نعم إنه لجرم كبير وخيانة عظمى للوطن وخطأ قاتل ما قام به مجموعة من الأشرار تسللوا في غفلة من الأمن الى مواقع آمنة مطمئنة وفعلوا فعلتهم الشنيعة وفجروا بيوتا ومساكن يقطنها سعوديون وغيرهم كانوا بين أهلهم وذويهم، اطفالهم نائمون في فرشهم ووالديهم يستعدون للنوم لم يخطر ببالهم ان هذه ليلتهم الاخيرة وانهم سيفارقون الدنيا بفعل قتلة مجرمين لا يميزون بين طفل او شيخ أو امرأة أو رجل. هدفهم الوحيد هو سفك الدماء أياً كان مصدرها واسلوبهم القتل. كلما كان عدد القتلى كبيراً كلما اعتبروا انفسهم اكثر نجاحاً وانتصاراً، من يدري ربما بعضهم قد ذهب الى احد المساجد وصلى ركعتين شكراً لله على نجاح عملهم، كيف يتجرد الانسان من انسانيته ويصبح غولاً ووحشاً ضارياً. بل ان وحوش الغابة تأكل فقط لتعيش أما أولئك القتلة فيقتلون لأغراض خبيثة.
* إن من حرض أولئك الشباب على القتل والعنف والارهاب قد ساهم مساهمة كبيرة في الجرم بل انه اكبر جرماً ممن نفذ التفجير لانه المتسبب الأساس في العمل، القتلى في الحادث لم يقتصر على فئة دون أخرى بل يشمل الجميع المسلمين وغيرهم، مع التأكيد بان قتل غير المسلم دونما ذنب اقترفه هو اثم عظيم توعد رسول الله صلى الله عليه وسلم فاعله بأنه لا يشم رائحة الجنة.
ولابد هنا من التساؤل عن دورنا كمواطنين ماهو دورنا؟ هل نستنكر؟ هل ندين؟ هل نغضب؟ في نظري ان ذلك لا يكفي ابداً. فالمواطنة الحقة تذهب أكثر من ذلك بكثير لأن الادانة والغضب امران طبيعيان ومتوقعان لكن ماهو أبعد من ذلك هو المطلوب. لاشك ان المسؤولين سيبحثون عن المتسببين في التخريب والقتل ويوقعون بهم أشد العذاب، ونرجو الله ان يوفقهم لكشفهم والقبض عليهم بأسرع وقت ومعاقبتهم بما يستحقون حتى تهدأ النفوس وتطمئن القلوب، فالكل في خطر.
إنما مسؤوليتنا كمواطنين تحدد في القضاء على الاسباب المباشرة وغير المباشرة التي دفعت اولئك الشرذمة الشريرة على الاقدام على عملها القذر. اولئك كانوا في الاصل بنية صالحة وكما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «كل مولود يولد على الفطرة».. الحديث لكن المشكلة تكمن فيمن تولى تنشئة تلك النبتة وتحويلها من شجرة يمكن ان تثمر ثمراً صالحاً الى شجرة خبيثة ثمرها السم الزعاف. لو وفقت الفئة الباغية بتربية صالحة لاختلف الوضع ولاصبحوا لبنات صالحة في تنمية الوطن بدلاً من ان يكونوا معاول هدم وتخريب. اذن نحن مسؤولون أمام الله ثم أمام الوطن عن تربية الابناء. التربية التي تبدأ من البيت من الأم والأب مروراً بالمدرسة والرفقاء والمربين والمصلحين ولا نغفل دور المسجد كبيئة هامة في التربية الاسلامية الصحيحة.
ما حصل في اعتقادي ان الفئة التي تسببت في العمل التخريبي الكبير هو نتيجة غفلة المصلحين عن هذه الفئة واستغلالهم من قبل عقول شريرة اخذت على عاتقها تشكيل عقول بعض ابنائنا بحيث قلبت لهم الحق باطلاً والباطل حقاً والقتل والتدمير جهاداً واصلاحاً، ولان تشكيل عقول الصغار الى اهداف بغيضة سهل التحقيق لان العقول لم تنضج بعد فاستغل الاشرار أدمغة الصغار الغضة الفتية لوضعها في قوالب الشر والاجرام تماماً كما توضع خلطات الخرسانة في قوالب معينة لتكون اعمدة او جسوراً او ارضيات صلبة. كان يجب ألا نغفل عن ابنائنا وان نكون معهم دائما نعرف أين يذهبون ومن يتولى ارشادهم ومن يحاضر عليهم ومن يستغلهم وماذا يقال لهم وماذا يقرؤون لقد تأخرنا كثيراً او قل تأخر كثير من الآباء او قصر او غفل حتى حصل ما حصل.
المسؤولية لا تقف هنا فقط عند حدود الاسرة بل ان المسئولين عن التعليم عليهم واجب هام في المتابعة والحرص، وانا هنا لا اعرض بالمناهج التعليمية لانني لا اعتقد انها سبب في الانحراف كما يروج بعض الغربيين لذلك، ولكنني اقصد من قد يتسلل الى عقول شبابنا الفتية خارج مقاعد الدراسة في نشاطات مشبوهة، ظاهرها العمل النشاطي المشروع وباطنها غسل الادمغة وزرع افكار شريرية للقتل والتدمير هؤلاء وهم ان شاء الله فئة قليلة ينبغي بل ويحتم على ادارة التعليم وادارة المدرسة عدم منحهم فرصة لذلك ومتابعتهم والاشراف المباشر على برامجهم والتأكد من انها ضمن المنهج السليم، والا فإن النتجية قد تكون مدمرة خاصة اذا اكتشفت بعد فوات الأوان. لقد قصرت بعض الاجهزة التعليمية في ذلك وانشغلت بأعمال اخرى اقل خطورة. الان الوضع لا يحتمل التأخير او التقصير. الكل مدعو الى بذل الجهد والمساهمة في تربية النشء تربية سليمة تبعدهم عن الانحراف وتجعلهم في مأمن من كل من يحاول التغرير بهم وجعلهم وقوداً للافكار الشريرة. أنا واثق أن من حرض شبابنا على القتل والتدمير قابع في مكان آمن ربما خارج المملكة يبتسم بروح التشفي على من فقدوا حياتهم ولم يذرف دمعة واحدة لمن تسبب في قتلهم ولا يشعر بعطف على من نفذ لهم اعمالهم بل ناموا ليلتهم هانئين وفي الصباح بدأ في البحث عن ضحايا جدد من شباب صغار يفرغون في عقولهم سموهم ويشكلونها لكي تتوجه الى الارهاب والقتل ربما في اماكن اخرى او في نفس الاماكن. لا يهم ما دامت الاغراض الخبيثة لهم تتحقق. لكن هل يستمر ذلك، مسلسل العنف وتحويل شباب الامة الى قتلة ومجرمين؟ الجواب يبقى في ايدينا جميعاً اسراً ومسئولين في الدولة. الكل مطلوب منه ان يتقي الله في ابنائنا ويعمل على توجيههم الوجهة الصحيحة. الخسارة التي خسرناها في التفجير الآثم في الرياض ليست فقط في خسارة الارواح او الممتلكات، وإنما في خسارة من قام بالتفجير لانه كان يمكن ان يكونوا افراداً اسوياء فخسرنا تربيتهم وارواحهم.
أخيراً هل يحتاج الأمر مني الى ذكر دور رجال الامن الذي يتمثل في البحث والتحري والاستقصاء عمن يعبث بأمن واستقرار البلد، انهم اي رجال الامن يبذلون جهوداً مضنية في تحقيق اهدافهم وأداء مهماتهم وآمل ان يستقطبوا اعداداً اكثر من المؤهلين من ابناء البلد للمساهمة في العمل الامني عاملين دائمين او مستشارين ليتكامل عملهم مع عمل اجهزة الامن للوصول الى بؤر الشر واستئصالها وتطهر البلاد من آثامها وقطع الطرق على كل من يحاول ان يسيء الى بلادنا ويقذف بها في دوامة العنف والارهاب، نعم نحتاج الى كل من يساعد في ذلك لان الامر يهم الجميع.
|