لا أحد على وجه البسيطة يرى مبرراً مقبولاً لذلك التفجير المحزن الذي تم في مدينة الرياض، ولا أحد يملك ذرة من عقل يمكنه ان يقتل الآمنين في منازلهم كيف يمكن لذي لب ان يقبل قتل عائلة التقت مع بعضها لتشاهد التلفاز، أو تتناول طعام العشاء، وكيف يمكن قبول قتل طفل برىء نائم في فراشه، لا يدرك ما يجري من حوله من أحداث، كيف يمكن قبول وأد شيخ كبير، وامرأة عجوز خلدت الى فراشها بعد الملل من الكبر ومعاناة الألم، وكيف يمكن لذوي الأحلام والنهي ان يقبلوا قتل شاب ينظر الى غدٍ مشرق، بعد ان بات ليلته آمناً ليقوم في غده بممارسة حياته اليومية لكسب قوت يومه، لا مبرر لما حدث، ولا منطق عقلي أو نقلي وراءه، لم يخدموا بفعلتهم تلك ديناً ولم يحموا وطناً ولم يوصلوا رسالة.
إذاً يا تُرى لماذا قاموا بما قاموا به؟
الى جواب لهذا السؤال علينا ان نطرح بعض الفرضيات أولها بفرض ارتباطهم بتنظيم القاعدة، وهذا يعني تبني تلك الأفكار الإرهابية المشينة والمعروفة والممقوتة من سائر ذوي الألباب، أو الأمر الثاني افتراض تبني تلك الأفكار دون علاقة بالتنظيم، فتلك الأفكار القاعدية، منتشرة في بعض الدول في العالم، وهي أفكار بنيت على ضلال، مستمدة من ذلك الضلال من انتقاء نصوص دينية، وتفسيرها بما يخدم هذا النهج، ولكن من قاموا بهذه الجريمة ونفذوها قد لا يكونون هم المنتقين لتلك الأفكار، أو مدركين بما تحمله من أهداف، فهم أدوات إجرامية لتنفيذ جرائم انسانية، لكن من المؤكد ان ذلك الانتقاء الفكري الذي حملوه، قد تم من قبل أناس مخططين لهم أهداف وغايات غير نبيلة، كان الحقد واقعهم، والإجرام وسيلتهم.
كل مشارك في هذا العمل مجرم لاشك فيه، وكل مساعد في تنفيذه أو متستر على فاعليه مشارك فيه، ويبقى بعض المتعاطفين مع المجرمين الذين يؤمنون بذات الفكر، لكنهم ينتقون جملاً فضفاضة، وتعابير غير واضحةٍ، يمكن لأي لبيبٍ أن يشم بين ثنايا كلامهم شيئاً من التعاطف مع أولئك المجرمين، وهم في رأي الوقود الذي يؤجج ذلك الضلال، والاسلام من تلك الأعمال الاجرامية براء، والأخلاق العربية منها براء، والمنطق الانساني والأعراف بعيدة منها كل البعد، ولهذا فإن هذا العمل الاجرامي هونموذج فريد من ضلاله، لم تحمله الكتب السماوية أو الفلسفات العالمية، فجميع الكتب السماوية، التوراة والانجيل والقرآن تحمل مكارم الأخلاق، وتدعو البشرية الى ما فيه خيرهم، كما أنها تحرم على الانسان التعرض للانسان الآخر في نفسه، وعرضه، وماله والفلسفات الانسانية جميعها مثل الطاوية، والكنفوشسية، والبوذية، والأرسطوية، والافلاطونية، وحتى فلسفة ابن رشد والنظام العلاجي، لم تبح دماء البشر أياً كانت ملتهم.
الإسلام قنن التعامل مع غير المسلمين فكان هناك الذمي، والمكاتب، والمعاهد، وحفظ لهم جميعاً حقوقهم المالية، والإنسانية والشخصية فما بالك بالدماء.
إن ما قام به هؤلاء المجرمون، إنما هو تنفيذ لفكر يجب اجتثاثه بتصحيح تلك الأفكار ومحاسبتها بجميع الوسائل المتاحة.
هذا الذي قام بالإجرام يقود سيارة صنعها غيره، ويلبس ثوباً نسجه غيره، وحمل بندقية صممها غيره، ودفع أقيامها من ماله، فهل يا ترى لو أشغل نفسه بصناعة السيارة، ونسج الثوب أليس بذلك قد أفاد نفسه ووطنه ودينه؟ ولكن ولكن ولكن!!!.
|