Thursday 15th may,2003 11186العدد الخميس 14 ,ربيع الاول 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

شدو شدو
في موضوع الموضوع
د.فارس محمد الغزي

اليوم هو الخميس.. فدعني اذن عزيزي القارئ أتخيل أننا لا نزال في صباحه الباكر وان الجميع نيام لم يستيقظوا بعد وأنا وأنت فقط هما الوحيدان المستيقظان هذه اللحظة لنقرأ موضوعاً كتبته عن موضوع لم أكتب عنه قط.. لم أكتب عنه بعد بل لن أكتب عنه أبداً لا لشيء سوى لعجزي (النفسي) عن الخوض في تفاصيله فكرياً. أما محور هذا الموضوع (الأمنية) فيتلخص في أنني قد تخيلت ذات مرة انني قد استيقظت في أحد الصباحات الجميلة وأمسكت بالقلم لألج في سراديب غيبوبة كتابية لم يوقظني منها إلا صدى صوت قادم من بعيد يزف إليّ التباشير والتهنئة الحارة لأن قلمي قد استطاع في النهاية ان يحبر بكل سرور وحبور ما أراد فكري تحبيره بكل صراحة. هذا هو النصف الأول من موضوعي الأمنية فإليك بنصفه الآخر.. حيث حلمت في الليلة اللاحقة ان موضوعي هذا قد تم نشره بل إنه قد عبر على خير من دون ان يتم تأويله على نحو خاطئ.
إنني أعتقد أن الوضوح الشديد حين الكتابة له مع الأسف الشديد وقع أو تأثير الغموض الشديد. فقد يحدث ان تكتب بطريقة أبسط من البساطة المعتادة فيحدث في المقابل تأويل مقاصدك بشكل خاطئ تماماً كما في النتيجة الحتمية في حال كان أسلوبك غامضاً. إن بساطة الموضوع مضافاً اليها الجهد المبذول عقليا لفهم شيء بسيط أساساً يعقد المسألة وهنا يتم إقحام الكاتب قسرياً في غرفة ولادة التأويلات الذهنية الخاطئة لتتم الولادة بعملية قيصرية.
إن القراءة امتحان ذاتي لقدرة الذات على الفهم وملكية الذكاء - حتى لو عدم الذكاء- حق انساني مشاع بل لازمة من مستلزمات الوجود الإنساني وحين يتمطى في الأفق أي تهديد لهذه الملكية الغرائزية يسارع العقل أوتوماتيكياً إلى الانتقام من مصدر التهديد عن طريق التأويل ولو بشكل خاطئ. لكأني بالعقل الإنساني هنا يحقد على ذاته حين لا يفهم ما يقرأ وهنا وتداركاً للأمر يسارع هذا العقل في تخفيف تأثير ذلك عليه عن طريق تبرئة الذات غير المستوعبة واخلاء طرفها بالتأويل الخاطئ للموضوع اسقاطاً على مقاصد كاتبه.
شكراً عزيزي القارئ فبصحبتك النفسية -خيالاً- استطعت ان أحدد فكرة موضوعي كما لم أستطع من قبل. إنها كما يبدو تتلخص في سر العلاقة الوطيدة بين (الخوف من الخطأ والوقوع فيه) بعبارة أخرى: في حتمية الوقوع في الخطأ حين الخوف الزائد منه فهل تشاركني الرأي بأنه من الممكن ان خوف الكاتب من «الفهم الخاطئ» قد يدفع به إلى الوقوع من حيث لايدري في خندق ما خاف منه..؟ ولماذا غالباً (ما تسقط البراءة بالكاتب على الظنة).. تماماً كما هي مضامين المثل العربي القائل نصه: «سقطت به النصيحة على الظنة» أي أسرف بالنصح حتى اتهم فعلا.. ولعمري فالنصيحة هي زاد الكاتب مثلما هي مطية الكتابة؟!

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved