يوم بعث الله خاتم الأنبياء والمرسلين محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم بعثه بدين الحق.. دين إخلاص العبادة لله وحده.. دين الإسلام، الذي يعني السلام.. السلام في شتى مناحي الحياة.. الإسلام منذ أن بعث رسوله الكريم عليه الصلاة والسلام وهو يدعو إلى سلامة الإنسان سواء كان هذا الإنسان مسلماً أو غير مسلم وبعثات الرسول الكريم كان يوصيها ألا تقتل شيخاً ولا تعضد شجراً ولا تؤذي راهباً في صومعته وما إلى ذلك من الوصايا النبوية التي تدل على رحمة لم تكن الإنسانية تعرفها على مر عصورها. سار على نهجه العظيم خلفاؤه الكرام أبو بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم أجمعين وكما صح عنه صلى الله عليه وسلم أن خير القرون قرنه ثم الذين يلونه ثم الذين يلونه.. بعد هذه الخيرية المتناقصة ظهرت فرق ادعت حرصها على إقامة الإسلام ولكن بأفكار أبعد ما تكون عن الفكر الإسلامي القويم، وكان هؤلاء يعتقدون أنهم هم المسلمون الحق وما سواهم على ضلال.
إن هذه الفرق والجماعات ما ظهرت إلا يوم ضعف الفكر الإسلامي النقي.. فكر ينطلق من كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
واليوم.. ونحن نعيش عصر ازدهار مثل هذه الأفكار المنحرفة.. والمعتقدات الباطلة، تعيش الأمة حالة من الركود الفكري.. ركود فتح المجال لأصحاب الأهواء وأرباب الفساد والإفساد أن ينشطوا ويكون لهم أتباع ومريدون.. نشطوا هؤلاء ولكن للأسف لم يكن لهذا النشاط دونها فعل لدى أصحاب الفكر الصحيح..!!
يوم يقوم فئة من أبناء المجتمع بتكفير ولاة الأمر من علماء وأمراء ومصلحين.. ويوم يقوم هؤلاء بتبني أفكار هدامة تدعو إلى العنف وترويع الآمنين وقتل المستأمنين، فإن ذلك نتيجة طبيعية لعدم وجود فكر مضاد.. فكر يقول:
{تّعّالّوًا إلّى" كّلٌمّةُ سّوّاءُ } لا فكر التجهيل والاستخفاف والتجاهل.
أقول هذا بعد حدث جسيم.. نفسياً قبل أن يكون مادياً.. يالهول الحدث.. حدث يهز القلوب المؤمنة والضمائر الحية.. ليس لجسامته المادية ولكن لهزته النفسية لأبناء هذا الوطن الذين ما عرف عنهم إلا أنهم دعاة سلم وسلام وإسلام.. ولكن كل ما حصل نتيجة طبيعية لانفتاح المجتمع على المجتمعات الأخرى وتلقي أفراده ثقافات متعددة.
واليوم.. ونحن نمسح دموع أطفال فجعوا بفقد والدهم ونواسي أماً مكلومة برحيل ثمرة فؤادها..
وزوجة تعزيها في رفيق دربها، نقف وقفه مراجعة.. وقفة وضع النقاط على الحروف بكل شجاعة فليس من المنطق أن نضيف كل ما حصل إلى الآخر دون النظر إلى أنفسنا. فمن المعلوم أن القضية قضية فكر.. فكر انحرف فانجرف بهؤلاء إلى العداء مع أنفسهم قبل الآخرين.. ولكن هذا الفكر المنحرف لم يواجه بفكر سليم بل ترك ينمو.. وينمو حتى شق طوقه فأحدث الحدث يدمر عقولاً قبل أن يدمر قصوراً..
بكل صراحة- هل واجه إعلامنا هذا الفكر المنحرف-؟ هل ارتفع صوت فكرنا السليم؟ هل تصدى أصحاب العلم الشرعي الصحيح لذلك..؟ بكل أسف لا ثم لا.. رغم غضب الغاضبين من مقولتي تلك.
إن كل ما حصل أصوات هنا وهناك.. أصوات عاطفية لا تستند إلى منطق في طرحها ونظرتها إلى تحت قدميها سقيمة العبارة باهتة الدلالة. انظروا!! حوارات الإعلاميين، محاور رياضي مع الأحداث تحول إلى محاور فكري يسأل ويجيب، أحياناً كثيرة ضيوف في شتى التخصصات من علم اجتماع وعلم نفس بل وأساتذة سياسة تحولوا إلى فقهاء والعكس صحيح فقهاء صاروا بين عشية وضحاها منظرين في الشؤون السياسية.. وضع إعلامي ثقافي لا يتناسب والأحداث المحيطة بنا بل لا يرقى إلى أن يكون إعلاماً البتة.
إن الجميع متفق على أن القضية قضية فكر لذا فلابد من مواجهة هذا الفكر بفكر آخر.. فكر يدل الى الحق.. فكر يقول الحقيقة التي تهدي إلى السلامة للأمة جمعاء. لا أريد أن أدخل في تفاصيل ما يمكن أن يكون فالمسألة تحتاج إلى دراسة مستفيضة ليس كلها صفحات الجرائد.. ولكن ما أريد أن أقوله إن إعطاء «الخبز لخبازه» هو الطريق الصحيح للخروج من هذا النفق المظلم.
خاتمة:
رغم كل ما حصل ستبقى يا وطني شامخاً لا تزيدك الأحداث إلا ترابطاً بين قيادتك وشعبك الأوفياء أبناء بررة وآباء رحماء.
* رئيس مجموعة المعراج الدولية
|