الأخطاء الطبية التي تحدث لدينا قليلة في عددها ومن يقعون ضحية لها.. ثم إنها لا تقارن في قائمة الأمراض مع حالات الإنفلونزا الشتائية التي نعرف طرق انتشارها.
* الأولى.. لم يثبت بأنها ناتجة عن قصد إلا في حالة اعتبارها تعمد وسبق اصرار مع تلك الوصفات بالمضادات الحيوية بدون حساب والأطباء يعرفون أخطارها القاتلة وهي التي توقف استعمالها في كثير من الدول.
* ولا تعليق عندي على ما ينشر بنسبة قليلة من الأخطاء الطبية.. فأن ينسى الفريق الطبي «فوطة» أو «مقص» ومشرط الجراحة في بطن مريض فهو نادر جداً كما هو الحال بعد نهاية مباراة كرة القدم حين يحتضن الحكم الكرة ليحتفظ بها للذكرى، أو لأسباب تتعلق بقوانين كرة القدم لا أدري عنها. وهي من وجهة نظري دعوة رياضية ملفتة للأطباء وفرق الجراحة للتأكد من أدواتهم بعد العملية زيادة في الاطمئنان وإجراء صحي مطلوب للاحتياط.. فالخوف أن يتسلل صرصار إلى بطن مريض ولا يلاحظه أحد.
* ومع أخطاء طبية ظاهرة صحية ومعروفة الأسباب يكون المتهم الحشرات وتكاثرها الذي نحن مسؤولون عنه.. البلدية والمنزل والمدرسة والمحلات.. وغيرها كثير ندرك بأن هذه الحشرات ناقلة للأمراض فنحرص على النظافة بالقضاء عليها ونرفض بشدة السكوت على وجودها ولكن إهمال محاربتها موجود ليس لقلة الوعي فقط فذلك أدهى وأكثر مرارة.
* قادتني الصدف قبل أيام لمراجعة مجمع الرياض الطبي.. هذا الصرح الذي يعني مركزية العلاج وقبول المحالين إليه من المحافظات الأخرى بالمنطقة علاوة على استقبال المراجعين والحالات من مراكز الرعاية الصحية الأولية.. وما أكثر هذه الحالات حيث الازدحام وحيث يعرف كثيرون وجود نخبة من الأخصائيين والاستشاريين والسمعة التي اكتسبها منذ أن كان من أوائل المستشفيات العامة في العاصمة الرياض.
* مستشفى الشميسي «وهذا مسماه سابقا» وبكل اضافات التحسين وتطوير المباني والأجهزة ومساندة القطاع الخاص في تزويده بالأحدث من الأجهزة الطبية، ما هي أحواله اليوم في الاهتمام بالنظافة؟!
هذه الزيارة لمجمع الرياض الطبي كانت اجابة صارخة بوجه آخر للأخطاء الطبية.
* اعتقدت الهدوء وسط الزحام طبيعياً في غرف الانتظار بوجود المراجعات بأطفالهن، وأمام أبواب العيادات والانتظار يتطلب الصبر ولا يعني ذلك السكوت فهي مسألة اهمال للنظافة تتحدث عن الواقع بأسى وكل مرارة.
* الملاحظات تسكن عيون الجالسين وكأنهم غير عابئين بكل المشاهد الساخطة وغير المكترثة بمعنى أن يكون هذا المكان للصحة ويرفع شعار محاربة المرض.. أو هكذا يجب أن يكون!!
* من جانبي أخذت في التأملات والنظر إلى ما حولي من هن جالسات بقربي..
إحداهن تشير لمن تجلس للتو في ممكان شاغر وبالإشارة تدلها على وجود بقايا متسخة من أحد الأطفال فتظل واقفة.
* يرتفع صوت امرأة أخرى وهي تحذر ثلاثة من المراجعات في جهة اخرى للابتعاد.. كانت اخر قوافل الصراصير تجري بعيدا بينما سيطر على المكان بعض الروائح غير المستحبة.
* كانت الرؤية متاحة إلى الممر واخترت مع البعض الوقوف هناك.
* احداهن تقول انها كانت تخاف الصراصير.. في المراجعة الأولى فقط وبعد ذلك اصبحت مشاهدتها عادية جداً.
* وتطرق سأم الانتظار بحديث مقزز عن الصراصير لأنها حشرات لها سلوكيات غير ما نعتقد فهي بمشاهدة الإنسان لا تهرب خوفا منه بل قرفا منه وتختبىء بعيدا لتنفض عنها غباره ورائحته.
* تؤكد بأنها ليست طرفة.. وإذا ب «أم سالم» يكشفها اللون الأسود تجعل المراجعة تصرخ فتركتها خشية ظهور«أم معبد» أو «أبو قيس» وحينها سيكون مصيرها غرفة الإنعاش.. هذا إذا سقطت بهدوء ولم تصب بإغماء نفسي أو فقدان ذاكرة لاسمح الله.
الممر بين هذه الغرف والذي يضاء نهارا يشهد جزءا كبيرا من الازدحام بالحركة التي تمثل هما صحيا وهو لا يتجاوز ما يقرره الطبيب وكم الأدوية الموصوفة أو موعد مراجعة أخرى وعملية.
* لا أقول شغلتني الصراصير فالكثيرون يألفونها وأجد للمستشفى بعض العذر فهي من النوع الذي قاوم المضادات وإلا لما وصل حجمها وعددها إلى ما يشاهد بسهولة فقد ترعرعت وأمنت شر العداوة الحاسمة.
* هنا.. وفي وضح النهار.. شيء لا يصدق..
* قطع عليَّ التفكير في إهمال النظافة وقع خطوات نسائية قادمة تقرع الأرض كالنغمات المحسوبة في الإيقاع الموسيقى.. «استغفر الله».
* هي إحدى الممرضات تحمل اوراقا بيدها وتمشي كجندي.. اختل التوازن فتسمرت نظراتي نحوها وهي تدوس صرصاراتائها وتمضي في طريقها كأن شيئا لم يحدث!!
* أدرت وجهي عن «الجريمة» المقززة وعدت إلى أصوات هائجة في غرفة الانتظار فقد التصق صرصار غبي بعباءة احدى النساء وشعرت به يمشي فوق جسمها فصرخت وأزعجب الممرضة التي خرجت بعد طول انتظار لطلتها البهية وهي تصرخ مطالبة بالهدوء.
* كل هذا وحينما يصبح عاديا في نظر المراجعين والعاملين بمركز طبي كبير فلا شك بوجود إهمال.. لا يهمني أن يكون عمدا أو تساهلا ولا مبالاة فيكفي وصول القراء إلى إحساس برغبة التقيؤ!!
ولكن يظل السؤال بحجم علامات استفهام تكبر كما تزداد الصراصير وتتكاثر الحشرات الناقلة للمرض وتكبر وهذا هو الأكثر أهمية إذا نظرنا لكارثة اهمال بهذا المستوى.
* وقد يفترض البعض وجود أسباب أقوى من القدرة الامكانية المتاحة للصرف على النظافة في مجمع الرياض الطبي.. مع هذا فلا يقبل أحد بالمبررات في مثل هذه الحالة بأي شكل من الأشكال كما لا أعتقد مسؤولية الممرضات والمراجعين بالمقاومة بتلك الطريقة المقززة وأمام أعين الجميع.
تذكار الخثلان
|