* الرياض - الجزيرة:
وصف معالي وزير الشؤون الاسلامية والأوقاف والدعوة والارشاد الشيخ صالح بن عبدالعزيز بن محمد آل الشيخ التفجيرات الأثيمة التي جرت في مدينة الرياض قبل أيام بأنها منكرة عظيمة قتلت النساء والرجال والأطفال الكبير منهم والصغير، وروعت الآمنين، وبثت الخوف في الناس، وسببت في انعدام الأمن.
جاء ذلك في كلمة معاليه القاها الليلة قبل الماضية في حفل ختام الدورة العلمية المكثفة للأئمة والخطباء والمؤذنين الذي اقيم في جامع الشيخ عبدالعزيز بن باز بالدلم.
وقال معاليه: إذا أخاف من تسبب في هذه التفجيرات السبيل، وأخذ المال، فقد حارب الله ورسوله لماذا؟ لأنه لا يرضى الله ورسوله بالفساد، وإنما أمر الله - جل وعلا - بالأمن وأمر الله - جل وعلا - بأن يكون المال محفوظاً، والنفس محفوظة، والعرض محفوظ، وكما قال عليه الصلاة والسلام:« كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه»، ولذلك هذه الأحداث التي جرت، هذه التفجيرات الفاجرة الأثيمة التي جرت منذ أيام ليلة في مدينة الرياض هذه مشابهة لما جرى قبل سنوات بحي العليا، وقد أفتى هيئة كبار العلماء فيها سابقا وأفتت في هذا الحادث وقال سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز - رحمه الله - في حينها في فتوى له فيما يتعلق بالتفجير السابق قال: إذا كان من يخيف السبيل، ويسرق عشرة ريالات يُعد مفسداً في الأرض، ومحاربا لله ورسوله، فكيف بمن يخيف السبيل بقتل الأنفس التي لا يجوز قتلها، وترويع الآمنين، وبث الخوف في الناس، والتسبب في انعدام الأمن، وهذا أمر عظيم.
وعد آل الشيخ هذه التفجيرات التي حصلت بأنها جمعت بين أمور منكرة عظيمة، الأول منها: قتل النفس، والله - جل وعلا - يقول:{وّلا تّقًتٍلٍوا أّنفٍسّكٍمً إنَّ اللّهّ كّانّ بٌكٍمً رّحٌيمْا}، والأمر الثاني: قتل المسلمين أكثر مما مات من غيرهم، والله تعالى يقول:{وّمّن يّقًتٍلً مٍؤًمٌنْا مٍَتّعّمٌَدْا فّجّزّاؤٍهٍ جّهّنَّمٍ خّالٌدْا فٌيهّا}
والنبي - صلى الله عليه وسلم - كما في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة يقول:«من خرج على أمتي بالسيف لا يتحاشا بين برها وفاجرها»، وفي رواية في مسلم :«لا يفرق بين برها وفاجرها، ولا يفي لدى عهد عهده فليس مني ولست منه»، والنبي - صلى الله عليه وسلم - قال:«إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا اللهم هل بلغت وجعل يرفع أصبعه الى السماء ويمكثها في الأرض الله فاشهد»، قال صحابة الرسول الله نشهد أنك بلغت، قال:«اللهم فاشهد اللهم فاشهد اللهم فاشهد»، دم المسلم الواحد عظيم.
واستطرد معاليه قائلاً: الأمر الثالث: قتل النفس المعاهدة من غير المسلمين لمن يأتون الى هذه الديار، جاؤوا بأمن وعهد إما الذي أمنهم ولي الأمر، أو جاؤوا وأمنهم كفيل لهم من المسلمين، والنبي - صلى الله عليه وسلم - يقول:«المسلمون تتكافأ دماؤهم ويسعى في ذمتهم آذانهم فمن كان في ذمة مسلم فلا يسطرن في ذمته»، وكون بعض الجنسيات التي حصل فيها القتل، أو بعض الجنسيات محارب لا يعني ان الجميع محاربون، فيهتك دم الجميع، وهذا لا يجوز فالمحارب له حكم، والمعاهد والمستأمن له حكم آخر، فالمعاهد قال النبي - صلى الله عليه وسلم - فيه كما في فتوى هيئة كبار العلماء السابقة:«من قتل معاهداً لم يرح رائحة الجنة» وهذا أمر عظيم، والأمر الرابع من المنكر العظيم والجرم الأثيم الذي وقع بسبب هذه التفجيرات أنها فيها اتلاف لأموال المسلمين، هذه المجمعات التي أنفق عليها مئات الملايين هي ملك لمن؟ ليست ملكا لهذه الشركات هي ملك لمسلمين أجرت على هؤلاء ففيها اتلاف لأموال المسلمين والنبي صلى الله عليه وسلم يقول:«كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه»، وهذا يبين لك شناعة هذا الجرم وشناعة هذه الأفعال وأنه يجب على الجميع التكاتف ألا ينتشر هذا الشر، لأنه كون يأتي جماعة في هذا البلد أول مرة يفجرون أنفسهم؛ ليقتلوا مسلما وكافرا في ذلك بحسب ما عندهم، هذا جرم عظيم وعمل آثم وشبهة عظيمة.
وتساءل معاليه - في سياق كلمته - كيف يأتي على بال المسلم أن يفعل مثل ذلك؟ وقال معاليه: إن هذا لاشك ان الذي أدى اليه أفكار وأقوال وآراء يجب أن تصد، ويجب أن يبين لأهلها أو لمن تأثر بها، وقال معاليه: بعض الناس يفرح، أعوذ بالله كيف هذا؟ إن ذلك ناتج من نقص العلم، ومن نقص فهم هدي الكتاب والسنة وهدي السلف الصالح وقواعد الشريعة.
وأوضح معالي الوزير الشيخ صالح آل الشيخ ان الشريعة الاسلامية جاءت بتأصيل خمسة قواعد هي: الحساب على النفس، والدين، والعقل، والمال، والعرض، وقال: فإذا كان الأمر كذلك كيف يقدم على مثل هذه الأعمال؟، وكيف يأتي الى الخاطر؟ أو مسلم يفرح بمثل هذه الأعمال؟ وهذا أمر منكر، والله تعالى جعل الفرح بالجرم والمنكر مثل فاعله، وهذا مما يجب أن تكون المساجد بمنسوبيها وطلبة العلم فيها والأئمة والخطباء أن يقوموا بالواجب في هذا الأمر، لأن هذا الأمر إذا انتشر فإن عاقبته عظيمة على الجميع لا يفرق بين أحد وأحد ولا تدري ما الذي يحصل في المستقبل.
وأبان آل الشيخ أن الله - جل وعلا - منَّ على هذه البلاد منة عظيمة بأن هيأ لها الاجتماع والائتلاف بتأسيس المملكة العربية السعودية بعد فرقة وشتات على يد الامام الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن - رحمه الله -، ووفق ذريته الى ما فيه الخير، وعشنا في ذلك الى هذا الوقت، وكونه يأتي من يجرم هذا الأمر، ويسعى في الأرض بالفساد، ويبعث الخوف، لاشك ان هذه من بث الفساد في الناس، والتخويف في الآمنين، ويصدق عليه كل الآيات التي ذكرنا سالفاً، منبهاً الى عدم التساهل في هذا الأمر، والمرء لا يأمن على دينه إذا فرح في منكر، أو جاءت نفسه وجاءها خاطر بالتساهل في هذا الأمر، وهو يعلم الأحكام الشرعية، أو وهو لا يعلمها فإن الأمر عظيم عليه في دينه والشاعر يقول:
فإن كنت تدري فتلك مصيبة
وإن كنت لا تدري فالمصيبة أعظم
|
كما تحدث معاليه في كلمته عن أهمية رسالة المسجد، مبرزاً معاليه الانجازات والنتائج التي حققها برنامج العناية بالمساجد الذي تنفذه الوزارة في جميع مناطق المملكة منذ شهر شعبان من العام الماضي 1423هـ.
وفي ختام كلمته، سأل معاليه الله - جل وعلا - أن يجنب البلاد كل مكروه، وأن يحفظ عليها دينها، وعقيدتها، وأمنها، وأمانها، وأن يوفق ولاة أمورها لكل خير، وأن يجعلنا متعاونين على البر والتقوى، كما سأل معاليه الله تعالى للجميع ممن يعلم الحق ويحرص عليه، وعدم التساهل في ذلك أمام شبهة، أو قول، أو ضعف قد لا يكون موافقا للشرع مؤكدا معاليه ان الواجب علينا أن ننتبه لهذه الأصول الشرعية التي ذكرنا ومن الآيات الكريمة المحكمة ومن كلام النبي - صلى الله عليه وسلم -، ومن القواعد الشرعية التي ذكرناها عن أهل العلم، ملفتاً معاليه النظر الى ان الأمر جد خطير، للمساجد فيه رسالة عظيمة، فكل عليه مسؤولية، فالله الله أن يؤتى الاسلام من قبله، موجها معاليه الشكر للجميع على حسن الاستماع، سائلاً المولى - جل وعلا - أن يوفق الجميع لما فيه رضاه.
وكان الحفل الختامي للدورة العلمية المكثفة للأئمة والمؤذنين والخطباء الذي رعاه معالي الوزير الشيخ صالح آل الشيخ قد بدأ عقب صلاة المغرب يوم الأربعاء الماضي في جامع ابن باز بالدلم بتلاوة آي من الذكر الحكيم، ثم ألقى رئيس مكتب الأوقاف ومساجد الدلم الأستاذ فهد بن سعد الشمري كلمة رحب في بدايتها بمعالي الوزير وصحبه الكرام، ثم تحدث عن جهود مكتب الأوقاف والمساجد في الدلم بشأن العناية بالمساجد بالمنطقة مركزا جهود اللجنة الشرعية الفرعية بالدلم المنبثقة عن اللجنة الفرعية بفرع الوزارة بمنطقة الرياض وذلك في تقييم منسوبي المساجد والجوامع في الدلم منذ انطلاق برنامج العناية بالمساجد ومنسوبيها في جميع مناطق المملكة، مشيرا الى ان أعمال اللجنة الشرعية الفرعية بالدلم قد نال استحسان جميع أصحاب الفضيلة المشايخ ذوي العلاقة، وقال: إن اللجنة الشرعية بالدلم استفادت من جميع أصحاب الفضيلة المشايخ ذوي العلاقة،
وقال: إن اللجنة الشرعية بالدلم استفادت من جميع التنظيمات والترتيبات التي وضعتها الوزارة ممثلة في اللجنة الشرعية المركزية في الوزارة المنبثقة عن اللجنة العليا للبرنامج.
وأثنى الشمري على التعاون البناء القائم بين المواطنين من أهالي الدلم وأعضاء اللجنة الشرعية الفرعية بالدلم خلال أداء أعمالها المنوطة بها في تقييم منسوبي المساجد والجوامع بالمدينة، مستدلا بذلك بالمساجد والجوامع العديدة التي تم بناؤها واعمارها على نفقة فاعلي الخير، منها جامع الشيخ عبدالعزيز بن باز - رحمه الله - الذي بلغت تكلفة بنائه «15» مليون ريال، وجامع الأمير عبدالعزيز بن فهد بن عبدالعزيز آل سعود بحي العزيزية بالدلم الذي تم اعماره على نفقة سموه الكريم بتكلفة أكثر من «6» ملايين ريال مع وحدتي اسكان للامام والمؤذن، كما تم افتتاح مسجد الهدي بالصحنة، ومسجد الامام البخاري، ومسجد الفراج، وقرباً افتتاح مسجد الناصرية بالدلم.
وأشار الى انه يوجد العديد من المساجد بالدلم قيد الإعمار، وتم كذلك ترميم العديد من المساجد وتسوير بعض مصليات الأعياد بمركز أوقاف ومساجد الدلم.
بعد ذلك القى رئيس اللجنة الشرعية الفرعية الشيخ سعد بن محمد الدريهم كلمة رحب فيها بمعالي الوزير بالدلم، معربا عن اعتزازه لرعاية معاليه لهذا الحفل الختامي للدورة العلمية المكثفة للأئمة والخطباء والمؤذنين وتحدث أيضا عن رسالة المسجد والواجبات المنوطة به وأهمية العناية به اعمارا وصيانة وتشغيلا وتجهيزا وكذلك الاهتمام بها معنويا عن طريق تنظيم واعداد البرامج الدعوية والارشادية بها مثل اقامة المحاضرات والدروس الدينية فيها.
وقال الشيخ الدريهم: إن من مظاهر عناية الدولة أعزها الله هذه اللجان الشرعية والفنية التي انبثقت من برنامج العناية بالمساجد ومنسوبيها بجميع مناطق هذه البلاد المباركة الذي تنفذه وزارة الشؤون الاسلامية والأوقاف والدعوة والارشاد تحت اشراف من معالي وزيرها رئيس اللجنة العليا للبرنامج الشيخ صالح آل الشيخ واصفاً هذا البرنامج بأنه خطوة مباركة أصلحت وصححت الكثير مما يتعلق بأمور المساجد وصيانتها والعناية بمنسوبيها.
وأعرب الشيخ الدريهم - في ختام كلمته - باسمه وباسم أعضاء اللجنة الشرعية بمركز الأوقاف والمساجد في الدلم عن شكره لمعالي الوزير الشيخ صالح آل الشيخ رئيس اللجنة العليا لبرنامج العناية بالمساجد ومنسوبيها على جهوده في انجاز فعاليات هذا البرنامج المهم، مطالبا معالي الوزير باستمرار عمل وفعاليات البرنامج لما فيه مصلحة بيوت الله في جميع أنحاء هذه البلاد المباركة.
ثم ألقيت كلمة الأئمة والخطباء والمؤذنين، ألقاها نيابة عنهم الشيخ سعود بن زيد المانع عبر فيها عن شكره وتقديره لمعالي الشيخ صالح آل الشيخ لرعايته حفل الختام لهذه الدورة العلمية التي حضرها مجموعة من الأئمة والخطباء عاشوا خلالها أحلى مجالس الذكر الله تعالى وحلقات العلم، كما تحدث عما تم تدريسه وتعليمه خلال مدة الدورة العلمية التي امتدت على مدار أربعة عشر يوماً، والتي تناولت العديد من الكتب الدينية المهمة.
وأكد الشيخ المانع أهمية أن يكون للإمام والمؤذن والخطيب مكتبة علمية خاصة به في منزله ليستفيد منها في أداء مهامهم وكذلك أهمية حضورهم لحلقات العلم التي تعقد بين الفينة والأخرى، ملفتا النظر الى ان على خطيب صلاة يوم الجمعة مسؤولية عظيمة لكونه مكلفا لتوعية الناس وتبصيرهم، وقد كلف المأمومون بالانصات شرعاً.
واختتم كلمته بالشكر لمعالي الوزير الشيخ صالح آل الشيخ على رعايته حفل ختام هذه الدورة الأمر الذي يدل ويجسد على اهتمام معاليه بالأئمة والخطباء والمساجد، سائلا الله ان يجزي الجميع خير الجزاء، وأن يوفقنا لما فيه الخير.
وفي ختام الحفل، أسلم بين يدي معالي وزير الشؤون الاسلامية والأوقاف والدعوة والارشاد ثلاثة أشخاص، منهم فليبينيان وواحد هندي، ولقنهم معاليه الشهادتين.
|