تمرق اللَّحظات...
تمتلىء رئة الوقت بزخمٍ متداخلٍ... كثيفٍِ..
الصَّدر يعلو، ويهبط...،
وثمَّة أخيلة تتراقص في مدى الرُّؤية...،
شيءٌ ما يعتلج في داخل تجويفة الرأس...،
وآه...، ألم أقل لكَ أيُّها الرأس، تخلَّص من هذه التجويفة؟
أو أفرغها؟...،
ألمْ أسألكَ أن تطمس هذه الخطوط الزَّرقاء المتعرِّجة ترسم خارطة مفازاتها، وحجراتها، وردهاتها، وساحاتها...؟،
هذه التَّجْويفة تقهرني كلَّما ازدادت امتلاءً، وكلَّما أُفْرِغت...
ذلك اليوم ضبابيٌّ لا أتبيَّنه، عندما تبدأ هذه التَّجويفة فيكَ تَهمي، وتدلق بما فيها...،
في هذه الحال عليَّ أن أرسم الانتباه فوق وجهي...،
وأن أشنِّف السمع في أذنَّي...، وأن أركِّز البصر في عينيَّ...،
وأن أستعدَّ بكلِّ جوارحي، وجوانحي، كي أستمع، وأرى، وأشعر، وأستوعب، ما يأتي منها...، إنَّها شلاّلٌ طقوسيٌّ، موسميٌّ، مجنونٌّ، فجائيٌّ، انتقائيٌّ، سُلطويٌّ...،
كم يا رأس قد حرَّكت كيانك بقوة يمنةً ويساراً كي تنفض ما فيها،
كي تتخلَّص من كلِّ ما فيها هذه التَّجويفة الغارقة في بحور ذاتها...،
وما تلبث أن تضرب بذاتك حدَّ أيِّ شيء يتناصّ معكَ...، لأنَّ تجويفتكَ هذه ترفض، تعصي، تتمرَّد
فتذهب محاولتك أدراج الرِّياح...
و... تزداد امتلاءً... لم أستطع أن أعلِّمك كيف تنام قريراً حين تحتويكَ الوسائد، أو يلمُّكَ اللَّيل...
ولم أقدر أن أحوِّل تلك المنافذ، والدروب الزَّرقاء فيكَ
كي تفضي إلى رؤى خضراء لا غبارَ يحيطها...، ولا خليط يعمُّها...
وكم... يا رأس كم...؟!
واللَّحظات توقَّفت عند هذه التجويفة، وها هي تحمل عليَّ وعليكَ بسوطها، تجلدنا كي ننتحي حيث تبدأ في الاغتراف، ومن ثمَّ تقسرنا كي نمتثل لإفضائها سماعاً، واستيعاباً، ورؤية، وشعوراً...
أيُّها الرأس... ما الذي يعتلج اللَّحظة فيها؟
وكلانا قد افترش قارعة درب من دروبها... عند شارفة الطريق إليها كي يحتمي من لسعات سوطها... وقسر جلْدها...
|