تحدثنا في الأسبوع الماضي عن خطورة مرض الإيدز والدعوة إلى محاصرته ومواجهته قبل انتشاره، بعد أن ثبت وجوده.
ولعلنا حين نعترف بوجود مرض الإيدز في مجمعنا سواء جاء نتيجة ممارسات خاطئة ومحرمة أو عن طريق نقل دم ملوث لأشخاص أبرياء، فإنه من الضروري مواجهة هذا المرض ليس بالعلاج فحسب، بل لا بد من فرض قيود عالمية على الدول التي تسمح بالإباحية، وعدم السماح بوجود تلك الممارسات داخل أسوارها. وعلى منظمة الصحة العالمية دعم الخطط التوعوية والعلاجية للدول ولاسيما الفقيرة. هذا على مستوي العالم، أما على مستوى الحكومات فلا بد من إشهار سلاح الوقاية ضد المرض بالتوعية لسكانها بكل الطرق الممكنة، وتجهيز المؤسسات العلاجية للمصابين مع إمكانية العلاج مجاناً والحفاظ على سرية التحاليل الطبية، وفتح خط ساخن لتلقي المعلومات بطريقة سرية حتى لا نجرح مشاعر المتصلين الذين يطلبون المساعدة، وهذه الإجراءات من شأنها أن توقف زحف المرض وحصده أرواح الناس.
إن نجاح خطط الوقاية والعلاج في مواجهة الإيدز تأتي بداية من خلال تأهيل الأطباء وتمرسهم بالتعامل مع المرضى والنزول للميدان للكشف عن المرض، ثم التوعية بخطورته وإتاحة الفرصة للتعرف على المصابين وبالتالي علاجهم، وحفظ كرامتهم لأن مريض الإيدز يواجه النبذ من المجتمع بسبب ارتباطه بالممارسات الخاطئة وتعاطي المخدرات حيث تشكل نسبتهم 65% من المصابين.
ولا بد أن ندرك أن حالة مريض الإيدز لا تتطلب العزل حيث يعد ذلك مفهوماً خاطئاً، وهنا يأتي دور وسائل الإعلام برفع الغشاوة عن النظرة المجحفة لمريض الإيدز والمطالبة بدمجه داخل المجتمع والتعايش معه لأن طرق العدوى محدودة، كما على المؤسسات التعليمية والتربوية دور توعوي، وعلى الجامعات والمؤسسات الفكرية عقد ندوات للشباب سواء في النوادي الرياضية أو الأدبية وحتى المصانع والشركات والمطارات والمنافذ البرية والبحرية بحيث يكون طابعها الصراحة والشجاعة، واستخدام لغة الأرقام والإحصاءات لأنها أصدق مؤشر على وجود المرض وسرعة انتشاره، لا سيما للمرحلة العمرية الخطرة بين سن 15 - 25 حيث إنها تفتقد للتوعية الكافية. وعلى شركات الاتصالات بعث رسائل «بالهاتف الجوال» ونشر التوعية عبر الفواتير للمطالبة بالنظرة الإيجابية لمرض الإيدز مع التوعية بمخاطر الإصابة به.
كما لا بد من توجيه البرامج السياحية والعاملين بها لمخاطر هذا المرض وإعطائهم معلومات دقيقة عن خطورته ومضاعفاته وصعوبة علاجه على الرغم من وجود بشائر بإنتاج أدوية رخيصة الثمن - نتيجة لتعاون منظمة الصحة العالمية مع حكومات بعض الدول - توقف مضاعفات المرض أو الحد من انتشاره، إضافة إلى علاج الأعراض الانسحابية التي تبدو على المريض ومنها الشعور بالقلق والاكتئاب نتيجة للعزلة، وكذا الدعوة للاهتام بمريض الإيدز اجتماعياً واقتصادياً حيث لا بد من تقديم الدعم النفسي والاجتماعي والمالي بالتعاطف مع هذه الحالات وتقبلها، لاسيما من قبل الأسرة والأصدقاء بعد معرفة طرق الوقاية الصحيحة التي تضمن عدم انتقال المرض.. ولعل إنشاء الصندوق العالمي لمكافحة الإيدز يعد نقطة مضيئة لتعاون الحكومات بتقديم الأدوية والخبرات والدعم المالي لمواجهة المرض، وتنفيذ الأنشطة التوعوية التي قد تحسن الوضع بيد أنها لا تعد العلاج الناجع، ولعلنا ندعو المصابين بهذا المرض - من المسلمين - اللجوء لله سبحانه وتعالى بالدعاء الخالص أن يرفع عنهم هذا البلاء وخاصة ممن أصيب به بسبب ممارسات محرمة.
والمرض يعد خنجراً يسدد في قلوب مجتمعات العالم بأسرها حين ابتعدت عن الهدي الرباني واتجهت للعبث والفوضى في تجاهل لسنة الله في خلقه حين تجرأت على المساس بحمى الله وحقوقه على عباده {وكذلك اخذ ربك القرى وهي ظالمة ان اخه اليم شديد}.
وبعد.. ألم يأن لنا أن نتخذ السبل الوقائية لإيقاف هذا المنجل عن حصد أرواح البشر؟!.
ص.ب:260564
الرياض: 11342
|