فداحة الجريمة الإرهابية قد تدفع للاستغراق في الأسى والحزن وهذه حالة إنسانية لا فكاك منها غير أن الأمر يتطلب تدبر الدروس وإلا فإن الإرهاب لا يقتصر على عملية واحدة هنا أو هناك وما حدث قد يتكرر.
لقد عم الحزن الجميع.. ومطلوب من الجميع ألا يتجاوزوا الجريمة باعتبارها حادثاً عابراً بل النظر إليها في إطارها الصحيح كعمل تأمري منظم ومخطط له، وان هناك بشراً يعدون ويخططون وينفذون ويجندون الآخرين لضمان استمرارية هذه الجرائم.
هذه بعض جوانب الموضوع وهي تكفي لكي يعد كل مواطن نفسه للتصدي لهذه الأخطار، فالإرهاب يستهدف الجميع.. كما يستهدف الانجازات وخلق الاضطراب والقلق وقائمة طويلة من السلبيات التي تمس كل شخص.. ولأن مساحة الخسائر هائلة فإن الجهود التي تواجهها ينبغي أن تكون بذات الحجم وبمشاركة كل مواطن.
إن الإحساس بهذه المسؤولية وتهيئة النفس للتصرف بالطريقة السليمة يعني أن الأخطار ستتراجع إذا انخرط كل منا في العمل وبالطريقة التي يعرفها.. وأينما كان موقعه.. حيث يشعر الإرهاب بأنه مرفوض وأن الجميع يتربصون به، ولا يرتبط الأمر هنا بمدة معينة أو موقع معين بل إن سبل الحماية تتعدد وتتنوع حيث إن مجرد تنبيه الشباب أو الابناء إلى السلوك بطريقة سليمة بعيداً عن الغلواء والتطرف فإن في ذلك حماية لهم وللوطن من كل ما يرتبط بالتطرف وما يتعلق به من عزلة عن المجتمع وتعطيل لقوى يفترض أنها منتجة وحيوية في بناء المجتمع.
والمهم دائماً أن التصدي لهذه الاخطار ذات النتائج المأساوية يفترض انه عمل جماعي لا يهم فقط هذا الجهاز الأمني أو ذاك، على الرغم من المسؤولية القيادية لهذه الأجهزة.
ولا نقول إن المزيد من مثل هذه الجرائم يمكن أن يفيد في تعزيز التجربة الوقائية لكن يكفي ان يتم اثراء التجربة من خلال الافادة الى المدى الاقصى مما حدث بحيث يترسخ السلوك الطوعي في مواجهة مثل هذه المآسي.. وهناك الصور المتعددة للهجمات الإرهابية في الدول الاخرى وكلها تنبه إلى ضرورة التصدي وتعزيز آليات الحماية سواء في داخل كل دولة على حدة أو من خلال التعاون الجماعي الدولي وهو أمر أساسي في مواجهة الإرهاب الذي يتنقل بين الدول ويعمل انطلاقاً من شبكات دولية.
|