لم أستطع الحديث سوى عن هذا الموضوع، أو هل هناك أمر يسترق رائحة الأمن التي كانت تعطر وسائدنا كل ليلة.. سواه؟؟
من يريد أن يختلس وجه مدينتي؟؟ من يطارد الرياض بمجموعة أفكار خفاشية تسقطها من هنا وهناك وآراء مظلمة تصدر من الكهوف والسراديب الخلفية، لأنها لا تستطيع أن تجاهر الضوء، ولا تستطيع بنيتها السيئة أن تصمد أمام نقاء النور وعفته.
وصوت الكون وتعدديته، وانهمار الصبح في طرقات المدينة، ودبيب الشيوخ في الفجر نحو مساجدهم، والمنازل التي تتمطى على صيحات الأطفال وصخبهم، وهم يغادرون إلى المدارس، والجيران الذين يتجاورون بحسن الظن ويتواشجون بالمحبة، الشوارع التي يطل فيها رجال الأمن على المحاور وحين يجدون بداخلها عائلة تعامل معاملة خاصة كأنها سيارة ملكية.
الأسواق التي تنثر معروضاتها حتى يتعب الليل، والمحلات التي تغلق بحجاب مرهف لأداء الصلاة، والبنوك النسوية المطمئنة برائحة وادعة عجيبة لا نعرفها، ولم نجربها في مدن العالم سوى في الرياض.
الأمن هو هناؤنا وحاجبنا عندما ننسى الأبواب والمفاتيح ونتركها لأمن الرياض ورب العباد، والعائلة السعودية عائلة هادئة ووقورة ويندر أن تميل إلى العنف أو المشاكسة، فمن الذي يساوم على وجه الرياض؟؟ من الذي يعد حقيبة جزائرية مرعبة يحاول أن يدس الرياض بها؟؟
رياضنا الصحراوية الرؤوم تحتاجنا تلك التي تلفنا بداخل غرفها المكيفة صيفا وتطلقنا نحو فضائها الأزرق شتاء، رياض عشقنا القديم الذي لا يتبدد، تحتاج أن نحميها من الذي يحاول أن يتسلق أسوارها الخلفية ويختلس تاج أمنها.
الرياض اليوم مسؤوليتنا أمانتنا بين يدينا، لن نغفر من يخلي مسؤوليته ويتعامل مع الموضوع بلا مبالاة، أو لربما يسقطه في باب التأويلات والظنون، لن تغفر الرياض لأي شخص تمنحه صدرها يسير عليها غدوة ومساء ومن ثم يلقمها بحجر الصمت والخرس.
المعلم مسؤول أمام طلابه، والإعلامي مسؤول أمام جمهوره، والأب مسؤول أمام أعين اطفاله المذعورين والمستديرة بالأسئلة.
المسؤول مطالب بيد حديدية تقتص الأفاعي رؤوسا وأذنابا في كل مكان.
كلنا اليوم مسؤولون ولن يتنصل أحد من هذه المهمة.
إنها الرياض
إنها رياضنا رياض الهوى الذي يسري مسرى الدماء، رياض المراتع والمرابع والمغاني والمباني والصبابة والصبا.
إنها الرياض
|