* لا أدري لماذا يصر البعض على أن يجعل من نفسه شاعراً «بالغصب»، فإذا لم يمتلك موهبة الشعر فإنه يحاول بشتى الطرق أن يصبح شاعراً..
ومن الطرق التي ينتهجها السرقة..
حيث يقوم بالسطو «غير المسلح» على قصائد بعض الشعراء وينسبها له ويصبح شاعراً في غمضة عين.. وهكذا يواصل عمليات سطوه على حقوق غيره..
وفي بعض الأحيان يقوم بالتغيير في مفردات القصيدة أو في القافية حتى لا ينكشف أمره..
وهناك من تقتصر سرقته على معنى القصيدة ويلبسها ثوباً آخر وهو الشائع وهذا ما يفعله بعض الشعراء الذين انتهى ما لديهم وأصبحوا يعيدون انفسهم..
بل قد يسرق شاعر قصيدة غيره في وضح النهار ويضيفها إلى قصائده كما هي بلا تحريف أو تغيير وكأن شيئاً لم يكن.. فالسرقة إذاً لا تقتصر على غير الشعراء.
بل حتى بعض الشعراء لا يقتنع بما يكتب وتسول له نفسه سرقة غيره خصوصاً «المعنى» وهو ما جعل الكثير من القصائد متشابهة في ذلك..
لكن ابشركم بأن هؤلاء «اللصوص» سرعان ما ينكشف أمرهم لأن هناك متابعين لما ينشر..
وبالمناسبة فالسرقة الشعرية ليست وليدة العصر بل عانى منها الشعراء في عصور الشعر المختلفة.. فلقد سطا يزيد بن مفرغ على قول مالك بن الريب:
العبد يقرع بالعصا
والحر يكفيه الوعيد
سرق يزيد هذا البيت مع تغيير القافية فقال:
العبد يقرع بالعصا
والحر تكفيه الملامة
وكذلك سطا قيس بن الخضيم على بيت لطرفة بن العبد يقول فيه طرفة:
لعمرك ما الأيام إلا معارة
فما اسطعت من معروفها فتزودِ
سرقة قيس بن الخضيم مع تغيير طفيف إذ يقول:
ما المال والأخلاق إلا معارة
فما اسطعت من معروفها فتزودِ
وبعد فالسرقة الشعرية لاحد فيها ولا عقاب فالحبل قد ترك على الغارب..
لذلك نتمنى من وزارة الثقافة والإعلام الاهتمام بهذا الجانب والمحافظة على حقوق الشعراء ومحاسبة السارقين لحقوق ومجهودات غيرهم..
* والأدهى والأمر من السرقة قضية بيع الشعر فالسارق في الغالب ينكشف أمره عند نشر القصيدة المسروقة..
أما من يقوم بشراء القصائد فيكون ذلك بعد اتفاق مع البائع على ان لا يدري بالأمر أحد..
فيعرض الشاعر «البائع» على الطرف الثاني «المشتري» والذي يريد ان يدخل الساحة الشعرية ويصبح شاعراً «بالغصب» مجموعة من القصائد متفاوتة في السعر ويقدم المشتري المبلغ المطلوب بعد مفاوضات ومحاولة «تنزيل السعر» وبذلك يدخل المشتري الساحة الشعرية من أوسع أبوابها ويصبح شاعراً بين عشية وضحاها..
أقول: للأسف الشديد ان هذا موجود ولكن بنسبة قليلة ونتمنى ان لا تنتشر مثل هذه الطريقة السيئة..
لقد صرح أكثر من شاعر بعظمة لسانه إنه يبيع قصائده وسمعنا الكثير من ذلك من أناس نثق بهم..
وأقول لمن يبيع الشعر «اتق الله عز وجل ولا تجعل من يأتيك وهو لا يفقه في الشعر شيئاً شاعراً يكذب على الناس ويدعي انه شاعر.. ارجوك احترم الشعر واحترم المتلقين له واحترم نفسك أولاً ولا تفرط بما تجود به قريحتك مقابل حفنة من المال.. واعلم ان مصادر الرزق كثيرة»..
فالشعر لسان الأمة وديوان العرب نربأ به ان يصل إلى هذه الدرجة من بيع وشراء ومزايدات.
***
* وفي النهاية ليعلم الجميع ان الشعر موهبة ومن لم تكن عنده موهبة الشعر فلا يحاول ان يجعل من نفسه شاعراً بطرق ملتوية يكذب على الناس ويستهين بهم بقصائد ليست له.. وحتى لو كان شاعراً فعليه الابتكار والاتيان بأفكار ومعان جديدة وترك حقوق غيره..
* مسك الختام.. للشاعر سلطان الهاجري: