شك ان خضوع الشورى لعقيدة التوحيد، وسماحة الشريعة تجعلها وسيلة لحماية الناس من العبودية للأهواء الفردية، أو الجماعية، وبذلك تكون الشورى تكريماً للفرد وترشيداً للجماعة وتربية لهم وتضامنا فكرياً لأفرادها.
هذا المنهج الاسلامي القويم التزم به حكام هذه البلاد منذ تأسيس الدولة السعودية الأولى حتى يومنا الحاضر كيف لا وقد جعلوا دستور هذه البلاد الكتاب والسنة الأمر الذي كفل لهذه البلاد الأمن والأمان، وجعلها ذات تجربة فريدة، ومميزة عن دول العالم الأخرى.
فها هي الشورى في أزهى حللها لم تنقطع في هذه الدولة منذ قيامها وعبر عهودها الثلاثة إذ استمرت الصلة والترابط بين الحكومة والمواطن ميزة مبنية على المحبة والثقة المتبادلتين.
إن المتتبع لسيرة حكام هذه البلاد يلحظ مدى الاهتمام بالشورى، وتطبيقهم لمبادئها وفق النهج الرباني، وضمن سياسة الباب المفتوح والمجالس المفتوحة التي أصبحت سمة من سمات الممارسات اليومية لحكام هذه البلاد للشورى، التي أكد عليها النظام الأساسي للحكم.
ومنذ وضع الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل آل سعود - رحمه الله - اللبنة الأولى في بناء هذا الوطن الخير، اختار طريق الشورى منهاجاً لقواعد حكمه على هدي القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، حتى أضحت المملكة العربية السعودية مضرب المثل في تطبيق شرع الله فكراً وسلوكاً وعدلاً وتنفيذاً.
لقد اتخذ الملك عبدالعزيز - طيب الله ثراه - من الآية الكريمة التي فيها وصف لعباده المؤمنين { وامرهم شورى بينهم } دستوراً لهذه البلاد؛ حيث أطلق دعوته للشورى في عام 1343هـ حين دخوله مكة المكرمة، والتقى بعلماء المسجد الحرام للتشاور في الشكل الذي ينبغي لادارة البلاد حيث قال«.. لا أريد ان استأثر بالأمر في بلادكم دونكم، وإنما أريد مشورتكم في جميع الأمور..»
وفي العام 1344هـ أمر جلالة الملك عبدالعزيز بتأليف هيئة تأسيسية لوضع التعليمات الأساسية لتشكيلات الحكومة، ودعا لتكوين المجالس الاستشارية بموجب بلاغ رسمي، ومن ضمن تلك المجالس مجلس عام يدعى: «مجلس الشورى العام» ولما جاء العام 1345هـ حيث أنهت الهيئة التأسيسية وضع المواد الأساسية لنظام الحكم والادارة ومن ضمنها ما ورد في القسم الرابع الخاص بالمجالس، ومنها ما يتعلق بمجلس الشورى غير ان العام 1346هـ تميز بصدور أمر ملكي كريم بتعديل القسم الرابع من التعليمات الأساسية التي تتعلق بمجلس الشورى، وذلك في 9/1/1346هـ حيث صدر نظام مجلس الشورى في «15» مادة، ومن أعضاء مفرغين عددهم «8» أعضاء برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن عبدالعزيز النائب العام لجلالة الملك وجاءت مهام المجلس وفق ما تنص عليه المادة من نظامه:
الأعمال التي تعرضها الحكومة على المجلس وهي:
أولاً: موازنات دوائر الحكومة والبلدية وموازنة عين زبيدة.
ثانياً: الرخص للشروع في عمل مشاريع اقتصادية وعمرانية.
ثالثاً: الامتيازات والمشاريع المالية والاقتصادية.
رابعاً: نزع الملكية للمنافع الحكومية.
خامساً: سن القوانين والأنظمة.
سادساً: الزيادات التي تضاف الى موازنات الدوائر في بحر السنة.
سابعاً: النفقات العارضة التي تعترض لدوائر الحكومة في بحر السنة إذا زاد المطلوب عن مائة جنيه.
ثامناً: قرارات استخدام الموظفين الأجانب.
تاسعاً: العقود مع الشركات، أو التجار لمشتري أو مبيع لوازم دوائر الحكومة إذا زاد المبلغ عن مائتي جنيه.
وقد افتتح أولى دورات هذا المجلس صاحب الجلالة الملك عبدالعزيز، وذلك في يوم الخميس الموافق 14/1/1346هـ بمقر المجلس في مكة المكرمة، وعقدت أولى الجلسات برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن عبدالعزيز، وذلك في يوم الأحد الموافق 18/1/1346هـ حيث تم تقسيم المجلس الى لجنتين للنظر في المعاملات ودرسها قبل عرضها على المجلس.
واستمر المجلس يؤدي الأعمال المناطة به، ونظراً لكثرة تلك الأعمال، فقد تطلب الأمر اجراء بعض التعديلات في نظامه الأساسي، وصدر أيضا النظام الداخلي لمجلس الشورى في «24» مادة.
وفي عام 1349هـ افتتح جلالة الملك عبدالعزيز الدورة الثالثة لمجلس الشورى بالطائف، حيث أكد جلالته في كلمته الافتتاحية على دور المجلس وأهميته بقوله:«لقد أمرت أن لا يسن نظام في البلاد ويجري العمل به قبل أن يعرض على مجلسكم..» كما جرى في هذا العام تعديل في عدد لجان المجلس لتصبح ثلاثاً بدلا من اثنتين، وهي: لجنة الأنظمة ولجنة الادارة، واللجنة المالية.
وفي العام 1351هـ صدر أمر ملكي بتكوين الملجس من عشرة أعضاء، كما تقرر عقد الجلسات يوميا، للمجلس وآخر للجانه، كما صدرت الموافقة على منح صلاحية تمييز الصكوك التجارية للمجلس اعتبارا من 3/11/1351هـ وتشكلت هذا العام أيضا هيئة العرائض من بعض أعضاء المجلس والمسؤولين من خارجه للنظر في الشكاوى التي ترفع لجلالة الملك.
وفي العام 1354هـ صدر الأمر السامي الكريم بتولي المجلس صلاحية لجنة الترقية والتأديب العليا طبقاً للنظام الخاص بذلك.
وصدر في العام 1355هـ الأمر السامي بتشكيل جديد للمجلس من «12» عضواً، وقد افتتح الدورة جلالة الملك عبدالعزيز الذي أكد في كلمته الافتتاحية على دور المجلس وثقته فيه، حيث قال:
«.. لذلك حرصنا منذ الساعة الأولى على تأسيس مجلسكم الموقر ليكون همزة الوصل بين الراعي والرعية، والترجمان الصادق بين الحاكم والمحكوم..» وفي العام 1356هـ أصبحت لجان المجلس ست لجان، وذلك باضافة لجنة الاقتراحات.
واستمر مجلس الشورى في عقد جلساته في جهود موفقة، وعمل متواصل دؤوب حتى جاء العام 1372هـ بصدور الادارة الملكية بزيادة أعضاء المجلس الى عشرين عضواً، وهو آخر تشكيل للمجلس في عهد الملك عبدالعزيز - رحمه الله -.
وفي العام 1373هـ أضيفت لجنة جديدة هي لجنة الشؤون الثقافية ليصبح عدد اللجان سبع لجان.
واصل مجلس الشورى عقد جلساته وأداء ما يوكل اليه من مهام في عهد الملك سعود بن عبدالعزيز، الذي كان متابعاً لأعمال المجلس، اضافة الى انه افتتح عدداً من دورات المجلس نيابة عن والده الملك عبدالعزيز ويعكس اهتمام جلالته بالمجلس ما حظي به سعادة نائب رئيس مجلس الشورى الشيخ أحمد بن ابراهيم الغزاوي من تكريم، حيث أصدر أمره الكريم رقم 21/1/135/1767 وتاريخ 2/10/1374هـ القاضي بمنح الشيخ أحمد الغزاوي مرتبة وزير مفوض من الدرجة الأولى الفخرية.
وفي العام 1375هـ تم اعادة تكوين أعضاء المجلس وزيادة عددهم الى «25» عضواً، وهو أعلى عدد، وآخر تشكيل للمجلس القديم الذي استمر في عقد جلساته في عهد الملك سعود، ثم الملك فيصل، والملك خالد - رحمهم الله جميعاً - وبذلك يكون المجلس القديم قد أنهى «51» دورة في خمسة وخمسين عاماً عقد خلالها «5963» جلسة وأصدر فيها «8583» قراراً، لموازنات، وأنظمة، وتعليمات، وقرارات ادارية مختلفة.
إن المتتبع لمسيرة الشورى في المملكة العربية السعودية يجد انها مرت بمراحل ثلاث:
المرحلة الأولى: مرحلة البناء والتطبيق في عهد الملك عبدالعزيز - رحمه الله - وهي أهم المراحل في تاريخ الشورى في المملكة العربية السعودية.
المرحلة الثانية: وهي الفترة التي يمكن وصفها بمرحلة المراجعة والتقييم التي امتدت منذ بداية عهد الملك سعود حتى نهاية عهد الملك خالد - رحمهم الله جميعاً-.
المرحلة الثالثة: وتمثل المرحلة المتميزة بالتحديث والتطوير في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز - حفظه الله - حيث صدرت توجيهاته الكريمة باصدار نظام جديد لمجلس الشورى؛ هو بمثابة تحديث وتطوير للنظام السابق، مواكبا لمتطلبات العصر الحديث تم الجمع فيه بين الممارسة والتطبيق والتطوير، محققاً بإذن الله طموحات هذ البلاد وأبنائها التنموية والحضارية ويقع النظام الجديد لمجلس الشورى في «30» مادة، وصدرت التوجيهات الكريمة أيضا باللائحة الداخلية لمجلس الشورى في «34» مادة ولائحة حقوق وأعضاء مجلس الشورى وواجباتهم في ست مواد، وأخيراً قواعد التحقيق والمحاكمة لعضو مجلس الشورى واجراءاتها في خمس مواد.
وبذلك يكتمل عقد المجلس من الناحية التنظيمية، أما من الناحية الفنية؛ فقد برز اهتمام خادم الحرمين الشريفين بالمجلس من خلال أمره الكريم ببناء مقر للمجلس ضمن مجمع الدواوين الملكية بالرياض، وفق أحدث التصاميم المعمارية، ومزوداً بأحدث التجهيزات الفنية.
وفي 16/7/1414هـ رعى جلالته الجلسة الافتتاحية للدورة الأولى، حيث أزاح الستار عن اللوحة التذكارية لمقر المجلس قائلاً:
«بسم الله الرحمن الرحيم على بركة الله نفتتح هذه اللوحة التي تمثل افتتاح مجلس الشورى في هذا اليوم المبارك».
وقد عقدت أولى جلسات المجلس الجديد برئاسة معالي رئيس المجلس الشيخ محمد بن ابراهيم بن جبير في يوم الأحد الموافق 20/7/1414هـ، التي خصصت لتسمية اللجان، واختيار أعضائها، وقد تقرر تقسيم المجلس الى ثماني لجان، وهي:
لجنة الشؤون الاسلامية، ولجنة الشؤون الخارجية، ولجنة الشؤون الاقتصادية والمالية، ولجنة الشؤون الاجتماعية والصحية، ولجنة الأنظمة والادارة، ولجنة الخدمات والمرافق العامة، ولجنة الشؤون الأمنية، ولجنة الشؤون التعليمية والثقافية والاعلامية.وفي 22/7/1414هـ أصدرت الهيئة العامة القرار رقم «1» المتضمن قواعد عمل المجلس، والهيئة العامة، واللجان في «41» مادة.
وجاء تكوين المجلس في دورته الأولى من «60» عضواً، وبلغ عدد جلسات المجلس «141» جلسة، أصدر خلالها «143» قراراً.
وفي 2/3/1418هـ، صدر الأمر السامي الكريم رقم أ/72، القاضي بتكوين مجلس الشورى في دورته الثانية من «90» عضواً، وكانت هذه الزيادة رغبة من جلالته في دعم مسيرة المجلس، وضرورة سرعة انجاز الأعمال الموكلة اليه وفق التطلعات والأهداف السامية.
هذا وقد عقد المجلس في دورته الثانية «305» جلسات صدر منها «296» قراراً.
وفي مطلع السنة الثالثة «1420هـ 1421هـ» من الدورة الثانية قرر المجلس زيادة عدد اللجان المتخصصة المنبثقة من المجلس الى «11» لجنة، بدلاً من ثماني لجان، وأصبحت اللجان وفق ما يأتي:
1- لجنة الشؤون الاسلامية.
2- لجنة الأنظمة والادارة.
3- لجنة الشؤون الخارجية.
4- لجنة الشؤون الأمنية.
5- لجنة الشؤون الاقتصادية.
6- لجنة الشؤون المالية.
7- لجنة الخدمات والمرافق العامة.
8- لجنة النقل والاتصالات.
9- لجنة الشؤون التعليمية.
10- لجنة الشؤون الثقافية والاعلامية.
11- لجنة الشؤون الاجتماعية والصحية والبيئة.وواصل مجلس الشورى انطلاقته في الدورة الثالثة التي شهدت زيادة في عدد أعضاء المجلس ليصل عددهم الى «120» عضواً بعد صدور الأمر الملكي بذلك، وقد شهدت السنة الأولى من هذه الدورة وفاة رئيس المجلس معالي الشيخ محمد بن ابراهيم بن جبير رحمه الله بعد سنين من العطاء ليتولى معالي الشيخ صالح بن عبدالله بن حميد رئاسة المجلس ويمضي بالمجلس هو ومن معه لتحقيق الأهداف المنشودة.هاهو المجلس الآن يودع السنة الثانية من الدورة الثالثة ويتهيأ لاستقبال السنة الثالثة محافظاً على أسسه وثوابته التي بني عليها ساعياً لتحقيق المزيد من الانجازات من أجل ان تضاف الى سجل الانجازات التي اعتاد المجلس على تحقيقها والسعي اليها.

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved