«بكاء المرء من خشية اللَّه قُرَّة العين»...
هكذا يقول المؤمن...، وجرى هذا القول على الألسنة، ذلك لأنَّ قرَّة العين فيه تكمن في الإحساس باللَّه تعالى ربَّاً قريباً، رحيماً، عفواً، كريماً...
عندما يخشاه المؤمن يقرب منه بخشيته، وحين يحتسب له عمله وقوله، يطمئن إلى رضاه برحمته، وعندما يخطىء يهابه فيدنو منه بالتوبة، فيثق في عفوه بمشيئته، وعندما لا يكون له من أمره حيلة يجده بالدعاء والتوكُّل معه، فتقوى عزيمته، بعونه تعالى...
أفلا يكون في بكاء المرء قرَّة عين وهو يتقلَّب بين هذه الأحوال، ويتغلَّب بكلِّ أمل فيه وهو يتمسَّك بحبه لرَّبه واعتماده عليه، وتوكُّلِه على حوله، ولرغبته في رحمته واستجابته؟...
لكن، كيف هو بكاء المرء من ظُلْم الأخر له؟!....
وكيف هو بكاء المرء من غَلَبة البشر، ومن تَبدُّل أحوالهم، ومن تسلَّطهم عليه، ومن سوء تعاملهم معه، أو جور قوَّتهم عليه؟..
كيف بكاؤه حزيناً ممَّا يجد منهم؟!...
وكيف هو حال بكائه مغلوباً على أمره فيما بينهم؟...
كيف يكون البكاء شقاءً...؟
ومتى يغدو البكاء شكوى...؟
ولماذا يكون البكاء حسرة؟...
وكم يكون البكاء شظايا جارحة، حارقة، قاتلة، في تعبيرها عن حال المرء؟...
خشية اللَّه تدرُّ الدموع قرَّةً للعين...
الخوف من البشر، والبوح عما يتركونه من أثر في النفوس يدرُّ الدموع تظلُّماً تظلم له العين ويكون بؤساً... وألما...
للَّه ما أعمق الدموعَ وهي تبوح عمَّا يختلج في الداخَّل!!...
وتقول ما لا تفعل البشر
وتفعل ما لا تقدر أن تقوله...
|