Friday 16th may,2003 11187العدد الجمعة 15 ,ربيع الاول 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

هل جزاء الإحسان إلا الإحسان هل جزاء الإحسان إلا الإحسان
أحمد محمد طاشكندي

هل ارتاح الإرهابيون الذين قاموا بهذه التفجيرات المهولة في بعض أحياء مدينة الرياض مساء الاثنين 11/3/1424هـ وناموا قريري الأعين وضمائرهم رضيَّة بما فعلوه من أعمال خبيثة في حق وطنهم الذي تربّوا فوق ترابه وأكلوا من خيراته وشربوا من مياهه العذبة الحلوة..؟! أتصح هذه الأفعال القذرة التي اقترفتها هذه الفئة الضالة المخدومة ان تكون جزاء ما قدمته الدولة لهم من توفير الغذاء والكساء والتعليم والتثقيف والمعيشة الهنيِّة الرضيِّة لتكون ردا للجميل لوطنهم الخيِّر المعطاء..؟!
إنها والله لكارثة ان يصيب العقوق، وتمتلأ النفوس بكل هذه الكراهية لأبناء هذا الوطن الذين عُرفوا منذ القدم بأنهم من خير أمة أخرجت للناس تخاف من عقاب ربنا جل جلاله وتسعى جاهدة لتكون أمة خير ونفع لجميع الناس في أنحاء العالم..
أذكر أنني كنت مرة في اليابان، عندها هاجم بعض الإرهابيين اليابانيين قطاراً للركاب يحمل المئات من البشر وألقوا مواداً كيماوية غازية قاتلة للبشر فتسببوا بكارثة إنسانية كبيرة لأولئك الركاب المسافرين.. وعند الأصحاب قرأت تعليقات وآراء مسؤولين وغير مسؤولين في طوكيو، تستنكر ما فعله أولئك الطغاة عديمي الضمير لوطنهم اليابان، أثار في نفسي -وأنا العربي المسلم- حرقة وألماً كبيرين، وندمت ان شاهدت في محطات التلفزيون اليابانية وقرأت في صحفهم المحلية أخبار تلك الجريمة النكراء، وسألت الله سبحانه وتعالى، ان يجنب بلادي أمثال أولئك الإرهابيين.
والآن تتناول وسائل الإعلام المحلية والعربية والأجنبية، ما حدث مساء الاثنين الماضي في قلب مدينة الرياض الكارثة التي راح ضحيتها العشرات من مواطنيين وأجانب.. وأصيب عدد آخر من أبنائنا وأهلنا ليلتها وأدخلوا المستشفيات بالعشرات، ليتلقوا العلاج السريع وينجوا من الموت بأعجوبة..!
إنني لأرجو مخلصاً ان نستزيد في مناهجنا العلمية وكتبنا الدراسية التعليمية -في كل المراحل- دروس وعبر الماضي ليتعلم الأبناء والبنات معنى الوطنية وكيف نحب الوطن الغالي.. وكيف نعمل جادين من أجل ان نفدي بلادنا وأرضنا بكل غالٍ وعزيز، ونذود عن حياضها وأرضها باخلاص وتفانٍ لامحدود..
ان التربية الوطنية منهج قائم بذاته، ومطلب غالٍ لابد ان نعمل جميعاً -كباراً وصغاراً- من أجل تحقيقه مهما كلفنا الأمر.. ان المعيشة اليومية ليست أكلاً وشرباً ومناماً، وإنما هي ذكر الله جل جلاله وتهيئة النفوس - كل النفوس- للذود عن أرض الوطن الغالي وتفهم وتفْعيل الأحداث، على كل المستويات، لتصبح بلادنا العزيزة وطناً محبوباً يزخر بالقلوب الحانية والنفوس الطيبة الكريمة، وكل جهد نبذله وكل عطاء نقدمه للوطن فداءً ليس إلا قليلاً قليلاً في حق هذا الوطن العزيز.. والله المستعان ونعم الوكيل.
إذا تتبعنا سجل الإرهاب في السنين الأخيرة سنجد تزايداً ملحوظاً في ارتفاع عملياته وتفاقم مخاطره يوماً بعد يوم بل أضحت المتفجرات من أكثر أدواته استخداماً لماذا يا ترى؟ الجواب بسيط للغاية هو أن المتفجرات تختزن في جوفها طاقة مدمرة توازي ما بداخل مثل هؤلاء من دمار، لذلك استعذبها الارهاب لتدمير ما لا يتوافق مع هواه أو لا يتماشى مع ما يميل إليه مما ينبغي معه ان يكون كل مواطن أميناً على أمن وطنه حريصاً على حماية مجتمعه فلم يعد الأمن مسؤولية رجل الأمن لوحده بل إن كل مواطن هو رجل أمن هي مقولة ما فتئ يرددها رجل الأمن الأول وزير الداخلية صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز تعزز بها الهوية الوطنية وتقوى بها جبهتها الداخلية من خلال تعاون وثيق بين أجهزة الأمن وجمهور المواطنين بشرائحه وأطيافه ذلك أن تعاون المواطنين يشكل عنصراً أساسياً لمساندة الجهود الأمنية في الحفاظ على سياج الأمن من الاختراق من قِبل الخارجين على المضمون الوطني وفي معنى هذه المعادلة تقوى صيغة ثقة بناءة تصب في مصلحة الوطن وإنجازاته وبها يمكن دحض نوايا المتربصين بأمن البلاد حتى وان تقمصوا ثوب المواطنة لخداعنا وشق صفوفنا والانقضاض علينا من دارنا ففي ظل التواصل الشعبي المتين نستطيع تطويق العمليات الارهابية قبل وقوعها بعيون ناظرة وأحاسيس مستشعرة لماهية الاخطار أو ما يوحي بتصرفات غير مألوفة قد تشكِّل خطراً ما على أمن الوطن.. فالله الله في أمن الوطن يا أهل الوطن.
فحب الوطن من الإيمان ومن الإيمان ينبثق الأمن الذي تستقيم به الحياة ويستظل تحت ظله الوطن وتبعاته وفعاليات معايشه ومقومات بيئته فللوطن علينا جميعاً واجب الدفاع والذود عنه فكل مواطن في عنقه بيعة للوطن وولي الأمر فيه، وكل مواطن خفير، وسلامة الوطن ذمة مستجابة الوفاء بها ورعايتها ليأتي خيرها أماناً وظلها استقراراً وريعها طمأنينة وحباً وسلاماً لأبناء الوطن ومن عليه لتتواصل المسيرة في أمان الله.

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved