* بغداد - وارين ريتشي:
في اليوم الثالث من الحرب في العراق، أجبرت مروحية أمريكية من طراز أباتشي على الهبوط بعد تعرضها لوابل من نيران الأسلحة الخفيفة شمال شرق بلدة الحلة،سرعان ما جرى أخذ الطيارين رونالد يونغ، من بلدة ليثيا سبرينغ بجورجيا، وديفيد ويليامز، من اورلاندو بفلوريدا، كأسرى، تم تحريرهما في 13 أبريل بواسطة قوات عراقية هاربة على طريق في شمال بغداد. احتلت قصة الطيارين العناوين الرئيسية للصحف في الولايات المتحدة، غير أن القصة التي لم تعرف بشكل جيد هي تلك الخاصة بما حدث لطائرتهما المروحية من طراز أباتشي لونغبو ذات التقنية العالية والبالغ تكلفتها 20 مليون دولار. بالرغم من أن محنة الطيارين كانت محل القلق الأكبر للجيش، إلا أن المسؤولين كانوا قلقين أيضا بشأن الطائرة، إذ أنها تحوي بعض أشد أنواع التقنية العسكرية المستخدمة حساسية، أراد المسؤولون إبقاء هذه التقنية بعيدا عن الأيادي المعادية، يقول المقدم جوزيف ريتشارد، وهو ناطق بلسان القيادة، «الطيارون مدربون على محاولة تدمير أية أجهزة حساسة، لكن في بعض الأحيان لا تتوفر الفرصة،أحيانا لا يكون أمامك سوى أن تنجى بنفسك». تتمتع الأباتشي لونغبو بنظام رادار متطور يمكنه القيام بمسح الأهداف المحتملة في نطاق يتراوح بين 8 و 10 كيلومترات، إنه نظام يعين الطيارين على تتبع قوات العدو حتى عندما تكون مختفية وراء دخان أو ضباب. تحمل اللونغبو أيضا أجهزة اتصال آمنة، مشفرات، رادار ومشوشات تحت الحمراء، أنظمة تحذير من الصواريخ المعادية، وأنظمة إجراءات صاروخية مضادة، بالاستعانة - جزئيا- بمشاهد الأخبار التلفزيونية التي أظهرت اللونغبو المسقطة وهي سليمة على ما يبدو، كان بوسع مسؤولي الإنقاذ أن يحددوا بدقة موقع المروحية، صدر أمر بتدميرها.
يقول المقدم بالجيش الأمريكي ايريك نيلسون، وهو ضابط عمليات جوية بالقيادة، «قمنا بتوجيه طائرة إلى الموقع، لكن عند وصولها للموقع، كانت هناك سحب كثيرة، كان في وسع الطيار أن يرى المروحية (على الأرض من بين السحب)، غير أنه لم يستطع أن يحصل على فرصة تسديد جيدة». من ثم، قام مسؤولو الإنقاذ بتغيير الخطط، قرروا بدلا عن ذلك الاستعانة بنيران مدفعية بعيدة المدى، لكن موقع سقوط الطائرة كان قريبا من قوات أمريكية، واستغرق الأمر بعض الوقت لإخلاء قواتنا من مرمى المدفعية وذلك من خلال التنسيق مع القادة في المنطقة. بحلول ذلك الوقت، على أية حال، كان العراقيون قد قاموا بتحميل المروحية على ظهر شاحنة، ليومين كاملين، فقد المسؤولون الأمريكيون أثر اللونغبو. عند بلوغ القصة هذه المرحلة، يبدأ المسؤولون العسكريون في انتقاء مفرداتهم بحرص شديد، كل ما قالوه هو «شاهد شخص ما المروحية وقام بإبلاغنا»، لكن ليس سرا أن عددا كبيرا من جنود القوات الخاصة كانوا يعملون وراء خطوط العدو. نقل العراقيون المروحية إلى أحد المجاري قرب ما كان يسمى حينه بمطار صدام الدولي، قاموا بتغطيتها بخيام للتمويه. يقول المقدم نيلسون «بمجرد تحديدنا لموقع المروحية، قمنا بإرسال قاذفة تابعة للقوة الجوية للمنطقة، وفي هذه المرة دمرنا المروحية، لم نرغب في تعطيلها فقط، أردنا تدميرها تماما حتى لا يمكن استغلال مكوناتها». بعد اسبوع من ذلك، تقدمت فرقة المشاة الثالثة خلال المنطقة، لتستولي على المطار، تم إرسال مجموعة خاصة لإنتشال ما تبقى من الأباتشي. اليوم، لا يكاد يبقى للمروحية أثر - مجرد هيكل ملتوي من المعدن الأخضر والأسود في حجم يماثل حجم شاحنة نفاية صغيرة، إن الجزء الوحيد الذي يمكن التعرف عليه منها هو درع كفيلار الواقي الذي يسند مقعد الطيار، المقعد نفسه لا أثر له. لا يزال الحطام ينتظر نقله إلى متخصصي الإنقاذ الأمريكيين في الكويت، يقول نيلسون «نحن لا نترك مخلفاتنا القتالية ملقاة في ساحة المعركة، لا يتعين أن يقوم العراقيون بالتنظيف وراءنا».
خدمة كريستيان ساينس مونيتور- خاص بـ «الجزيرة»
|