عودة لما بدأناه في مطلع الاسبوع الماضي من مقالات عما حدث في العراق ووضعنا له عنوان «زلزال العراق» ويظهر ان الأوضاع في المنطقة العربية توضح لنا وللمراقبين الذين يتابعون ما يحدث في المنطقة ان هناك «زلازل قادمة» لا يقتصر حدوثها على العراق فحسب بل يتعدى ذلك إلى أقطار عربية وإسلامية أخرى وان هذه الزلازل لا يتسبب فيها الأجانب فقط بل يقوم ببعض منها «فئة» من بيننا يخدمون أهداف أعداء الأمة الإسلامية بوعي منهم أو بدون وعي من خلال فكر ونهج منحرفين أو نتيجة اختراق محكم من قبل مخابرات أجنبية ليس من الضروري ان يكون أحد عناصرها متواجداً بين خلايا وعناصر الإرهاب وإنما عن طريق الاعداد المسبق لقيادات فكر الانحراف منذ عقود ماضية وتهيئة الأجواء للقيادات الثانوية التي ترفد هذا الفكر بالدعم اللوجستي الذي يشمل صوراً عدة من أهمها الضجيج الإعلامي الذي ينطلق من عواصم غربية معروفة انطلقت منها الحملات الاعلامية التي عملت على نشر الفكر المنحرف، وأنشئت فيها منابر إعلامية ومواقع الكترونية لم تشكل قاعدة اعلامية فحسب، بل تضمنت قاعدة معلومات استفاد منها الإرهابيون كثيراً، وشكلت رافداً للفرق الارهابية في الدول الإسلامية حيث تسلم إرهابيو الداخل العديد من التعليمات والمعلومات من خلال القيادات التي كانت تقيم بكل أمان في بريطانيا وألمانيا وسويسرا وبلدان أوروبا الشرقية.
والمتتبع للعمليات الإرهابية التي شهدتها مصر واليمن والجزائر وكينيا وتنزانيا يكتشف مثلما اكتشفت حكومات تعرضت للإرهاب ان العمليات الإرهابية خطط لها في البلدان التي تستضيف قادة الجماعات الإرهابية فكثير من العمليات الإرهابية التي شهدتها مصر واليمن طبخت في بريطانيا ولا تزال القاهرة وصنعاء تطالبان برؤوس الفتنة الذين يقيمون في لندن.. بل ويقبضون مساعدات مالية من تلك التي تقدم للاجئين السياسيين. أيضا الجزائر تضررت من وجود قادة الجماعات الإرهابية الموجودين في ألمانيا وايطاليا وفي سويسرا ومعظم بلدان أوروبا الشرقية يتواجد الآخرون بعضهم تسلمتهم دولهم مثل الذين نجحت مصر في تسلمهم من البانيا، والبعض الآخر لا يزال يمارس دوره التخريبي ويرسل بتعليماته عبر أجهزة الحاسوب والانترنت.
أما من يطبخون ويعدون للأعمال الإرهابية التي تنفذ في منطقة الخليج العربي وبالذات في المملكة ويشحنون الشباب بعمليات غسيل للعقول المتفتحة والتي لم تجد فرصتها في الحصول على جرعات وقائية لانعدام التكافؤ للرأي الآخر، فلا يزالون هم أيضا يقيمون في أوروبا وأمريكا وقد أصبحوا مجندين للمحطة الفضائية إياها التي ما ان تحصل عملية إرهابية إلا وتبادر إلى إجراء اتصال مباشر متيحة الفرصة لهم لإحداث مزيد من الشروخ في جدار الأمن الاجتماعي والفكري المهيمن عليه من اتجاه واحد استغل فيه الدين أسوأ استغلال في توظيف خبيث للمآرب السياسية والشخصية لعواطف الناس الدينية والتزامهم الذي جبلوا عليه.
الآن فاق الأمر كل صبر وتبين الغث من السمين وبان خطر ترك الأمر مفتوحا دون فلترة فاختلط رأي الداعية الحقيقي مع فكر التطرف والإرهاب مع اتساع فرص انتشار رأي منفرد يمتلك كل المنابر والوسائل دون ان يتاح للرأي الواعي الذي يستطيع ان يواجه فكر المنحرفين، وهو ما يستدعي العمل بسرعة على تفعيل الآليات العملية لنشر الثقافة الواعية والفكر المستنير الذي عليه ان يواجه قوى التطرف والظلام بالحكمة والفكر الواعي المدعم بالحقائق حتى ننتشل الشباب من تعرضهم لموجات من غسيل المخ التي تسللت بسبب حكر الرأي على رافد واحد ثبت استغلاله من جماعات منحرفة، وطغيان التطرف على أفكاره متخطية الأفكار النيرة التي وجدت مزاحمة غير متكافئة وفرصاً غير متساوية.
|